الرئتان ليستا للتَّنفس فقط !
الطب >>>> مقالات طبية
تعتبر الصفيحات الدموية Blood platelets أحدَ مكوناتِ الدم التي تلعب دوراً رئيسياً في تكوّن التجلطات clots وإيقاف النزيف(4).ويتم إنتاج الصفيحات الدموية في نقيّ العظم Bone marrow ابتداءً من الخليّة المنوّاة Megakaryocyte. حيث تنقسم هذه الخليّة التي تعتبر خليّة سليفة للصفيحات الدموية لتعطيَ آلاف الصفائح بدءاً من خليّةٍ منوّاةٍ وحيدة(3). لكنَّ دراسةً جديدةً تقدَّم بها عددٌ من الباحثين في جامعة كاليفورنيا تقول أنّ نقيّ العظم ليس المكان الوحيد؛ بل أن الرئتين تقوم بنفس الأمر وذلك باستعمال تقنية الفيديو المجهري ودراسة رئتي فأرٍ حي.
قام الباحثون في هذه الدّراسة باستعمال تقنيّة التصوير الحيويّ ثنائيِّ الفوتون، التي أتاحت لهم فحصَ التأثيرِ المتبادلِ بين الجهاز المناعيّ والصفيحات الدمويّة التي تجول في الرئة، وذلك باستعمال فأرٍ معدَّل، حيث تُشِعُّ هذه الصفيحات بضوءٍ أخضرٍ واضح. وقد لاحظوا وجود تجمعاتٍ كبيرةٍ لخلايا منتجةٍ للصفيحات الدّموية هي الخلايا المنوّاة في الأوعية الدمويّة الرئويّة، التي كان الاعتقاد عنها أنها تعيش وتنتج الصفيحات في نقيّ العظم بشكل رئيسي. ومع المراقبة والمتابعة أكثر تم إيجاد أن الخلايا المنواة تنتج أكثرَ من 10 ملايين صفيحة دمويّة في السّاعة الواحدة في الشبكة الوعائيّة الرئويّة، ما يعني أن أكثر من نصف العدد الكلي للصفيحات عند الفأر يتم إنتاجه في الرئة وليس في نقي العظم كما افترض العلماء من قبل. كما تم ملاحظة وجود خلايا سليفة للخلايا المنوّاة وخلايا جذعيةٍ هامدةٍ خارجَ الشبكةِ الوعائيّة الرئويّة، يقدر عددها بنحو 1 مليون خليّة في كل رئة.
إنَّ اكتشاف وجودِ الخلايا الجذعيّة والخلايا المنوّاة في الرّئة دفع الباحثين لإجراء المزيد من التجارب لمعرفة كيفيّة انتقال هذه الخلايا بين الرّئة ونقيّ العظم. فقاموا بإجراء العديد من التجارب:
قاموا في البداية بنقل رئتي فأرٍ عادي إلى فأرٍ آخر يحتوي نقيّ العظم فيه على خلايا منوّاة مشعّة. فوجدوا أن الخلايا المنوّاة المشعّة بدأت بالظهور في شبكة الأوعية الدمويّة في الرئتين. وهذا يدل على أن الصفيحات الدموية الناتجة عن انقسام الخلايا المنوّاة تنشأ في نقيّ العظم.
في تجربة أخرى قام الباحثون بنقل رئتين تحتويان على سلائف (ج: سليفة) خلايا منوّاة مشعّة إلى فأر آخر يعاني من قلّة عدد الصفيحات. أدّت عمليّة النقل هذه إلى إنتاج كميات كبيرة من الصفيحات الدمويّة المشعّة التي صحّحت مستوى الصفيحات المنخفض وساهمت بإعادته إلى العدد الطبيعي. وهذا يدلّ على أن سلائف الخلايا المنوّاة المنقولة تم تفعيلها بسبب نقص عدد الصفيحات لدى الفأر المتلقي وأنتجت خلايا منوّاة سليمة جديدة أعادت بدورها مستوى الصفيحات إلى الحد الطبيعي. دام هذا التأثير عدة شهور استمرت فيها الدراسة والمتابعة وهو أطول بكثير من فترة حياة الصفيحات أو الخلايا المنواة فيما لو نقلت لوحدها.
في تجربة أخيرة قام الباحثون بنقل أكثر من رئة سليمة كانت جميع الخلايا فيها مشعّة إلى فئران أخرى تعاني من نقصٍ في الخلايا الجذعيّة المولدة للدّم في نقيّ العظم. وكانت النتيجة أن الخلايا المشعّة القادمة من الرّئة السليمة قد انتقلت إلى نقيّ العظم المتضرر وساهمت في تصنيع جميع الخلايا الدموية بما فيها الخلايا المناعية كالعدلات neutrophils والخلايا البائيّة B cells والخلايا التائيّة T cells.
تشير التجارب ضمن هذه الدراسة إلى دور الرئتين في حفظ سلائف الخلايا الدمويّة والخلايا الجذعيّة و كذلك قدرة الرئتين على تعويض نقيّ العظم وإعادة إنتاج العناصر الدمويّة في حال تضرّر نقيّ العظم. كما أنها تفتح الباب لكثير من التساؤلات وتزيد من قدرتنا على فهم الأمراض الدموية التي يعاني منها الإنسان، خصوصاً أمراض الصفيحات الدمويّة التي تصيب العديد من الأشخاص. بالإضافة لدور مثل هذه الدراسات في فهم الخلايا الجذعية وتأثيرها في عمليّة زراعة نقيّ العظم في المستقبل.
المصادر:
هنا
هنا
هنا HYPERLINK "هنا
هنا HYPERLINK "هنا"& HYPERLINK "هنا