حبة دواء ذكية لتشخيص الأمراض وعلاجها
الهندسة والآليات >>>> التكنولوجيا الطبية
ما الذي يميِّز الرقاقةَ عن غيرها من الأجهزةِ الطبيّة المُصَّغرةِ؟
إنها القدرةُ على تحديدِ موقعِها بدقة داخلَ الجسم، وهذا ما كان يشكِّل تحدياً حقيقياً في السّابق.
أُطلق على هذه الرقاقةِ اسم ATOMS وهو اختصارٌ لـ (Addressable Transmitters Operated as Magnetic Spins) أي (المرسلات المعنونة التي تعمل بالحقل المغناطيسي) وهي عبارةٌ عن رقاقةٍ بالغةِ الصّغر مصنوعةٍ من السيليكون، تستمدُّ مبدأ عملِها من جهازِ التّصويرِ بالرنين المغناطيسيّ (MRI) الذي يستخدمُ مجالاتِ الحقلِ المغناطيسيّ لتحديدِ موقعِ ذرّاتِ الجسمِ البشريّ أثناء التصوير، وبالمبدأ نفسه تُوضَع الرقاقاتُ الصغيرةُ في الجسم باستخدامِ الحقلِ المغناطيسيّ بدلاً من الاعتمادِ على ذرّات الجسمِ، تحتوي رقاقة ATOMS مجموعةً من المستشعراتِ المتكاملةِ ومرنان (مولد وكاشف للحقل المغناطيسي) ومرسلاً لاسلكيًّا وهذا ما يسمحُ لها بمحاكاةِ الخصائصِ المغناطيسية للذرّات وبالتالي تصبحُ عمليةُ تحديدِ الموقعِ ممكنةً.
ويتمثل المبدأ الأساسُ للرنين المغناطيسي في تدرّجِ الحقلِ المغناطيسيّ، حيث تختلفُ الترددات المنعكسة على الذّرّات الموجودةِ في مواقعَ مختلفةٍ في الجسم ممَّا يساعدُ على تحديد موقعِ كل ذرّةٍ بسهولةٍ، وقد جُسِّد هذا المبدأ في دارةٍ الكترونيةٍ مدمجةٍ تُدعى (ATOMS) ويُحدَّدُ موقعها من خلال الترددات المنعكسة عنها في كلّ مرّةٍ اعتماداً على مكانِ تواجدِها في الحقلِ المغناطيسيّ.
تقول "Azita Emami" صاحبةُ فكرةِ الجهازِ وهي دكتورةٌ في الهندسةِ الالكترونيةِ والطبيّة في المعهد:
"لقد أردنا ابتكارَ رقاقةٍ صغيرةٍ جداً وقليلةِ الاستهلاك للطّاقة وهذا ما شكَّل تحدياً هندسياً كبيراً، إذ إننا حاولنا أن نوازنَ بين حجمها الصغيرِ واستهلاكِها القليل للطاقة وإمكانية تحديد موقعها بسهولة"
كما يقول الباحثون: إنّ هذه الأجهزةَ لاتزالُ قيد الدراسةِ، لكنها يوماً ما ستكونُ بمثابةِ الحارسِ الآليّ لأجسامنا وذلك بمراقبتها الجهازَ الهضميَّ، للمريضِ ودمه ودماغه؛ إذ إنّها تقيس عدّة عواملَ تحددُ بدورها حالةَ المريض الصّحية مثل PH الدم (درجة الحموضة)، ودرجة الحرارة، وضغط الدم ومستوى السكر، ومن ثم إيصال هذه المعلومات للطبيب، ويمكن أيضاً أن تتطورَ لتفرزَ الأدوية مباشرةً.
ويقول "Shapiro" وهو أحدُ الباحثين في المعهد ومساعد لـ "Azita Emami":
"يمكن أن تكون لديك عشراتُ الرقاقات الالكترونية التي تجوبُ جسدَك وتأخذ القياسات أو تقاومُ مرضًا معيّنًا وهذه الأجهزة جميعها متشابهةٌ، أمّا رقاقاتُ ATOMS تتيح إمكانيةَ تحديدِ موقعها ومراقبتها جميعاً في آنٍ واحدٍ وبالتالي تحديد موقع الخلل أو المرض بالضبط"
يقارن Shapiro"" الرقاقةَ بفيلم الخيال العلمي "Fantastic Voyage" الذي أُنتجَ عام 1966، حيث قُلّصت غواصة مع طاقمها إلى حجمٍ صغيرٍ من رتبةِ الميكرو وحُقِنَت في مجرى دمِ المريض لإصلاح خثرةٍ دمويةٍ دماغيةٍ، لكن في هذا الابتكار، بدلاً من إرسال غواصة واحدة يمكن إرسال أسطول.
كيف جاءت فكرة رقاقة ATOMS ؟
كان ذلك في حفلِ عشاء، عندما كانت ""Azita Emami و"Shapiro" يتناقشان في مجالاتِ اختصاصهم (حيث كان "Shapiro" مهندسًا مختصًّا بتقنياتِ التصوير الطبي مثل التصوير بالرنين المغناطيسي، و"Azita Emami" مهمتها ابتكارُ رقاقاتٍ طبيّة دقيقةٍ للاستشعار الطبي واتخاذ الإجراءات في الجسم).
كان الاثنان على يقينٍ بأنّ تحديد موقعِ رقاقةٍ إلكترونيةٍ داخلَ الجسم هو تحدٍّ طويلُ الأمد في هذا المجال، ولكن كان الجمعُ بين معرفة "Shapiro" بتكنولوجيا التصوير بالرنين المغناطيسي وخبرة ""Azita Emami في ابتكارِ الرقاقات الإلكترونيةِ الميكرويةِ كفيلًا بحلِّ هذه المشكلة.
تبلغ مساحةُ النّموذجِ المبدئيّ للرقاقةِ التي جُرِّبت بدايةً على الفئران 1.4 ميلي متر مربع، أي؛ أصغر بـ 250 مرّةً من بنس واحد، وهي تحتوي على مستشعرٍ للحقل المغناطيسي، ومرسلاتٍ متطورة، وجهازٍ يزوِّد الرقاقة بالطّاقة لاسلكياً ودارةٌ الكترونية تضبط التردداتِ الراديويةَ اعتماداً على قوة الحقل المغناطيسي والذي بدوره يحدِّد موقع الرقاقة في الجسم بدقة.
وأخيراً فإنّ البدءَ بإنتاجِ هذه الرقاقةِ وطرحِها في الأسواقِ الطّبية سيشكّل ثورةً في عالمِ الصّحة والطبّ؛ خاصةً إذا ابتُكِرَتْ رقائقُ مخصصةٌ لكلّ جهازٍ من أجهزةِ الجسمِ فإنّ هذه الرقائق يمكنها أن تخبرك وتخبر طبيبك بحالتك الصّحية تماماً دون أن تضطر للتحرك من مكانك أو الذهاب حتى للعيادة.
المصدر:
هنا