الحلقات الجميلة حَول الكَواكِب، هي بقايا كَواكِب قزمة !
الفيزياء والفلك >>>> علم الفلك
ألهَمَت هذهِ الأنظمة الحلقيّة الفلكيين مُنذ ذلك الوقت، لا سيّما أن مَصدرها بقي لُغزاً غامِضاً. لكن دراسة حديثة، قام بها باحثون في معهد طوكيو للتكنولوجيا، تقترحُ أن أصل هذه الحلقات هو بقايا كَواكِب قزمة تفتّت نتيجة اصطدامها بالكواكب العملاقة. ربّما تُجيب هذه الدّراسة، الكثير من الأسئلة الملحّة حول أصلِ هذه الحلقات، وتاريخ تشكّل المجموعة الشّمسيّة.
لإتمام هذه الدّراسة أخذ الباحثون بعينِ الاعتِبار مجموعةً من العَوامل.
العامِل الأول، هو تنوّع طبيعة الحلقات الموجودة في النّظام الشّمسي. على سبيل المثال تملك حلقات زُحل كتلةً كبيرةً جداً (100،000 تريليون كيلو غرام)، وتتألف بشكلٍ أساسيٍ من جليد الماء بنسبة 90-95%. في المُقابِل، إن حلقات نبتون وأورانوس، ذاتُ كتلة أصغر، وتحتوي على مواد قاتمة أكثر. ويُعتَقد أنّها تحوي على نسبةٍ أكبر من الصّخور.
لدراسة هذه القضيّة، نظر الفريق إلى (نموذج نيس)، إحدى النظريّات الّتي تدرُس تشكّل المجموعة الشّمسيّة. تفترض هذه النظرية، أنّ الكَواكِب الغازيّة الضّخمة قد هاجرت إلى مواقِعها الحاليّة خلال حِقبة (القصف النّيزكي المُتأخرة)، الّتي حدثت قبل 3.8 لـ 4 مليارات سنة. خلال هذه الحقبة، ضربت أعدادٌ كبيرة جداً من الكُويكِبات، القادمة من المنطقة الواقعة خارج حدود مدار كَوكَب نبتون، الكَواكِب الداخليّة للمجموعة الشمسيّة.
ثمّ نظروا إلى بَعضِ النّماذِجِ الحَديثة، الّتي تفسر تشكّل المجموعة الشمسيّة، والتي تفترض، أن الكَواكِب الضّخمة في تلك الحِقبة، تعرّضت لمواجهاتٍ قريبةٍ مع كُويكِبات بحجمِ كوكب بلوتو. ثم استخدموا هذه النّماذج للخُروج بنظريّةٍ جديدة، تفترض أن أصلَ هذه الحلقات، هوَ كُويكِبات صغيرة علقت في جاذبيّة الكَواكِب العِملاقة وتمزّقت إرباً. للتحقّق من هذه النّظريّة قاموا بأداء مجموعة من عمليات المُحاكاة الحاسوبيّة، ليروا مالّذي قد يحصُل في هذه الحالات.
يقول العالِم ريوكي هيودو Ryuki Hyodo، الباحث في قسم عِلم الكَواكِب في جامعة كوب، والمُشرف على هذه الدراسة:
"لقد أجرينا تجربتين مختلفتين، اعتمادًا على محاكاتين حاسوبيتين، مختلفتين. في التجربةُ الأولى، قمنا بضرب الكَواكِب العِملاقة بأمواجٍ من الكُويكِبات، الّتي يبلغُ حجم كل منها حجم بلوتو، ثُمَ قمنا بحساب كميّة الحطام الناتج عن الاصطدامات، فتبيّن لنا أنّ كميّة الحطام هذه، كافيّة لتشكّل الحلقات التي نراها اليوم. أما في المُحاكاة الحاسوبيّة الثّانيّة، فقد درسنا مالّذي سيحصل لحطام الكُويكِبات على المدى البعيد، فوجدنا بأن الحطام سيرتطم ببعضه البعض، ويتفتّت ليشكّل الحلقاتٍ الدّائريّةٍ حول الكَواكِب الضّخمة."
تنسجم نتائجُ هذه المُحاكاة، مع الكُتل الفعلية للحلقات حول زُحل واورانوس. كما أن هذه المُحاكاة تتضمّن الأقمار التي تدور حول هذين الكَوكَبين، والتي هي أيضاً، على الأرجح، نِتاج تلك الحِقبة من الاصطدامات مع الكُويكِبات في حزام كيبلر.
كما أنها أخذت بالحُسبان الاختلافات في تركيب الحلقات بين الكَواكِب، حيث أظهرت أن (حد روش Roche limit) لكلّ كَوكَب يُمكن أن يُؤثّر على نوعيّة المواد الّتي ستعلَق بمدارات الكَوكَب. ويقصد بـ (حد روش) أقل مسافة مُمكنة بين مركز الكَوكَب والجّسم الذي يدورُ حَوله بحيثُ لا يقع هذا الجّسم على سطح الكَوكَب بسبب جاذبيّته.
هذه الدّراسة مُهمّة جداً لأنها تُزيل السّتار عن أحد الألغاز القديمة في المجموعة الشمسيّة. وربّما تكون مفيدة أيضاً في دراسة الأنظمة الكَوكَبيّة الأخرى التي تُكتَشف خارج المجموعة الشمسيّة. يقول العالم هيودو: "تقترح نظريّتنا أن هناك حِقبتان لتشكّل الحلقات، الأولى خلال مرحلة نموّ الكَواكِب والأخرى في حِقبة (القصف النّيزكي المتأخر)، يمكن تطبيق نموذجنا على الأنظمة الكَوكَبيّة الأخرى، والتنبّؤ بوجود حلقاتٍ حَول كَواكِبها."
المصدر: هنا