تحتاج النباتات والطحالب الخضراء إلى تنظيم عملية التركيب الضوئي بما يتلاءم مع التغيّرات المستمرّة للإضاءة اليومية، ويتطلّب ذلك تعديلاتٍ سريعةً للحفاظ على التوازن بين عمليتي تحويل الطاقة الشمسية والحماية الضوئية. فكّر فريق من العلماء في كيفية الاستفادة من هذه التغيّرات للتلاعب باستجابة النبات، بهدف زيادة إنتاج المحاصيل، وفي هذا المقال ملخّص مختصر عن البحث الذي أجري مؤخّراً..
يعدّ الضوء عاملاً أساسياً في حياة النباتات والطحالب من أجل القيام بعملية التركيب الضوئي، فالنبات يستفيد خلال يوم مشمس مضيء من 20% أو أقلّ من الأشعّة الممتصّة، بينما تتبدّد الطاقة الضوئية الفائضة لمنع الضرر والأكسدة، وتسمّى العملية التي تساعد على التبديل بين استخدام الطاقة وتبديدها بدورة الكزانتوفيل xanthophyll cycle.
لكن ماذا لو وُجدت وسيلةٌ لتعديل هذه العملية دون إلحاق الضرر بالنبات؟ طرح فريق من العلماء في مختبر Berkeley هذا السؤال محاولين الاستفادة من الطاقة الضوئية الإضافية لتحسين نموّ النبات.
يقول Krishna Niyogi، وهو بروفسور وباحث في علم النبات والأحياء الدقيقة في جامعة كاليفورنيا: "قد نتمكّن من تحسين كفاءة التركيب الضوئي عن طريق التلاعب بآلية الحماية الضوئية لدى النبات، وبالتالي زيادة إنتاجية المحاصيل الزراعية."
تتضمّن دورة الكزانتوفيل تركيبَ صبغة تسمّى زياكزانثين Zeaxanthin -وهي مادّة مضادّة للأكسدة تعطي نبات الذرة لونَه الأصفر- من خلال صباغ آخر مشتقّ يسمّى فيولاكزانثين violaxanthin (Violaxanthin de-epoxidase)، الذي يعدّ الأنزيم الرئيس المسؤول عن هذه العملية التي تبدأ عند توفّر الضوء الفائض.
وقد حدّد Niyogi مؤخّراً مع طالبه Zhirong Li الهدفَ من آلية الحماية الضوئية عن طريق دراسة الطحالب الخضراء وحيدة الخلية، الكلاميدوموناس Chlamydomonas reinhardtii (CVDE) التي تستخدم على نطاق واسع كنموذج لدراسة التركيب الضوئي. ينتج هذا الطحلب أنزيماً يدعى كلوروفيسين Chlorophycean VDE (CVDE)، وهو مختلف تماماً عن الأنزيمات النباتية الأخرى في دورة الكزانتوفيل.
وللتأكّد من قيام هذا الأنزيم الجديد بدور أنزيمات الكزانتوفيل الأخرى، أدخل الباحثون جين CVDE إلى نموذج طافر من الطحالب والنباتات التي لا تنتج الزياكزانثين، فوجدوا أنّ هذا الأنزيمَ CVDE قد استعاد بنجاح قدرةَ الحماية الضوئية في كلّ من الطحالب والنباتات.
الجدير بالذكر أنّ بروتينَ CVDE يقع لدى الطحالب في منطقة من الخلية -الجانب الأسوي من الغشاء الثيلاكوئيدي (سنتكلّم عن هذا الجزء من الخلية في مقال منفصل عن أساسيات التركيب الضوئي)- تختلف تماماً عن نظيرتها في النباتات. وبتحليل تاريخها التطوّري، وجد الباحثون أنّ CVDE قد تطوّر غالباً من الأنزيم القديم الذي وُجد لدى السلف المشترك للطحالب الخضراء والنباتات.
يقول Li: "هناك نحو 700 مليون سنة أو أكثر من الانفصال التطوّري بين مجموعة الطحالب الخضراء التي ندرسها والنباتات البرية، وقد وُجد رغم ذلك أنّ للبروتين CVDE وظيفةَ الحماية الضوئية، ما يعني إمكانية الخلط والتطابق بين المكوّنات التنظيمية للمصادر الضوئية من أطوار مختلفة لكائنات حية تقوم بعملية التركيب الضوئي لصقل كفاءة هذه العملية."
ويرى الباحثون إمكانية استخدام أنزيم CVDE في تحسين الحماية الضوئية، وبالتالي تحسين عملية التركيب الضوئي وإنتاجية المحاصيل.

المصدر: هنا
الورقة البحثية: هنا