مقابلةٌ مع نيكولا تسلا؛ كبيرِ سحرةِ عالَم الكهرباء
الفيزياء والفلك >>>> فيزياء
لماذا لم أشعُر هكذا في مقابلاتي السّابقة مع غيرِهِ من العُلماء والمُخترعين العُظماء؟
لطالما كنتُ متأثّراً بهؤلاء الرّجال، لكنّ كلّ ذلك بدا بسيطاً أمام ما شعرتُ به عندما كنت أهمُّ بدخولِ الغرفةِ التي يعيشُ فيها كبيرُ سَحَرةِ الكهرباء؛ ذلك الرّجلُ الذي يفرّغُ شُحناتِ كهربائيّةِ مشابهةٍ للبرقِ والصّواعق.
بعد عدّة دقائق أبلغتُ بحضورِ السّيد نيكولا تِسلا، لقد كان واقفاً بانتظاري في زاوية الغرفة.
سألتهُ عن آخر إنجازاتهِ، لكنّه ابتسم وأخبرني في البداية عن بعضِ تجاربِهِ الّتي قام بها قبل عدّة سنواتٍ؛ عندما قام بمُحاولةِ الحصولِ على أكبرِ تفريغٍ للشّحناتِ الكهربائيّة في تاريخِ البشر. كما تكلّم عن بعضِ تجاربه الرّائعةِ على التّيارات عالية التّردّد والّتي قام بها عام 1899 وعن إمكانيّاتها المُحتملة في المُستقبل.
تُظهر الصّورة (1) واحدةً من أكبرِ أجهزة تِسلا لإنتاج التّياراتِ عالية التّردّد. بُني هذا الجهازُ عام 1899 في معملِ السّيد تِسلا في منطقة ينابيع كولورادو "Colorado Spring"، كما قام السّيد تِسلا في المعمل ذاته وفي ذات العام بالعديد من الإكتشافات القيّمة. وقد مُنحت براءةُ اختراعِ هذا الجهاز لتِسلا؛ وتشملُ هذهِ البراءة طريقةَ الحصولِ على تفريغٍ كبيرٍ جداً للشّحنات الكهربائيّةً.
Image: img.wonderhowto.com/
ستُقدِّر هذهِ الصّورةَ أكثرَ عِندما تعلمُ أنّ المسافةَ بين طرفيّ حجرةِ التّفريغ 70 قدم (9.14 متر) وأنّ شدّة التّيّار المارّ في الهواء 800 أمبير مع توتّر أعظميّ يُقدّر بـ 12 مليون فولت، تُزوَّد هذه الآلة باستطاعةٍ قدرها 300 كيلو واط. هذا التّوتّر عالٍ بما فيه الكفاية لكنّ السّيّد تسلا قام بتصميم جهازٍ ضخمٍ قادرٍ على الوصولِ إلى توتُّر قدره 100 مليون فولت.
يجب التّعامل مع آلةٍ بهذهِ القوّة بأعلى درجاتِ الحذر، فأيّ إهمالٍ يُمكنُ أن يودي بحياةِ الشّخص الذي يقوم بالتّجربة حتّى لو ترك مسافةً مُعتبرةً بينه وبين الآلة، وقد ذكر السّيّد تِسلا أنّه نجى من العديد من الحوادثِ في تجاربهِ من قبلُ، سببها "كُراتٌ من النّار" تضرب في الغلاف الجويّ.
تبلغ أقطارُ الكُراتِ المعدنيّة للوشائع الظّاهرةِ في الصّورة 80 سنتيمتر، ويبلغُ تردّد التّيّار المارّ فيها 75 ألف هرتز. إنّ بعضَ شحنات التّفريغ هذهِ أكبرُ من البرقِ المُعتاد بمرّة ونِصف إلى مرّتين، ويُمكنُ سماعُ صوتِها على بعد 12 ميل من الجهاز (19 كم). أما السّيّد تِسلا فهو جالسٌ يَقرأ أحد كُتب فارادي العلميّة
أنفق هذا الرّجل المُميّز الكثيرَ من المال والوقت ليَجعل جهازهَ مثاليّاً لنقلِ الكَهرباء دونَ الحاجةِ إلى أسلاك (لا سلكيّ). في الصّورة رقم (2) يَحملُ السّيّد تِسلا مصباحاً زجاجيّاً قياسه 14 إنش، وهو مُفرَّغٌ من الهواء ويحتوي على قطرة من الزّئبَق. تصلُ الطّاقة الكهربائيّة لهذا الأنبوبِ بواسطة حلقةٍ من الأسلاك تتوضَّع خلف الشّاشة، حيثُ وصلت بتيارٍ كهربائيّ عالي التّردّد، ولا يتَّصل الأنبوبُ بالجهاز بأيّ شكل من الأشكال، وعند إرسالِ تيّارٍ خلال حلقة الأسلاك فإنّ تياراً عالي الجهدِ يتحرَّض في المصباح الزجاجيّ، ممّا يؤدّي إلى تبخير قطرة الزئبق، وهذا يُنتج ضوءاً يسبّب العمى. أُخذت هذهِ الصورة بضوءِ المصباح نفسه وبزمن تعرّضٍ قصيرٍ جداً.
Image: http://jinghuasoft.com/
لدى السّيّد تِسلا مجموعةٌ جديدةٌ من الاكتشافاتِ الجديدةِ والاختراعاتِ في مجالِ الكهرباء، والتي يهمُّه عدمُ الإعلان عنها في الوقت الرّاهن؛ فهو يعتبرُ بحثَه الأخير أهمُّ الأعمالِ التي قام بها حتّى اليوم في مجالِ الكهرباء. ينوي في المُستقبلِ القريب نَقلَ الطّاقة والكلام حول العالمِ بدون أسلاكٍ بواسطة محطّته القويّة لتوليد الأمواج الكهربائيّة في لونغ آيسلاند، والتي لم تِكتمل بَعد، لكنّها ستكونُ جاهزةً في وقتٍ قريبٍ حتماً. يقولُ السّيّد تِسلا: "سيأتي ذلك اليومُ قريباً عندما أُري العالم كلّه أنّ من المُمكن نَقلُ الكلام والطّاقة لا سلكيّاً".
السّيد تِسلا أوّلُ مخترعٍ للمُحرّك الكهربائيّ، كما أنّه أوّلُ مُخترعٍ لنظامِ نقلِ الطّاقةِ الكهربائيّةِ بالتّيّار المُتناوب، وهذا يُعرف عندَ العامّةِ بالأنظمةِ ثنائيّة الطّور وثلاثيّة الطّور (تريفيز) أو الأنظمة المتعدّدة الأطوار، وقد حقّق ذلك ثورةً في مجالِ الهندسةِ الكهربائيّةِ وهو اليوم مُتبنّى عالميّاً.
من أهمِّ أعمالهِ الأخيرة اكتشافهُ لمبدأ ميكانيكيّ جديدٍ كان له تطبيقاته في العديدِ من الآلات؛ منها الغازات القابلةُ للانعكاس وتوربينات الماء وبُخار الماء والمحوّلات الميكانيكيّة ونواقل الكهرباء وغيرها. سيمكّننا هذا المبدأ الميكانيكيّ من الحصول على محرِّكات قادرةٍ على إنتاج استطاعاتٍ تَصلُ إلى عشر قُدُرات حصانيّة (حوالي 7.4 كيلو واط) وربّما أكثرُ لكلّ رطلٍ من وزن الآلة. يُمكنُ استخدام هذا المحرِّك في دفع العربات بسرعاتٍ كبيرة، كما يشرح لنا تِسلا.
مرّ الوقتُ المُخصّص لنا سريعاً، وبعد عدّةِ دقائقَ ودّعني هذا العالم العظيم، والّذي كان سابقاً لعصرِه بمئات السنين.
المصدر: هنا