ترسُّب الأصبغة الدموي الوراثي Hemochromatosis
الطب >>>> موسوعة الأمراض الشائعة
ما سببُ الإصابة بداء ترسُّب الأصبغة الدموية الوراثي؟
هو مرض وراثي جسمي مُتّنَحٍّ، ينجم عن طفرةٍ في المورثة التي تتحكم بكمية الحديد في جسمنا عن طريق امتصاصه من الطعام، وتسمى هذه الطفرة طفرة الـHFE، فهرمونالهيبسيدينالذي يُفرَزمن الكبد يتحكم بامتصاص الحديد وتخزين الفائض منه في أعضاء الجسم، وعند الإصابة بداء ترسُّب الأصبغة الدموية الوراثي يتعطل هذا البروتين ويتوقف عن أداء عمله ما يجعلُ الجسمَ يمتصُّ كمياتٍ هائلةً من الحديد فوق حاجته، ثم يُختزن هذا الحديد الممتص في عدة أعضاء من الجسم وعلى رأسها الكبد والقلب والبنكرياس ليُحدِثَ بعد مدةٍ من الزمن أعراضاً واختلاطاتٍ خطيرة.
ومن الجدير بالذكر أنَّ هناك نمطاً آخرَ من داء ترسُّب الأصبغة الدموية يُسمَّىداء ترسُّب الأصبغة الدموية الثانوي (وهو نمطٌ لا علاقة له بالوراثة) ومن أبرز أسبابه النقلُ المتكررُ للدم في حالات فقر الدم الشديد كالإصابة بالداء المنجلي أو التلاسيميا أو في حالات فقر الدم الانحلالي.
ما الأعراضُ الناجمةُ عن داء ترسُّب الأصبغة الدموية الوراثي؟
قد يكون الناسُ المصابونُ بداء ترسُّب الأصبغة الدموية الوراثي لا عَرَضيين، وقد يُطورون في المراحل الباكرة للمرض بعضَ الأعراض اللانوعية كالتعب والوهن والألم المفصلي والألم البطني وخسارة الوزن، أما في المراحل المتقدمة من المرض (ودون العلاج) فتلاحظُ الأعراض والاختلاطات التالية:
• على مستوى القلب: يُعيق تراكمُ الحديد في القلب عملَه بضخ الدم إلى الدورة الدموية، وهذا ما يُسمَّى قصور القلب الاحتقاني، وقد يؤدي داءُترسُّب الأصبغة الدموية الوراثي إلى نشوء لا نظميات قلبية (اضطراب بالنظم القلبي).
• على مستوى البنكرياس: الإصابةُ بالداء السكري بسبب تخرُّب البنكرياس بعد ترسُّب الحديد فيه.
• على مستوى الكبد: القصورُ الكبدي وتشمُّع الكبد. لمعرفة المزيد عن التشمع اقرأ مقالنا:
هنا
• الجهاز التناسلي: يؤدي الحديد الفائض إلى فقدان الرغبة الجنسية والعَنَانة عند الرجال وغياب الدورة الطمثية عند النساء.
• الجلد: يغمقُّ لون خلايا الجلد بسبب تراكم الحديد فيها فيبدو الجلد برونزي أو رمادي اللون.
متى تظهر أعراض داء ترسُّب الأصبغة الدموية الوراثي؟
يكون هذا المرض موجوداً منذ الولادة ولكنَّ أعراضَه لا تظهر حتى المراحل المتقدمة من الحياة، فتظهرُ الأعراض عند الرجال بين الخمسين والستين عاماً، وأما النساء فتظهرُ عندهن الأعراض بعد سن اليأس وبعد توقف الدورات الطمثية بسبب توقف خسارة الحديد بالطمث.
كيف يُشخَّص داءُ ترسُّب الأصبغة الدموية الوراثي؟
قد يكون من الصعب تشخيصُ هذا الداء، فالأعراضُ الباكرة التي تظهر كالتعب وصلابة المفاصل أعراضٌ غيرُ نوعية، وكذلك فإنَّ كثيراً من المصابين بهذا الداء لا عَرَضيين ويوجد لديهم فقط مستوياتٌ عاليةٌ من الحديد في دمهم، وقد يُشخَّص داءُ ترسُّب الأصبغة الدموية الوراثي صدفةً عند إجراء فحوصاتٍ دموية لأسباب أخرى.
ما المفاتيح الدالة على ارتفاع الحديد؟
• نسبة إشباع الترانسفيرينSerum Transferrin saturation: يقيسُ هذا الاختبارُ كميةَ الحديد المرتبط ببروتين يُسمَّى الترانسفيرين وهو بروتينٌ مسؤولٌ عن حمل الحديد في الدم.
• فيرتين المصل Serum Ferritin: يقيس هذا الاختبارُ كميةَ الحديد المُخزَّن في الكبد.
• ومن الفحوص الأخرى التي يطلبُها الطبيب: اختبارُ وظائف الكبد، وصورة رنين مغناطيسي MRI لقياس حمل الحديد الموجود في الكبد، كما يتم البحثُ عن الطفرة الوراثية المُسبِّبة لهذا الداء وأخذ خزعة كبدية.
هل يوجد علاجٌ لداء ترسُّب الأصبغة الدموية الوراثي؟
يُعالجُ الأطباء هذا الداء بالفَصْدphlebotomy/venesection))، إذ تُسحبُ كميةٌ محددةٌ من الدم (لأنَّ معظمَ حديد الجسم يوجدُ ضمن الكريات الحمراء) بين الفينة والأخرى بانتظام. يهدف الفَصْدُ إلى إنقاص مستويات الحديد لتعودَ إلى معدلاتها الطبيعية، وتعتمدُ كميةُ الدم التي تُسحَب على عدة عوامل منها العمر والصحة العامة ومقدار تراكم الحديد، أما إذا تعذر إجراء الفَصْد (بسبب وجود فقر دم أو مرض قلبي) فيصفُ الطبيبُ بعضَ الأدوية الخالبة (الطارحة) للحديد إذ ترتبط هذه الأدوية مع الحديد الفائض لتسهمَ بطرحه عن طريق البول أو البراز.
إذاً داء ترسُّب الأصبغة الدموية الوراثي هو مرضٌ يُمتصُّ فيه الحديدُ بكميات كبيرة فوق الحاجة ويتراكم في الجسم، وأعراضُ الإصابة به لا نوعيةٌ كالتعب وآلام المفاصل، ولكن إذا لم يُعالج المرض تظهر اختلاطاتُه الخطيرة كتشمع الكبد والإصابة بالسكري والعَنانة الجنسية وقصور القلب، ويعالج بفَصْد الدم وبعض الأدوية الخالبة للحديد.
المصادر:
هنا
هنا
هنا