هل يستطيعُ نظامُ الترجمةِ الجديد من facebook أن يحسِّنَ أنظمةَ الترجمةِ الفورية الحالية؟
المعلوماتية >>>> عام
عندما تظهرُ لكَ لغةٌ لا تفهمُها في منشورٍ على موقِع فيسبوك، بإمكانكَ الضغط على زرٍ واحد لتتم ترجمةُ المحتوى إلى لغتكَ المحلية بسرعةٍ تكادُ لا تلاحظها. يتيحُ موقعُ فيسبوك طريقةً للتواصلِ ليسَ معَ الملايينِ من الناسِ الذينَ يتحدثونَ لغتك فحسب، وإنما مع جميعِ مستخدمي الموقع على اختلافِ لغاتهم. ولكنْ مثلَ الكثيرِ من خدماتِ الترجمة على الشبكة، تأتي خدمةُ فيسبوك مع عيبٍ واحد: الترجمة ليست دائماً مفهومة. ولكن مثلَ العديدِ من عمالقةِ الإنترنت، تعملُ فيسبوك على التخلصِ من هذا العيبِ الكبير. مؤخراً، نشرَ مختبرُ الذكاءِ الصنعيّ المركزي للشركة ورقةً بحثية تصفُ تقنيةً جديدة يمكنها أن تقومَ بتسريعِ عمليةِ تطوّر الترجمةِ الآلية داخلَ فيسبوك وعبر الشبكةِ كلِّها أيضاً. طبقاً لاختباراتِ فيسبوك، تقومُ هذه التقنية المستوحاة من تقنيةِ التعرفِ على الصور بإنتاجِ ترجماتٍ بجودةٍ أفضل من الطرقِ المعمولِ بها حالياً، وتعدُّ التقنيةُ الجديدةُ فعالةً أكثرَ بكثير منَ الطرقِ الأخرى الموجودة، هذا التطورُ قد يؤدي إلى المزيدِ من الدقةِ في الترجمة. قامَ البروفيسور كريستوفر مانينغ (Christopher Manning)، المختصُ في الترجمة الآليةِ من جامعةِ ستانفورد بمراجعةِ الورقة التي نشرها فريقُ فيسبوك وقالَ عنِ التقنيةِ الجديدة أنها "إنجازٌ مثيرٌ للإعجاب"، خاصةً أنّها تستطيعُ تدريب نماذج أنظمة الترجمة بشكلٍ أسرع من الأنظمةِ الموجودةِ حالياً. وتشيرُ فيسبوك أنَ مهندسيها يقومونَ حالياً بإدخالِ هذهِ التقنيِة إلى شبكةِ التواصلِ الاجتماعي الخاصةِ بها، هذه الشبكة التي تخدم ما يقارب ملياري شخص حولَ العالم. تعتمدُ تقنيةُ فيسبوك الجديدة على الشبكات العصبونية (Neural Networks)، وهي نظامٌ رياضيٌ معقد يستطيعُ تعلمَ المهامِ من خلالِ تحليلِ كمياتٍ هائلةٍ منَ المعلومات. خلالَ السنواتِ الماضية، أعادت الشبكاتُ العصبونيةُ اختراعَ كل شيءٍ من تقنياتِ التعرفِ على الصور إلى التعرفِ على الصوت وحتى تقنياتِ البحثِ الإلكتروني. والان بدأت الشبكاتُ العصبونية بدخولِ مجالِ الترجمةِ الآلية. في الخريفِ الماضي، كشفت شركةُ جوجل (Google) عن نظامِ ترجمةٍ آلية جديد تفوَّقَ على التقنياتِ المنافسة ويعملُ بشكلٍ كاملٍ بتقنيِة الشبكاتِ العصبونية، وتتجهُ الكثيرُ منَ الشركاتِ والباحثين حالياً أيضاً نحوَ اعتمادٍ أكبرَ على الشبكاتِ العصبونية، ومن هذه الشركات مايكروسوفت (Microsoft) ومحركِ البحثِ الصينيّ بايدو (Baidu). ولكنَ فيسبوك تأخذُ نهجاً مختلفاً قليلاً عن باقي الشركاتِ المماثلة. فهي تقومُ باستخدامِ ما يطلقُ عليه الشبكاتُ العصبونية التلافيفيّة (convolutional neural networks)، تقنيةٌ ابتكرها باحثُ التعلمِ العميق يان ليكون (Yann Lecun)، المشرفُ على مختبرِ فيسبوك للذكاءِ الصنعيّ. فبدلاً من تحليلِ الجملةِ بشكلٍ متتابع في كلِ مرحلةٍ جزءٌ واحد، تقومُ الشبكاتُ التلافيفيّة بتحليلِ العديد من الأجزاء المختلفة دفعةً واحدة، قبلَ أن تنظِّمَ هذهِ الأجزاء في هرمِ أهميةٍ منطقيّ. تعدُ الشبكاتُ العصبونية التلافيفيّة فكرةً قديمةً أثبتت بالفعل قدراً كبيراً منَ الفعّاليةِ عندَ التعرفِ على الكائناتِ في الصور. وقامَ باحثون آخرون بدراسة هذا النوع من الشبكات كنوع من تقنيات الترجمة الآلية البسيطة، نأخذ مثالاً عنهم الباحثين في مختبر ديب مايند (Deep Mind) التابع لشركة Google الذي يتخذ من لندن مقراً له، ولكن بحسبِ رأي البروفيسور مانينغ فإن نظام الترجمة في فيسبوك هو اكثرُ استخداماتِ هذه التقنية أهمية حتى الآن. حتى إن كانَ هذا النظامُ أكثر دقةً بشكلٍ هامشي من منافسيه كنظامِ الترجمةِ الذي أطلقتهُ Google مؤخراً، لكنَ فيسبوك تقول أنَ تقنيتها التي تعتمدُ الشبكاتِ العصبونية التلافيفيّة أكثرُ فعاليةً بتسعِ مراتٍ من باقي الأنظمةِ التي تعتمدُ الشبكاتِ العصبونيةِ في عملها. الشبكاتُ العصبونية التلافيفيّة أفضلُ من غيرها في معالجةِ عيناتٍ مختلفةٍ من مجموعة البيانات دفعة واحدة، ويقول البروفيسور مانينغ معلِّقاً على هذه النقطة "بإمكاننا الحصول على حوسبة متوازية لأجزاء مختلفة من الجملة في نفس اللحظة فلستُ بحاجة إلى تجزيء الجُمَل كلمةً كلمة." وكنتيجة لهذا، تستطيعُ فيسبوك تدريبَ أنظمتها باستخدامِ طاقةٍ حاسوبيةٍ أقل. هذا يعني أنها تستطيعُ فعلَ المزيد باستخدامِ المواردِ المتاحة وتستطيع أيضاً -فرضياً- دفعَ هذه التقنية إلى الأمام بسرعةٍ كبيرةٍ جداً وهذا الأمرُ يعدُ أفضليةً عن المنافسين. بإمكان شركاتٍ أخرى المساهمةُ في تطوير هذه التقنية أيضاً. كشركة Google، فَـ فيسبوك ليست الوحيدة التي تنشر أوراقاً بحثية تشرحُ فيها نظامها الجديد، بالإضافة إلى أنها تضعُ المحرك البرمجي المسؤول عن تشغيل النظام تحت ترخيصٍ مفتوح المصدر، بحيث تقوم بمشاركة الشيفرة البرمجية مع العالم أجمع. بالإضافة إلى ذلك تقوم أيضاً بمشاركة نماذج قامت بتدريبها مسبقاً بإستخدامِ بياناتها الخاصّة. يعد هذا جزءاً من جهودٍ مشتركة تقوم بها أكبر شركاتِ الإنترنت لمشاركةِ أبحاثِ الذكاءِ الصنعيّ الخاصِ بها معَ الجميع، مما يعني أن الترجمةَ ستتطورُ بسرعةٍ أكبرَ بكثير عبرَ الإنترنت وليسَ فقط في فيسبوك. ------------------------------------------------------------