الذّكاء الصُّنعي يذهب أبعد من ألعاب الفيديو ويتحدى خبراء تكتيكيِّين في معارك افتراضية
المعلوماتية >>>> الذكاء الصنعي
Image: http://phys.org/news/2016-06-video-games-artificial-intelligence-tactical.html
جين لي كولونيل مُتقاعد في القوى الجويّة الأميركيّة يشارك في محاكاة معركة افتراضية ضد تقنية الذّكاء الصُّنعي التي طّورها فريق من القوى الجوية الأميركيّة وجامعة Cincinnati.
تمَّ تقييم تقنيات الذّكاء الصُّنعي الّتي عملت عليها جامعة Cincinnati - كإحدى رسائل الدّكتوراه- من قِبَل جِين لِي Gene Lee الكولونيل المُتقاعد في القِوى الجويّة الأميركيّة والّذي يملك خِبرةً قتاليةً جويّةً واسعةَ النِّطاقِ كمدرسٍ ومديرِ معاركٍ جويّةٍ وضَليعٍ بالمُحاكاة العالية الدّقة للمعارك الجويّة.
أُطلق على هذه التِّقنّية من تقنيّات الذّكاء الصُّنعي اسم ألفا (ALPHA) والّتي وصفها الكولونيل لِي بأنّها أكثرُ التِّقنيَات عدوانيّةً و شراسةً وأشدُّها ديناميكيّةً وأسرعُها استجابةً وتُعدّ هذه التّقنيّة هي المقاتل المنتصر في هذه المعركة الوهميّة.
وتُعدّ ألفا خطوةً كبيرةً في عالَم البرمجة الوراثيّة وتقدُماً كبيراً في برنامج التّصدي للطّائرات بدون طيّار الّذي تعمل عليه وزارة الدّفاع الأميركيّة.
طُوِّرت الأدوات الّتي استُخْدِمت في مشروع ألفا مِنْ قِبَل Psibernetix الّتي أسّسها "نيك آرنيست" -الحاصل على الدّكتوراه من كليّة الهندسة في جامعة كاليفورنيا للهندسة والعلوم التّطبيقية ويشغُل الآن منصب الرّئيس والمدير التّنفيذي للشّركة - بالإضافة إلى ديفيد كارول وبدعم كل من الكولونيل جين ليو وَكيلي كوهين أستاذ علوم الفضاء في جامعة كاليفورنيا.
هذا وتُعتبر ألفا أهم الأدوات البحثيّة في مجال الذّكاء الصُّنعي وأكثر نُضجاً وتفوقاً من جميع أقرانها و منافسيها ، حيث تمكنت هذه التّقنيّة وبعد عدة معارك من التّفوق على الكولونيل لِي حتى أنّ الكولونيل لم يعُدْ قادراً على توجيه أيّ ضربة لـ (ألفا) وهذا ما لم تتمكن برامج المحاكاة الأخرى من فعله.
وكلما زادت المعارك الّتي تخوضها ألفا ضد الطّيّارين البشر فإنّها تُطوِّر من مهاراتها حيث تفاجأ الكولونيل لِيو من القدرة الّتي توصلت لها في إدارة المعركة والاستجابة للتّغُيرات و القيام بالإجراءات الدّفاعيّة و الهجوميّة المناسبة مما يؤدي إلى عودة الكولونيل لِيو منهكاً ومتعباً إلى المنزل بعد يوم طويل من المعارك ضدّ "ألفا".
والتّوجُّه الأبرز حاليّاً باتجاه تطوير ألفا وزيادة قدرات هذه التّقنيّة وإمكانياتها ثمّ اختبارها أمام طيّارين مُدَرَّبين آخرين ضمن بيئاتٍ إيروديناميكيّة أكثرُ واقعيةً وباستعمال أجهزة استشعارٍ أكثرُ دقةً.
أمّا على المدى الطويل فثمّة توجهٌ نحو دمج تقنيات الذّكاء الصُّنعي مع القوى الجويّة الأميركيّة وتطوير قدراتها على تطبيق مبادئ الدّيناميك والفيزياء وعلوم الفضاء والمهارة والفنّ لتصبح قادرةً على خوض المعارك الجويّة بكفاءةٍ أعلى مِنَ الطّيّارين البشر والقيام بأدقِّ المناورات ضمن سرعاتٍ عاليةٍ ، حيث يقوم طيارو اليوم بالإغلاق على خصومهم بسرعاتٍ تزيد على 1500 ميل في الساعة أثناء التّحليق على ارتفاعاتٍ تتجاوز 40 ألف قدمٍ ، لذلك فإنّ الخطأَ متوقفٌ على الاستجابة خلال أجزاءٍ من الثّانية وكلفتَه مرتفعةٌ للغاية.
وفي حقيقة الأمر فإنّ ألفا تهدف لخفض احتمالية حدوث الأخطاء، خاصةً وأنّها تستجيب بشكل أسرع من التّطبيقات المبنيّة على لغات البرمجة التّجاريّة الشّائعة حيث أنّها قادرة على جمع بيانات المستشعرات وتنظيمها وتحليلها ورسم خرائط لسيناريوهات القتال ضمن معركة تضمّ 4 طيارين واتخاذ القرار التّكتيكيّ المناسب في أقل من 1 ميلي ثانية.
من المرجَّح أن تأخذ المعارك الجّويّة شكلاً مختلفاً في المستقبل، حيث ستحتاج لسرعة استجابة أعلى بكثيرٍ من سرعة استجابة الإنسان، و يُتَوَقّع أن تتكامل تقنيات الذّكاء الصُّنعي مع تقنيات مكافحة الطّائرات بدون طيّار لصدّ الهجمات الجّويّة بالإضافة إلى تعزيز الطّائرات المأهولة بتقنيات الذّكاء الصُّنعي على شكل نظم إدارة معارك قادرة على اتخاذ القرارات ووضع التّكتيكات اعتماداً على وعيها لظروف البيئة المحيطة ومساعدة الطّائرات في تفادي هجمات الصّواريخ المعادية و تسجيل تكتيكات العدو والتّعلم منها.
ألفا انتصار للبرمجة : أداءٌ عالٍ و تكاليفُ حوسبةٍ منخفضة.
من المألوف أنّ نظام ذكاء صُنعي يمتاز بهذه القدرة على التّعلم و الأداء العالي يتطلب منصّة حوسبة ذات عتاد صلب خارق الإمكانيات، إلّا أنّ ألفا جاءت لتُخالف التّوقعات حيث أنّ خوارزميّتها الذّكية قادرةٌ على تقديم أداءٍ عالٍ وقادرٍ على هزيمة فريقٍ من الطّيّارين اعتماداً على منصة حوسبة منخفضة التّكاليف لا تتجاوز تكلفة حاسوب شخصيّ مكتبيّ عادي.
وقد تبيّن أنّ الخوارزميّات الوراثيّة يمكن أن تقدم قدرةً عاليةً على حلِّ معضلاتٍ معقدةٍ بأربع أو خمس مدخلات و يمكن تعزيز الجهود لزيادة عدد المدخلات إلى المئة ، ولا يوجد أيّ حاسوب في العالم قادر على حلّ المشاكل الكبرى و اتّخاذ القرارات مالم يتم تجزئتها إلى قراراتٍ جزئيةٍ اعتماداً على هذه الخوارزميّات.
معظم لغات البرمجة التّقليدية تعتمد على البارامترات الرّقمية والدّقيقة لتنفيذ العمليات، مما يُقلِّص فسحة الأمل أمام أيّ تحسّنٍ أو تطوّرٍ كبيرٍ في عملية اتّخاذ القرارات.
أمّا خوارزميّات الذّكاء الصُّنعي الّتي وضعها آرنست و فريقه فهي مبنيّة على خوارزميّات تعتمد على اللّغة مما يعطيها القدرة على تكوين منطقٍ لغويٍّ قادرٍ على التّعامل مع السّيناريوهات المتنوعة بشكل لا يمكن للرّيّاضيات المعقدة التي تعتمد عليها اللّغات الأخرى تحقيقه.
بالإضافة إلى ذلك فإنّ الخوارزميّة تمتاز بإمكانيّة نقل المعرفة البشريّة إليها بسهولة حيث يمكن حقن نظام ألفا بتعليمات مباشرة من الطّيّارين والخبراء ومن النّسخ الأقدم للنّظام ألفا إلى النّسخ الأحدث.
ويجب أن نعلم أنّ ألفا وصلت إلى مستوى أدائها الحالي بعد أن تمّ تشغيلها على عدد من الحواسيب الشّخصيّة من فئة 500$ ، وقد بدأت هذه العملّية مع إصداراتٍ متنوعةٍ من ألفا وراحت الإصدارات الجديدة تتولد تلقائيّاً وفي النّهاية يرتفع الكود الأنجح على غيره وتتصدر نسخة واحدة من ألفا باقي النّسخ.