الطريقُ إلى الجيلِ الخامسِ، أين نحن؟
الهندسة والآليات >>>> الاتصالات والشبكات
يقول توم وييلر المسؤول في لجنة الاتصالات الفيديرالية
Federal Communications Commission FCC
بأن هذا الجيل لن يكون فقط تطويراً للأجيال اللاسلكية السابقة، وإنما يَعِد بقفزات نوعية في ثلاثة مجالات:
• سرعة نقل بيانات تشبه التي تتمتع بها الاتصالات الضوئية، وبالتالي سيكون الجيل الخامس أسرع بعشر مرات إلى مئة مرة من الجيل الرابع المستخدم حالياً والمعروف باسم LTE-A.
• زمن الاستجابة سيكون أقل من واحد في الألف من الثانية، ما يعني أننا قمنا بنقل الاتصالات لتعمل بشكل أفضل بالزمن الحقيقي.
• مضاعفة سعة الشبكة مرات عديدة عما هو معروف الآن في الشبكات اللاسلكية الحالية.
من غير المُستغرب أن عدداً من المستخدمين (الاختصاصيين وغير الاختصاصيين أيضاً) بدأ يقترب من حدود الإمكانيات القصوى للشبكات اللاسلكية الحالية، فالاختصاصيون في عالم الاتصالات يدركون تماماً آثار النمو المتسارع لما يُعرف باسم انترنيت الأشياء، وما يرافقه من ازدياد كبير للأجهزة المتصلة بشبكة الانترنت، أما
من لم يختبر بعد أو يتواصل مع هذه المصطلحات فلا بد أنه قد سمع بتطبيق لعبة بوكيمون جو Pokemon Go
، هذا التطبيق يحتاج متطلبات فنية عالية ليعمل بصورة سلسة من ناحية الهواتف المتطورة، ومن ناحية تأمين اتصال عالي السرعة وبسعات كبيرة تستوعب الأعداد المتزايدة جداً خلال زمن قصير لمستخدميه حول العالم.
يبين الشكل (1): خلاصة دراسة أجرتها شركة سيسكو، وهي عبارة عن مقارنة بين تزايد عدد سكان الكرة الأرضية وعدد الأجهزة المتصلة بالانترنيت بين عامي 2003 و2020، حيث تجاوز عدد الأجهزة المتصلة بالإنترنيت في عام 2008 تقريباً عدد سكان الكرة الأرضية، ومن المتوقع أن يملك كل إنسان على وجه الكرة الأرضية في عام 2020 أكثر من ستة أجهزة متصلة بالانترنيت ضمن ما يُعرف باسم انترنيت الأشياء.
Image: Cisco IBSG
إن النتيجة النهائية للتطور الذي سيُحدثه الجيل الخامس في حياتنا لا يزال أمراً غير قابل للتحديد، ولكن بالتأكيد سنلمس نتائجه السريعة في مجال تطوير المدن الذكية، والأنظمة الذكية للتحكم بالمياه إضافة للتعليم والتسلية وغيرها.
تعتمد الاتصالات اللاسلكية الحالية على أبراج منفصلة تعمل بترددات منخفضة إلى متوسطة في الوقت الذي من المنتظر أن يعمل الجيل الخامس على مجال ترددات أعلى بكثير، حيث يمتاز هذا المجال بالسرعة العالية لكن مدى انتشار الإشارة فيه قصير، وهذا السبب هو الذي حال دون استخدام هذا المجال الترددي في الاتصالات الحالية بشكل فعال، لكن الثورة التي من المنتظر حصولها في الجيل الخامس ستشمل تغييراً في فهمنا لأبراج التغطية بحيث لن يعود هناك من داع لوجود أبراج تغطية كالتي نشاهدها اليوم في المدن وطرقات السفر، وإنما سيتم الاعتماد بشكل أساسي على ما يعرف باسم نقاط النفاذ Access Points التي لن يتجاوز حجمها بحسب المعلومات الأولية حجم جهاز الإنذار من الحريق الذي يوضع في سقف الغرفة، وبالتالي سيكون عددها كبيراً جدا لتغطي كل منها مساحة جغرافية محدودة لكنها كافية من ناحية هذا العدد لتتقاطع مع بعضها وتؤمن استمرارية وتغطية متواصلة. لكن الملاحظ مبدئياً أن الكلفة التأسيسية لهذه الشبكة من نقاط النفاذ سيكون كبيراً جداً بحيث لا يمكن لشركة أو دولة أن تقوم بإنجاز العمل لوحدها، وإنما لتعاون الجميع.
تعمل بعض الشركات حالياً على تطوير تقنية الاتصال المعروفة باسم البنية الشبكية Mesh topology؛ لإتاحة المجال نحو الاستغناء قدر الإمكان عن استخدام الأسلاك في ربط نقاط النفاذ بين بعضها، وجعلها تتصل لاسلكياً فيما بينها. ولعل من المفاجئ لكثيرين أن إحدى هذه الشركات هي شركة فيسبوك، حيث تطور حالياً هوائيات تسمى Terragraph تسمح لنقاط النفاذ بالاتصال فيما بينها بسرعات نقل عالية، وتمكن من ربط مدينة كاملة بهذه التقنية والاستغناء عن الكابلات في سبيل تخفيف التكاليف المادية وتسهيل أعمال الصيانة.
من المتوقع أيضاً أن يستخدم الجيل الخامس مزيجاً من تقنيات الاتصال المعروفة باسم خط النظر line-of-sight (أي أن نقطتي النفاذ غير مفصولتان بحاجز وترى كل منهما الأخرى مباشرة) إضافة إلى تقنيات اتصال كلاسيكية تعتمد ترددات أقل.
قبل أن نختم مقالنا، لابد من العودة للإجابة على السؤال الذي طُرح بداية، وهو أين أصبح مشروع الجيل الخامس؟
مع وضع المبادئ والمعايير المتعلقة بهذا الجيل رسمياً في عام 2012 فقد أقرت لجنة الإتصالات الفيدرالية Federal Communications Commission أخيراً أن الطيف الترددي العالي ultra-high frequency spectrum، قد أصبح متاحاً ومصرحاً لعمل الجيل الخامس به، لتكون أحدث المعلومات الواردة إلى العالم عن تطور العمل في هذا المجال.
المصدر:
هنا