كيف يساعد الماءُ في تجميعِ الألياف الحيويِّة التي باستطاعتِها امتصاصُ ضوءِ الشمس؟
الكيمياء والصيدلة >>>> كيمياء
هذه التجمُّعاتُ الصغيرةُ من الجزيْئاتِ العضويةِ لديها أجزاءٌ كارهةٌ للماء، في حين أنّ الأجزاءَ الأخرى محبةٌ للماء. و بسبب الطبيعةِ الانفصاميّةِ فإنّ المُذَيلاتِ تنظّم نفسَهاعلى هيئةِ أشكالٍ كرويّةٍ، حيث تلتفُّ الأجزاءُ المُحبةُ للماءِ خارجاً في حين تحتَمي الأجزاءُ الكارهةُ للماءِ في الداخل.
وقد أظهرتْ دراسةٌ جديدةٌ من "مختبر أرغون الوطني" بالولاياتِ المتحدةِ دوراً غيرَ مكتشَفٍ سابقاً للماء، حيث أنه يساعد المُذَيلاتِ (التجمّعاتِ الغُرَويّةِ) على الالتحامِ بصورةٍ عفويّةٍ لتشكّلَ أليافاً طويلة.
قام بهذه الدراسةِ كلٌّ من عالمِ النانُو سَبرامانيان سانْكارانارايانان "Subramanian Sankaranarayanan" والكيميائيُّ كريستوفَر فْراي "Christopher Fry"؛ كلاهما من مركزِ أرغون للموادِّ ذاتِ الحُجومِ النانويّةِ، فباستخدامِ محاكاةِ الحاسوبِ العملاقِ، وكذلك التجارِبِ المخبريةِ، أظهرتِ الدراسةُ أنّ المياهَ بمثابةِ أقفاصٍ غيرَ مرئيّةٍ لنموِّ الأليافِ المذيّلة.
يمكن أن تساعدَ هذه الدراسةُ العلماءَ على فهمِ كيفيةِ اندماجِ جزيئاتِ حصادِ الضوءِ على هيْئةِ أليافٍ مذيَّلةٍ، وسيكونُ تجمُّعُ هذه المُذَيلاتِ خطوةً أساسيّةً لفَهمِ بعضِ أشكالِ التخليقِ الضوئيِّ الاصطناعي.
قال سانْكارانارايانان: حتى الآن نحاول فهمَ أين ترتبط جُزيئاتُ حصادِ الضوءِ، كما لو أنّنا نحاول رؤيةَ مدى ملاءَمةِ وتدٍ مربّعٍ لفتحةٍ دائريةٍ من خلالِ رؤيةِ الطريقةِ التي تتجمعُ بها الأليافُ المُذَيلةُ ذاتيّاً. يمكننا الحصولُ على فهمٍ أفضلَ لكيفيةِ تكوُّنِ هذه الأنواعِ من عمليّاتِ التخليقِ الضوئيّ.
على الرُّغمِ من أنّ المُذَيلاتِ يمكن أن تتكوّنَ من عدةِ أنواعٍ مختلفةٍ من الجُّزيئاتِ العضويّةِ، سلَطتِ الدراسةُ الضوءَ -على وجهِ التحديدِ- على تلك المتكوِّنةِ من سلاسلَ من الأحماضِ الأمينيِّةِ، عندما تُشكّل المُذَيلاتِ تصبح المياهُ بالقرب منها "عالية الترتيب"، وهو ما يَعني أنّ جزَيْئاتِ الماءِ كلَّها تكون موجّهةً بنفس الطريقة.
يتسبّب هذا الترتيبُ القويُّ بتشكيلِ صحائفِ بيتا، وهي مناطقُ البروتينِ المُستويَةُ التى تنمو عليها الأليافُ المُذَيْلة.
في الجزء التجريبيِّ من الدراسةِ، استَخدمَ الكيميائيُّ كريستوفر فراي النتائجَ الحسابيةَ لدراسةِ كيف يمكن لفئة معينةٍ من جزيئاتِ حصادِ الضوءِ المعروفةِ باسمِ بورفيرنيات الزنك أن تصبحَ متّحدةً في الألياف.
وأضاف أن "النتائِّجَ التي خرج بها من المُحاكاةِ قد شكّلت النواحي التي جرى التركيز عليها في المختبر" وقال أيضاً "و كنت قادراً على استكشافِ بعضِ التأثيراتِ التي يملكها الماء على عمليةِ التجمُّعِ الذاتيةِ، وكان ذلك شيئاً لم نركِّزْ عليه في المختبرِ من قبل".
وأضاف سانْكارانارايانان أنّ الماءَ المحيطَ بالتجمّعاتِ الكرويةِ (أو المُذَيلات) يعمل على استقرار البنية الجزيئية، الأمر الذي يمَكِّنُ صحيفةَ بيتا (وهي بُنية بروتينية) من توفير مِنصّةٍ للنمو، وأنّه "كلما يصبح الماء أكثر ترتيباً، تصبح الأليافُ أكثرَ استقراراً".
لمحاكاة نموِّ المُذَيلاتِ والأليافِ المُذَيلةِ بفعاليّةٍ، استخدمَ سانْكارانارايانان وزملاؤُه فى منشأة أرغون لقيادة الحاسبات (ALCF) ) مقاربتين لتصميم نموذجٍ على حاسوب ميرا، وهو حاسوب أرغون الخارق. و لقد أجريا كلتا المحاكاتَين، حيث أظهرت الأولى الكثيرَ من الحرَكِيّةِ العامةِ على مدى فترات زمنية طويلة نسبياً، كما أن المحاكاةَ الذرّيةَ أظهرَتْ لهم حركةً لجزيئاتِ الماءِ الفرديةِ على فتراتٍ قصيرةٍ جداً.
وقال سانْكارانارايانان: تَحتاج إلى كلٍّ من هذين المنظَرَين، وأن تكونَ قادراً على الانتقالِ ذهاباً وإياباً بسرعةٍ كبيرةٍ بينهما، كي تفهمَ حقاً كيف تتشكل الأليافُ المُذَيلة".
وفقاً لفْرايْ فإنّ الخطوةَ التاليةَ من الأبحاث ستتضمن استخدامَ قالَبٍ لتجميع الألياف وجزيئاتِ حصادِ الضوءِ في وقتٍ واحدٍ بطريقةٍ تصبح فيها مترسّخةً طبيعياً فى قالَبِ الألياف.
في حال نجاحِها، سوف يمكّنُنا هذا التقدمُ من إدخالِ تحسيناتٍ على المكوّناتِ العضويّةِ لبعضِ الخلايا الشمسيّة. يقول فراي: "هل نستطيع أن نصنعَ مادةً من شأنِها أن تشكّلَ جزءاً من خلايا شمسيةٍ أكثرَ كفاءةً؟ هذا هو السؤال!.. إنّ الموضوعَ برمّتِه يتعلق بالقدرةِ على استخدامِ بِبْتيدٍ صغِيرٍ لضبطِ الكفاءة".
المصادر:
هنا
هنا