يُقال لي عِندما أتحَمَسُ بِشأنِ المَادة والمَادة المُضادة في المنزل: "كفاك حديثًا عن المادةِ والمادَةِ المُضادة، لا يهمُنا الموضوع البتة". وكثيرًا ما يخطُر لي أن أرُدَّ على من يقول مثل هذا الكلام: "آهٍ لو تعلمون، لو لم يكن هناك فرقٌ بين الاثنين لَما كُنتم موجودينَ الآن!"

أثبتَت نَتائِجُ القياسِ للمادة والمادة المضادة في المختبر أنهما متشابهتان ولكنما ليستا متطابقتين. ولكن المادة المُضادةُ نادرةُ الوجود في كوننا، فالكون مكونٌ بشكلٍ شبه كاملٍ من المادة الّتي يَقتَرِحُ العُلماء أنَّها نجحت في السيطرة على الكون في مرحلةٍ مُبكِرة مِن عُمرِ الكون تُدعى مرحَلةَ نشأةِ الباريونات "Baryogenesis".

إنَّ التفاصيلَ التي تشرحُ آليةَ عملِ مرحلة نشأة الباريونات لا تزال غامضةً؛ فالفيزياء العصرية تخبرنا أن الكون أنّهُ ليسَ هناك من سببٍ واضح يُفسّر كونَ المادة هي المُسيطرة في كوننا مقارنةً بالمادةِ المُضادة. ولو تخيلنا العكس، وطغت المادة المُضادة على المادة، لأصبحَ الكونُ مُختَلِفًا كثيرًا عن كوننا الحاليّ؛ ولوُجِدت مَناطِقٌ في الكون تُفني فيها المادة والمادة المضادة بَعضَهُما مُولدينَّ انفجاراتٍ طاقيةً هائلةً. ولهذا السبب، لا يزال العلماء يَبحَثونَ عَن الأُمورِ الّتي تَختَلِفُ فيها المادَة عن المادة المُضادَة.

في العام 2010، قامت تجربة DZero برصد تشكّلِ ميونين أثناء تجرُبةِ صَدمِ بروتوناتٍ وبروتوناتٍ مضادةٍ. و بقياس الفرق بين المادة والمادة المضادة، وجدوا أنَ النتائج لَم تَكُن موافقةً للنموذج المعياري، وبالتالي اعتقدوا أنهُ مِنَ المُمكِن أن تكشِفَ هذه النتائج الستار عن الفرق بينَ المادة والمادة المضادة. إلا أنَّ النتائج لم تكن كبيرةً كفايةً لِيُعلَنَ عن اكتشافٍ جديدٍ.

وضَعَ العُلماء عددًا من الفرضيات التي تفسر عدم حصولهم على نتيجةٍ مطابقةٍ. أحد تلك الفرضيات هي أنّه عندما يتفكك كوارك بي b-Quark داخل أحد الميزونات* فإنه يتفكك إلى ثلاثة جسيماتٍ (ميون سالب* (-) ونيوترينو**(v) وميزون دي مضاد*** (D0)، لَكِنَ الأمرَ مُختلفٌ فِي حالةِ المادَة المُضادة، إذ تصبح نواتج التفكك السابقة: ميون موجب، نوترينو وميزون.

مؤخراً قامت DZero بقياس الفرق بين معدل التفككات في العمليتين السابق ذكرهما. ووفقًا للنموذج المعياري، يجب أن يكون ذلك الفرق صفرًا؛ إذ إننا لا نعرف أي اختلافٍ بينَ المادة والمادة المُضادة عِندَ مُعدليّ التفكك هذين. ولكن القياسات أظهرت أن هناك فرقًا قدره 0.3% مع ارتيابٍ قدره 0.27%، أي أن النتائج خالفت النموذج المعياري. ولهذا علينا أن نعرِفَ ما هو هذا الاختِلاف في النتائج.

*الميونات Muons: تُصنف الميونات تحت عائلة الليبتونات، يمكنك التعرف عليها أكثر عبر مقالنا عبر الرابط: هنا
**النيوترينوات Neutrino: تُصنف النيوترينوات على أنها جسيماتٌ أولية، يمكنك التعرف عليها أكثر عبر مقالنا عبر الرابط: هنا
***الميزونات Mesons: تُصنف الميزونات تحت عائلة الهادرونات، يمكنك التعرف عليها أكثر عبر مقالنا عبر الرابط: هنا

لمعرفة المزيد حول المادة المضادة إقرأ المقال " 10 أشياء قد لا تعرفها عن المادّة المُضادّة" من هنا

المصدر: هنا