الآيزوتريتينوئين في مواجهة حبّ الشباب؛ كلُّ ما يجبُ أن تعرفه!
الكيمياء والصيدلة >>>> صيدلة
حَبُّ الشّباب (العُدّ الشائعُ) Acne Vulgaris حالةٌ جلديةٌ شائعةٌ في سنّ اليفاعة adolescence تسبّبُ البثراتِ والحطاطات1، وعادةً ما تصيبُ الوجهَ والظهرَ والعنقَ والصدرَ والساعدين، تتضمّنُ التهاب الجُريباتِ الزهميّةِ (الدهنيةِ) وتتنوّعُ شدّتُها ما بين الخفيفةِ إلى المتوسّطةِ فالشديدة.
وبكلماتٍ علميةٍ أكثرَ دقّة؛ فإنَّ حبَّ الشبابِ مرضٌ التهابيٌّ يصيبُ البشرةَ وتحتَ البشرةِ وتحدثُ فيه زيادةٌ في المفرزاتِ الدهنيةِ، يترتّبُ عليها نموٌ غيرُ طبيعيٍّ لجراثيمِ النبيتِ الطبيعيّ التي تُدعى البرُوبيونيّة العُدّية Propionibacterium acnes2، وهي تنمو عادةً بشكلٍ عاديّ على الجلد، إلاّ أنّها عند تكاثرها غير الطبيعيّ يعتبرها الجسمُ مستضداتٍ لابدّ من التصدّي لها ليتحوّل بذلك المرضُ إلى حالةٍ التهابيةٍ مناعيّة.
يمكنُ أن تجدَ تلكَ الزيادةُ السابقةُ من المفرزاتِ الدهنيةِ طريقاً خارجيّاً إلى سطحِ الجلدِ لتصطبغَ باللّونِ الأسودِ لدى تعرّضها للشمس؛ فتشكّلُ ما نعرفُه بالرؤوسِ السوداءِ، أو يمكن أن تبقى حبيسةً تحتَ البشرةِ؛ لتشكّلَ مانعرفُهُ بالبثورِ البيضاء.
ماذا عنِ العلاج؟
يسلكُ علاجُ حبّ الشبابِ اعتماداً على شدتّه منهجَين علاجيَيّن رئيسيَن، يقتصرُ الأوّلُ على ترطيبِ البشرةِ والاعتناءِ بها والابتعادِ عن المستحضراتِ التجميليّةِ ذات الطبيعةِ الزيتيّة، وذلك في الحالاتِ الخفيفةِ إلى المتوسّطة. فيما يعتمدُ المنهجُ الثّاني على العلاجِ الدوائيّ الموضعيّ أوّلاً ثمّ الجهازيّ، وذلك في حالاتِ الالتهابِ الشّديدةِ التي تُعرف بحبِّ الشّباب التنخّريّ necrotic.
ويُعدُّ الآيزوتريتينوئين من أشهرِ الأدويةِ المستخدمةِ في العلاجِ الجهازيّ للحالاتِ المتقدّمةِ من حبّ الشّباب العُقيديّ أو الالتهابيّ، وأكثرِها فعاليّةً في التخلّصِ منه.
فما هو الآيزوتريتينوئين؟
يُستخدَمُ الآيزوتريتينوئين، والشهيرُ في سوريا بالاسمِ التجاريّ (ريتّان)، لعلاجِ الحالاتِ الشديدةِ من العُدّ العُقديّ غيرِ المستجيبةِ للعلاجاتِ الأخرى المُطبّقةِ موضعياً كالبنزويل بيروكسيد والكليندامايسين، أو المعطاةِ فمويّاً كالصّاداتِ الحيويّة من فئة التتراسكلينات.
ينتمي الآيزوتريتينوئين إلى فئةٍ من الأدوية تُعرف بالريتينوئيدات،وهو أحدُ أشكالِ فيتامين A، يقللُّ كميّةَ الدهونِ المفرزةِ من الغددِ الدهنيةِ في الجلد، ويغيّرُ من تركيبها، ويثبّطُ نموَّ جراثيمِ P. acens داخلَ الجُريبات ويثبّطُ الالتهاب، كما يساعدُ الجلدَ في تجديدِ نفسهِ بسرعةٍأكبرَ.
وبسببِ الفعاليّةِ الجيّدةِ لهذا الدواء، يقومُ مستخدموه أحياناً بنصحِ الآخرين باستخدامهِ عند ظهورِ أعراضِ حبّ الشّبابِ لديهم، وهذا تصرّفٌ خاطئٌ، فاستخدامُه بدونِ استشارةِ الطّبيبِ ينطوي على خطورةٍ كبيرةٍ، وخاصّةً في حالةِالحملِ؛ إذ قد يسبّب بجرعةٍ واحدةٍ منه عيوباً خلقيةً خطيرةً وفي حالاتٍ خاصّةٍ قد يسببّ موتَ الجنين، وبالتالي يجبُ عدمَ استخدامهِ عندَ وجودِ أّيّ احتمالٍ للحمل.
كما أنّه من غير المعروفِ حتّى الآنِ ما إذا كان يعبّرُ من خلالِ الحليبِ إلى الرضيع، لذا يجبُ عدم استخدامه أيضاً في فترةِ الإرضاع. فضلاً عن آثارٍ جانبيةٍ عديدةٍ محتملةٍ لهذا الدواءِ أبرزُها جفافُ الفم، انتفاخُ الجفونِ والشفاهِ، تقشّرُ الجلدِ، نزفُ الأنفِ، اضطرابُ المعدةِ، كما أنّ الشعرَ قد يصبحُ أخف.
يُلاحظُ أنّ حالةَ حبّ الشّباب تبدو أسوأ عند بدءِ العلاجِ بالآيزوتريتينوئين، لكنّها تأخذُ بعدَ ذلكَ بالتحسّن، ومن المهمّ عدمُ استخدامِ هذا الدواء بكميّاتٍ أكبرَ أو أقلّ أو لمدّةٍ أطولَ ممّا حدده الطبيب، وتناولُ الجرعةِ مع كأسٍ كبيرٍ من الماءِ أثناءَ تناولِ الطعامِ، واستشارةُ الطّبيبِ حول أيّ دواءٍ آخرَ قد تحتاجُ لاستخدامِه إلى جانب الآيزوترينتينوئين؛ حيثُ قد يتداخلُ هذا الدواء معه. كما يجبُ في حالِ نسيانِ الجرعةِ تناولُ الجرعةِ التاليةِ في الوقت المحدّدِ لها بدونِ تناولِ جرعةٍ إضافيةٍ للتعويض. هذا ويحتاجُ معظمُ المرضى دورةً علاجيةً لمدّة 6 أشهرٍ يُنصحُ خلالها بإشراك اختصاصيّي علمِ النفسِ فيه لما ينطوي عن هذا المركبِ من حالاتِ اكتئابٍ وميولٍ انتحارية.
هنالكَ عدّة أمورٍ أخرى يجبُ مراعاتها لدى مستخدمي هذا الدواء؛ ينبغي عدمُ التبرّع بالدّم خلال تناولِ الآيزوتريتينوئين، ولمدّة 30 يوم بعد التوقّف عن تناولهِ، لأنّه في حالِ تمّ إعطاءُ هذا الدّم لامرأةٍ حامل يمكنُ أن يسبّبَ عيوباً خلقيّة للجنين، ويجبُ أيضاً عدمُ تناولِ متمّماتٍ غذائيّة تحوي فيتامين A.
كما يُفضّلُ خلال استخدامِه وحتّى مرور ستةِ أشهر بعد آخر جرعة، عدمُ استخدامِ مزيلاتِ الشعرِ الشمعيِة، أو تسحيجِ الجلدِ أو علاجِ الجلدِ باللّيزر، فقد يؤدّي ذلك لحدوثِ تندّباتٍ قد تكون دائمة.
ويجبُ كذلك تجنّبُ التعرّضِ لأشعّة الشّمس أو الأشعّة فوق البنفسجيّة الصناعيّة (المصابيحُ الشمسيّة أو أسرّةُ التسميرِ)، حيثُ يمكن لهذا الدواء أن يجعل الجسم أكثرَ حساسيّة لأشعّة الشمس، وقد تحدثُ حروقٌ شمسيّة.
من الجديرِ ذكرُه أيضاً أنّ الآيزوتريتينوئين قد يؤثّرُ على الرؤية، خاصّةً ليلاً.
كما يجبُ عدمُ استخدامِ هذا الدواءِ في حالِ وجودِ حساسيّة اتجاهه، وإبلاغُ الطبيبِ قبل استخدامه ما إذا كنت مصاباً بالربو، السّكّريّ، أمراضِ القلبِ أو الكبدِ أو العظامِ، ارتفاعِ الكولسترول، اضطراباتِ تناولِ الطعامِ أو الأمراضِ المعوية.
يتواجدُ الآيزوتريتينوئين، بالإضافةِ إلى الشكلِ الفمويّ، على شكلِ جلّ يُستخدم موضعياً، وينطبقُ على هذا الشكلِ أيضاً معظمُ المحاذيرِ السابقة، ويجبُ قبل استخدامه إبلاغ الطّبيب في حال وجودِ مشكلةٍ جلديةٍ أخرى غير حبّ الشّباب، أو وجودَ تاريخٍ عائليّ من سرطانِ الجلد، أو ما إذا كان قد حصل لديك ردُّ فعلٍ تحسّسيّ على دواء آخر سابقاً. ومن الآثارِ الجانبيةِ للشكل الموضعي للآيزوتريتينوئين التهيّج، والاحمرار، وجفاف أو تقشّر الجلد.
ختاماً، ينبغي مراجعةُ الطّبيب المختص قبل المبادرةِ إلى استعمالِ أيّ دواءٍ جهازيّ لعلاجِ حبّ الشباب، فالعواملُ المسبّبةُ تختلفُ من حالةٍ لأخرى والنظامُ العلاجي سيختلفُ بدوره.
يمكنكم الاطلاع على مقالاتنا السابقة لمزيدٍ من الفائدة:
هنا
هنا
1 تنجمُ الحطاطاتُ عن النموّ غير الطبيعيّ لخلايا الجلدِ في محاولةٍ منهُ لتعويضِ الخلايا الميتة التي تقشّرت بفعلِ زيادةِ إفراز الدهن.
2تُعتبر جراثيم Propionibacterium acnes فلورا مقيمة، وهي جراثيمٌ لا هوائيّة تتكاثرُ في مزيجٍ من الإفرازاتِ الدهنية والخلايا الكيراتينية.
المصادر:
هنا
هنا
هنا
هنا