لا تستطيعُ الغناء؟ غنِّ أكثر!
الموسيقا >>>> موسيقا
"تشتركُ القدرةُ على الغناء الصحيح بطريقةِ تَعَلُّمِها مع عزفِ آلةٍ موسيقيةٍ أكثرَ ممّا تتخيل" يقول ستيفن ديموريست؛ أستاذٌ عالٍ في مدرسة بينينَ الموسيقيةِ التابعةِ لجامعة نورثويسترن Bienen School of Music.
"لا أحدَ يتوقعُ من مبتدئٍ أنْ ينجحَ مباشرةً في عزفِ الكمان، إذ يتطلبُ الأمرُ الكثيرَ من التدريب، ولكنْ على الجميع أنْ يعرفَ كيفيةَ الغناء"، كما يقول ديموريست عن الفشل في تجارب الغناء "عندما لا ينجح الناس في الغناء يأخذون الأمرَ بشكلٍ شخصي، ولكنْ نحن نعتقد أنك ستتحسن إذا قمت بالغناء أكثر".
قامت الدراسة بالمقارنة بين ثلاثِ فئاتٍ من حيث الغناء، وهم أطفالٌ في مرحلة التحضيريّ وطلابٌ من صف السادس وطلابُ جامعات. طُلِبَ من المتطوعين في أوّل اختبار الاستماعُ إلى أربعة تكرارات لنوطة موسيقية مفردة ومن ثم إعادةُ غناء السلسلة، وطُلِبَ من مجموعةٍ أخرى أنْ تغنيَ بين فترات الراحة.
قُيّمت المجموعاتُ الثلاثُ اعتماداً على نفس أنظمةِ قياسِ دقةِ الغناء.
بيّنت الدراسةُ تحسناً ملحوظاً في الدقة من مرحلة التحضيريّ للمرحلة الابتدائية المتأخرةِ عندما تعرّضَ معظمُ الطلاب لتوجيهاتٍ موسيقية عادية، لكنّ النتائجَ كانت عكسيةً في مجموعة طلاب الجامعات، إلى درجة أنّ طلابَ الجامعات أدّوا في نفسِ مستوى طلاب التحضيريّ في اثنتين من المهمّات الثلاث!.
من المرجح أنّ الغناءَ مع السّلم الموسيقيّ أسهلُ عند بعض الأشخاص أكثرَ من غيرهم "ولكنّها أيضاً مهارةٌ يمكن أنْ تُكتَسَب وتتطور، ويتعلّقُ الكثير منها بالاستخدام العاديّ للصوت"، يقول ديموريست "تقترح دراستنا أنّ البالغينَ الذينَ كانوا يغنونَ أفضلَ في صغرهم فقدوا المهارةَ عند توقفهم عن الغناء".
عند الوصول للصف الثامنِ؛ يشاركُ 34% فقط من الأطفال في الولايات المتحدة في تعليمٍ موسيقيّ فعّال، وهذا الرقم يتناقص بالاتجاه نحو التخرج من المدرسة الثانوية.
والأطفال الذينَ يقالُ لهم عادةً أنهم لا يجيدون الغناء معرضون أكثرَ من غيرهم للتفاعل الضعيف مع الموسيقى في المستقبل، وغالباً ما يتذكرون تجربتهم السلبيةَ بوضوحٍ مع التقدم بالعمر، حيث كُتب في البحث: إخبارُ طفلٍ بأنه "عديمُ النبرة الموسيقية"؛ له تأثيرٌ مدمرٌ على رؤية الطفل لنفسه.
بشكلٍ عام؛ الأطفالُ الأكبرُ عمراً يغنّون بشكلٍ أفضل من الأطفال الأصغر. يوجدُ القليلُ جداً من المعلومات حولَ الأطفال بين أعمارِ 12 و18 عام، وهي مرحلةُ نضجٍ مهمةٌ جداً يتغيرُ الصوت فيها، وهناك اهتمامٌ كبيرٌ بالحفلات الموسيقية وأشكال أخرى من التعبير الموسيقي، أيضاً لا يمكن للباحثين الاعتمادُ على تعريفٍ عامّ لما يُعرَف بالغناء الدّقيق، إذْ لا توجدُ مقاييسُ يمكنُ الاعتماد عليها.
للتغلّب على هذه المشكلة؛ قامَ ديموريست وزميلهُ بيتر بفوردريشر بمحاولةٍ لقياسِ دقّة الغناء من خلال أداةٍ على الانترنت، وسيتمكن أساتذةُ الموسيقى من استخدام هذه الأداة لمساعدة الأطفال الذين لديهم مشاكل، كما ستساعدُ البالغينَ في قياسِ قدرتهم الغنائيةِ أيضاً.
الأداةُ التّي تُسمى بـواجهةِ سياتل لقياسِ دقّة الغناء (SSAP)، ستُوحّد طريقةَ قياسِ دقةِ الصوت ليتمكنَ الباحثونَ من مقارنة نتائجهم بين مختلف الدّراسات وليتمكنوا من تحديد أسباب عدم الدّقة الغنائية.
يقول ديموريست "علينا أولاً أنْ نفهمَ ما هو الطبيعي فيما يتعلقُ بالتطور الغنائي المرتبطِ بالعمر؟، ماذا بإمكاننا أنْ نتوقعَ من طفلٍ بعمر 5 سنوات؟ بعمرِ 10 سنوات؟ عندما نعرفُ ذلك سنحددُ الصعوباتِ التّي يواجهها الأطفال ونقدمُ لهم المواردَ اللازمة".
يمكنُ للمزيد من البيانات أنْ تُحدّدَ لنا إذا كانَ عدم القدرة على تقليدِ نبراتٍ معينةٍ له علاقةٌ بمعيقاتٍ تواصُليةٍ أو إعاقاتٍ كلامية. قسمٌ صغيرٌ من البشر فقط مصابٌ فعلاً بالصمّ الموسيقي (العَمَه الموسيقي)، والذي يعني أنهم لا يستطيعون التمييزَ بينَ تغيراتِ الطّبقات الصوتية، ولهذه الفئةِ من الناس يُعتبرُ الغناءُ أمراً يصعُب القيامُ به.
يشعرُ "ديموريست" بالقلقِ أيضاً من أنْ يكونَ الغناء حاجزاً أمام النشاطات الموسيقيةِ الأخرى، "الكثير من الموسيقى في المرحلة الابتدائية يدورُ حول الغناء، ولكنْ هذه مجردُ طريقةٍ واحدةٍ لقياس "موسيقيّةِ" الشخص وتوجدُ طرقٌ أخرى غيرُها. يجب أنْ تكونَ الموسيقى جزءاً من حياة الجميع، طبعاً انتقاءُ أجزاءٍ محددةٍ أمرٌ مقبول، لكنْ يجبُ أنْ يكونَ خَياراً وليس لمجرد اعتقادك أنك لا تملك الموهبة، وفي حالِ قرّرتَ أنْ تصبح أكثرَ انخراطاً بالأمر في أيّ مرحلةٍ من حياتك؛ فتستطيعُ فعل ذلك بكلّ تأكيد".
"يحتاج الناسُ إلى مكانٍ يستطيعون الغناءَ والاستمتاعَ فيه من دون التفكير بمدى جودتهم. يمكنك ملاحظةُ هذا الشيء دائماً في الجامعات، إذ عادةً ما يكون صفٌ عن تاريخ الروك أو الجاز ممتلئاً، هذا يعني أنّ الأمرَ ليس أنّ الناسَ غيرُ مهتمين بالموسيقى، بل يتعلقُ بما نقدمُ نحن لهم".
المصدر:
هنا