كيفَ يتمّ إيقافُ طائرةِ Airbus A380
الهندسة والآليات >>>> اسألوا مهندسي الباحثون السوريون
Image: flightlineimages.com
نلاحظ في الصورة ثماني جنيحاتٍ إضافيةٍ على كلّ جناح تعملُ كمكابحَ هوائيةٍ إضافية للمكابحِ الميكانيكيةِ في طائرة A380. الحركةُ الراجعةُ حيثُ يبدأُ أنبوبُ هيكلِ المحرك بالانزلاق باتجاهِ ذيلِ الطائرة على التوربين روز-رايس.
إذا علمتَ أنّ وزنَ طائرةِ ايرباص A380 مع كاملِ حمولتِها هو 1،265،000 باوند، فلربما تتوقعُ بأنّ إيقافَها ضمنَ المسافةِ المحددة في مُدرْجِ الهبوطِ في المطار سيتطلبُ كتيبةً من الميكانيزمات الثقيلةِ العاكسةِ للحركة.
والحق يقال، في أنظمةِ الكبحِ من نوع Megaliner، تعتبرُ الحركاتُ الراجعةُ أقلَّ المكوناتِ فعاليّة في عملية الكبح. فلا يتطلبُ من الطائراتِ أن تمتلكَ مثلَ هذه الأنظمة العاكسة للحركة، لذلك المحركانِ الداخليانِ فقط في الطائرة A380 مجهّزان بتلكَ الأنظمة، وإنّ عدمَ تركيب هذه العاكسات على المحركين الخارجيين من أجلِ الحفاظِ على الوزنِ والتقليل من فرصِ تَعطّلِ تلك المحركات - التي عادة ما تكون عُرْضَةً للتوقف على مَدْرج الطيران - بسبب ابتلاعِ أجسامٍ غريبة.
تعمل الحركةُ الراجعةُ على مساعدةِ الطائرة A380 على تخفيف السرعة، ولكن ليسَ بالحدّ المطلوب. وفي الحقيقة وبخلافِ المتوقعِ فإنّ الحركةَ الراجعةَ في معظمِ الطائرات – ومنها بوينغ 747 جامبو – تعملُ على إيقافِ الطائرة في مسافةٍ تعدُّ أطولَ من تلك التي تقومُ بها المكابح والفرامل لوحدها. وعلى أيّ حالٍ، فإنّ وجودَها ضروري لتخفيفِ الإجهاِد على المكابح، ولها أهميتها في الظروفِ الجويّة التي تجعل مدارج الطيران زلقة بسبب الماء والثلج.
معظمُ الطائراتِ الحديثةِ تستخدمُ الراجعات (العاكسات) في توجيهِ قوةِ دفعِ المحركِ إلى الأمام. وفي العديد من المحركات التوربينية، يتمّ منعُ الهواءِ الذي يتجاوزُ المحرّكَ الرئيسيّ من الخروج (مستثنياً من ذلك عوادم الاحتراق) وتوجيهُها بواسطةِ مجموعةٍ من المراوح الدوّارة يُطلَقُ عليها اسم Cascade، وتعرض عندما ينزلقُ الأنبوبُ الخارجيّ على هيكلِ المحركِ باتجاه ذيلِ الطائرة.
تُصمّمُ بعضُ محركاتِ الطائراتِ بالحركات الراجعةِ للمساعدة في زيادة سرعةِ الهبوطِ الشاقولي أو شديد الإنحدار. فعلى سبيل المثال، الطائرةُ الأمريكيةُ في القوى الجوية C-17، تستعملُ الحركةَ الراجعةَ للهبوطِ على الأرض بشكلٍ أسرع في أرض المعركة. وأيضاً قد تمّ استخدامُ الحركات العاكسة في الطائرة التدريبية للمكوك في ناسا، والتي عَدَّلت بشكل كبير Grumman Gulfstream II، حيث يتمّ استعمالُها أثناءَ رحلةِ الطيران لمحاكاةِ الهبوط شديدِ الإنحدار للمكوك الفضائي.
يستطيعُ الطيّارُ في طائرة A380 تطبيقَ الحركاتِ الراجعة على الأرض فقط، ويملِكُ الخيارَ أيضاً في تحديدِ درجةِ الحركةِ الراجعة من العدم إلى الدرجة القصوى، حتى تتباطئ سرعتُها إلى ما يقلُّ عن 70 عقدة أي ما يعادل 80.5 ميل بالساعة (عقدة واحدة تساوي 1.15 ميل بالساعة). وعندها يجبُ إيقافُ الحركاتِ الراجعة نهائياً.
وفي هذه الأيام تمّ تصميمُ جميع محركاتِ الطائراتِ؛ لتكون آمنةً وللحفاظِ على الحركات الراجعة من العمل عن طريق الخطأ أثناء الطيران. ففي عام 1991، تحطّمت طائرةُ بوينغ 767 بعد 15 دقيقة من إقلاعها من أندونيسيا، مُسبّبةً قتلَ جميع ركابها الـ 313، ويرجعُ سببُ هذه المأساة إلى عملِ الحركةِ الراجعة في أحدِ مُحركاتها على ارتفاع 24000 قدم، الأمر الذي أدى إلى سقوط الطائرة بسرعةٍ عالية. وهذا ما دفعَ إدارةَ الطيران الفيدرالية أن تطلبَ زيادةَ التأمينِ على الأجهزة. في حالِ وقوعِ أيّ حادثٍ جديدٍ في المستقبل على الرغم من هذه الإجراءات، سيتم استبدالُ قفلِ المكابحِ بتبني برامجَ تدريبيةٍ جديدةٍ لأطقم قمرة القيادة، وذلك لمنع التسبب في وقوع أي حادث. وفي عام 1998، عملت الحركةُ الراجعة لعدة ثوانٍ بعد الإقلاع في طائرة ايرباص A300 للخطوط الكورية، إلا أنّ الطاقمَ تمكّنَ من السيطرة على الطائرة والهبوط بها بسلام.
عند اختبارات القبولِ للطائرة ايرباص A380 تُحمّلُ الطائرةُ بحمولهتا العظمى المسموحِ بها عند الإقلاع، وتُجهّزُ بمكابحَ مستخدمة لدرجة تآكل تصل إلى 90 بالمية، ثم تُساقُ إلى أسفل المدرج حتى تصل إلى سرعة وقدره 170 عقدة، وهذه السرعةُ التي يجبُ على الطيار أن يقررَ إما الاستمرارَ في الإقلاع أو الرجوع عن ذلك. ثم يقوم طيّارو الاختبار بتثبيط صمامات الوقودِ إلى حدّ الإيقاف ومن ثم الوقوف على المكابح، وهذا العمل الذي قد يحدثُ فقط في حالة الطوارئ. ولا يُسمَحُ باستخدام الحركة الراجعة في هذا الاختبار. وعلى ارتفاع 6070 قدم، ستعاني الطائرة العملاقةُ حتى يتمّ التوقف الكامل. بالإضافة إلى أنّه لن يتمّ رفعُ إطارات بريديجستون إلى داخل جسم الطائرة – ذات حجمٍ قريبٍ من تلك المستعملة في الـ Hummer العسكريّة – إلا بعدَ عدةِ دقائق من خروجِ الطائرة عن مَدْرج المطار، كما هو مخطط له.
وبالاعتماد على ما سبق، فإنه لإيقاف الطائرة A380، يتمّ تركيبُ مكابحَ Honeywell الضخمةِ والمركبةِ على 16 عجلة هبوطٍ رئيسيةٍ من أصل 20 عجلة، وبالحقيقة هذه المكابحُ هي التي تبذلُ أغلبَ الجهد للإيقاف. كما في معظم الطائرات الجديدة، تصنعُ مكابحَ طائرة A380 على أن تكون مضادةً للانزلاق. مبدأُ عملِها يكونُ مشابهاً للمكابح المضادة للانزلاق في السيارات، والاستجابةُ للضغطِ الشديدِ عن طريقِ الفصلِ التلقائي لمنعِ المكابح من الانغلاق وبالتالي الانزلاق. وإنّه على جانبٍ من الأهمية، تعتبرُ المكابحُ الهوائيةُ المكوّنَةُ من 16 جنيح على الجناح العلويّ، يطلقُ عليها spoilers والتي يتمّ فتحُها باتّجاه الأعلى، ممّا يخلقُ عائقاً ويقللُ من قدرة الطائرة على الارتفاع. وتعتبر عمليةُ تقليلِ قدرةِ الطائرة على الارتفاع مهمةً؛ لتحسين عمليةِ الفرملةِ الميكانيكية عن طريق خلق وزن أكبر على العجلات.
وبالطبع، لا يمكننا أن نغفلَ بأنّ التصميمَ العام للطائرة يسمحُ لها بأنّ تتباطأ من سرعةٍ أسرعَ من سرعة الصوت حوالي 500 عقدة وحتى الزحف وذلك خلال دقائق . على الرغم من الأوزان الضخمة، يقولُ المديرُ التنفيذي لايرباص Larry Rockliff، والذي قام بالطيران لمدة 120 ساعة، بأنّ الطائرة A380 تهبطُ كأيّ طائرةٍ أخرى A320 و A330 من نفس العائلة ايرباص. تبدأُ خيبةُ الأملِ عند الارتفاعات العالية وبسرعات تصل إلى 0.85 ماخ. حيث يقوم الطيّارون بإدخال البياناتِ كرياح المدرج إلى أنظمةِ إدارةِ الطيرانِ المتوفرة، ومقارنتها بالبيانات التي تواجهه أثناء الهبوط، وذلك لضمان الدقة بالهبوط. وعندما تصلُ الطائرةُ إلى ارتفاع يقلّ عن 10000 قدم يجبُ أن تتباطَأَ إلى سرعة حوالي 250 عقدة، وعادةً ما يتمّ وضعُ الطائرةِ إلى وضعِ الهبوط عند سرعة 180 عقدة. يمكن للطيار أن يقود الطائرةَ يدوياً ويتحكمَ بالهبوط والسرعة باستخدام المقابضِ على لوحةِ التحكمِ للطيار الآلي، أو أن يتركَ الأمرَ إلى أنظمةِ إدارة الطيران بالعمل حسب الوضع الأمثل.
يُعطِي تصميمُ أجنحةِ الطائرة A380 - بمساحتِها الكبيرة وبتقوّس لطيفٍ نسبياً (حوالي 33.5 درجة) بالإضافةِ إلى الجنيحِ الإضافي الضخم - سرعَ هبوطٍ أقلّ بـ 20 عقدة إذا ما قورنت بـ الطائرة 747. تتجاوز الطائرة A380 بدايةَ الهبوطِ بسرعة قدرها 140 عقدة، والتي تكون عندها الطائرةُ سهلةَ الانقيادِ، وتقوم بملامسة الأرض من الأسفل بالاعتماد على وزن الهبوطِ وذلك بسرعةٍ بطيئةٍ تصل إلى 130 عقدة، وهذا ما يعادل تقريباً نفس سرعة التلامسِ لطائراتِ الشركات والتي تزنُ 1/50 من وزن أكبر طائرة في العالم.
وقد كان المشارك الدائم Mark Huber مبهوراً بأنظمةِ إيقافِ الطائرة منذ أن فشلَ في الهبوط كطيار مبتدئ، مع المكابح المهترئة والإطارات المكشوفة على طراز Cessna 172.
المصدر:
هنا