هلْ يمكنُ للمروحياتِ أنْ تُحَلّقَ وتطيرَ رأساً على عقب؟
الهندسة والآليات >>>> اسألوا مهندسي الباحثون السوريون
نظرياً وباختصارٍ شديدٍ، يمكنُ للطائراتِ المروحيةِ أن تطيرَ رأساً على عقب، ولكنّ طائرات الهليكوبتر العادية لم تُصنع للقيامِ بهذا الأمر.
حيث إنه للحصولِ على الارتفاعِ المطلوبِ ولبقاء طائرة الهليكوبتر محمولة جواً، تعتمدُ الطائرةُ على شفرات المروحة التي تُولّد قوة الدفع العامودي. فما الذي سيحدثُ إذا انقلبت طائرة الهليكوبتر لتصبح مروحتها نحو الأسفل؟ من الناحية النظرية يُمكنُ لطائرةِ الهليكوبتر البقاءَ عالياً، وذلك وفقاً لايميليو فرازولي (Emilio Frazzoli)، أستاذ مشارك في علوم الطيران والفضاء، والذي يقومُ بحثه على تحسين القدرة على المناورة في الجيل القادم من طائرات الهليكوبتر ذات التحكم الذاتي وغيرها من المركبات.
يمكنُ للطائرة البهلوانية أن تطيرَ رأساً على عقبٍ عن طريقِ إمالةِ مقدمتها صعوداً، واستخدام أجنحتها لتوليد الرفع وهي مقلوبة، على الرغم من أن أجنحتها مصممة للقيام بالأمر بطريقة معاكسة. ويمكن (نظرياً) لطائرةِ هليكوبتر مقلوبة استخدام الشفرات بطريقة مشابهة: فبدلاً من توجيهِ شفرات المروحة بطريقةٍ تسمحُ لها بتوليد قوة الدفع نحو الجزء العلوي من الطائرة، كما هو الحال في عمليات الطيران العادية، يمكن للطيار توجيهها لإنتاج قوة الدفع باتجاه الجزء السفلي من الطائرة، وبالتالي الحفاظ على ارتفاعها عندما تكون مقلوبة.
ويقترح (Frazzoli): "تخيل نفسك مُعلقَاً على شفرات المروحة، فلكي تستطيع توليد حركة رفعٍ نحو الأعلى، يجب أن تَميلَ الشفرات صعوداً بنسبة بسيطة. ولتوليد قوة رفع للجزء السفلي من الطائرة، يجب إمالة الشفرات قليلاً نحو الأسفل."
ويؤكد (Frazzoli):" أن الطيران رأساً على عقب هو في الواقع أمرٌ شائعٌ جداً بين مروحيات التحكم عن بعد. فلو توجهنا في رحلة إلى أحد تلك المطارات الأمريكية أو الأوروبية التي يتخذها طيارو التحكم عن بعد مقراً لهم، لوجدنا أحد أولئك الطيارين المتحمسين وهم يحلقون بمروحياتهم رأساً على عقب. فعندما تطيرُ طائرة الهليكوبتر مقلوبةً، يتم التحكم بها إلى حد كبير بنفس الطريقة كما لو كانت تطيرُ بشكلٍ طبيعي عدا أن تحريكَ عصا التحكم سيكون مقلوباً. على سبيل المثال، يجب على الطيار دفع العصا إلى الخلف لجعل الطائرة تتحرك إلى الأمام، وأن يقلل من قوة الدفع لجعل الطائرة ترتفع إلى الأعلى.
ومع ذلك، هنالك فرقُ شاسعٌ بين طائرةِ الهليكوبتر التجارية وهذه الإصدارات من طائرات التحكم عن بعد. فالتصميمُ الشاملُ والأكثرُ تعقيداً للمروحيات الحقيقية يجعلُ التحليقَ بها رأساً على عقب لفترة طويلة غير آمن أو حتى غير ممكن.
ولتتمكنَ طائرةُ الهليكوبتر التجارية من الطيران رأساً على عقب، ستحتاجُ الشركاتُ المصنعة لجعل شفرات المروحة أكثر صلابةً حتى لا تنثني بالقرب من الجسم الرئيسي للطائرة (وبالتالي فإنها ستمزق جسم الطائرة الخاصة بهم أو أحد المكونات الأساسية الأخرى). كما ستحتاج أيضاً إلى إعادة تصميم المِفصلِ الذي يربطُ شفراتِ المروحةِ مع بقية المركبة؛ ليتمكن من حمل طائرة هليكوبتر مقلوبة. وأخيراً، ستحتاجُ الشركاتُ أيضاً إلى وضعِ ضوابط جديدة للسماح للشفرات أن تميلَ نحو الأسفل، وإعادة تكوينِ المحركِ بحيث يمكنُ توزيعُ الوقودِ، ومواد التشحيم بشكل صحيح حين تكون المروحية مقلوبة.
وحتى من دون هذه التغييرات، فإنه يمكن للعديد من المروحيات اليوم أن تطيرَ رأساً على عقب لثوان قليلة في كل مرة، ويلاحظ (Frazzoli) أن: "طياري المروحيات العسكرية والبهلوانية غالباً ما يؤدون التفافات، وحركات بهلوانية تكون فيها المروحية مقلوبةً رأساً على عقب، وخلال ذلك الوقت القصير، سيكون المحرك مستمراً بتوليد الارتفاع للجزء العلوي من الطائرة، لذلك يجب على الطيار أن يحافظ على قوة الدفع والارتفاع الكافي لبقاء المروحية في الجو."
لذلك عزيزي القارئ إن كنت تريد أن تجرب الطيران رأسا على عقب في لعبة الفيديو تلك فليكن، ولكن تذكر أن تتحكم بالطائرة بشكل معكوس ولفترات قليلة فحسب لكيلا تضطر لإعادة اللعبة إلى نقطة البداية.
شاركنا في رحلة المعرفة، ما هو التساؤل الذي طالما شغلَ تفكيرك دون أن تحصل على جوابٍ علميّ دقيق له؟ حان الوقت لتعرف الجواب.
المصدر:
MIT School of Engineering. (n.d.). Retrieved September 27، 2016
هنا