مراجعة كتاب قصص نسائيّة جداً
كتاب >>>> روايات ومقالات
في كتابها الأوّل "قصص نسائيّة جدّاً" كتبت ريم محمود قصصاً عن نساءٍ من مجتمعنا، من مجتمعا حقّاً لدرجة أنّنا قد نعرف العديد من الأمثلة عن كلّ شخصيّة فيها، ولكنّها تأخذنا لنتعرّف على أبعادٍ يُرجَّحُ أنّنا لا نعرفها في عمق تلك الشخصيات أو في سياق محيطها الاجتماعيّ.
كتابٌ نسائيّ وجّهته ريم إلى أخيها الذي لم ولن تعرفه يوماً، يحكي عن ثلاث علاقات نسائيّة-نسائيّة، تبدأ في سياقات فرديّة لتتعرّفَ على بطلة نسائيّة تنمو شخصيّتُها في سياق ظروفها الاجتماعية والعاطفيّة، ولكنّها تكبُرُ وتتسعُ لتنسجَ نفسَها في سياق علاقتِها مع المرأة الندّ ومن ثمَّ علاقة كليهما مع المجتمع، وتبدو هذه العلاقات النسائيّة للقارئ مألوفةً جداً (الأم المتسلطة وابنتها المطيعة، الفتاة البريئة وصديقتها الكاتبة الثوريّة، والفتاة الطموحة وخالتها رائدة الأعمال) ولكنّها تشرَح لنا عبرَ الحواراتِ الدائرة بين الشخصيّات تأثيرَ هذه الشخصيّاتِ بعضِها على بعضٍ، والدَّورَ الذي تؤدّيه في تقوية المرأةِ أو إضعافها، وربَّما أيضاً الدورَ الذي كان يجب على هذه الشخصيات تأديتَه.
تدورُ أحداثُ الكتاب في مدينة دمشقَ وفي الزمن المعاصر، ويلقي الضوء على شخصيّاتٍ متنوّعة الشكل والعمر والتوجّه والمسار كما هو حالُ النسيجِ الاجتماعيّ في مدينة دمشق، المدينةِ التي نشأَتْ فيها ريم طالبةً في كليّة الهندسة المعلوماتيّة، ثمَّ صانعةَ أفلام وناشطةً اجتماعيّة في ميادينِ المرأةِ والفنّ لتديرَ قسم الفن والتراث في شبكة "الباحثون السوريّون" وتبدأ مشروعَها الفنيّ الخاص True Creatorz هنا .
تركِّزُ ريم في كلّ قصصها -على الرغم من تنوّع سياقات القصص- على دور التربية في تنشئة الفتاة، ما يؤثّرُ مستقبلاً على خياراتها المهنيّة، وعلاقاتها العاطفيّة، ودورها ضمن المؤسسّة الزوجيّة، وكذلك فهي تراجعُ فيه كثيراً من المُسلَّماتِ في مجتمعنا، وتعيد تحليلَها في سياق القصّة كدور الأمّ تجاه نفسِها (والمبالَغُ به في الوسَط العائلي)، ودورِ الزوجة في الإطار الزوجيّ مُجليّةً الصورةَ المثاليّة عن الفتاة الصالحة للزواج في مجتمعنا.
ومن الجدير بالذكر توضيحُ ريم كثيراً من المفهوماتِ الخاطئة المتعلّقة بالحراك النسائيّ، ويتجلّى ذلك واضحاً في الشخصيّات القويّة في القصص، فهي تتبنّى الحرياتِ المُطلقةِ للمرأة في اختيار الشريك والعمل والجسد، ولكنّها تشرحُ الفرقَ بين الحريّة المبنيّة على القرار الفاعل وتلكَ المبنيّةَ على ردود الفعل والتي لا تجنّب المرأةَ الاستضعافَ والاستغلالَ والفشل.
في كتاب ريم الأوّل لن تحرّكك مجريات الأحداث ومسار القصّة فهو ليس كتاباً دراميّاً أبداً، ولا يدور حول ما سيحدث، بل يدور حول كيفيّة حدوث الأمور وأسباب هذا الحدوث، وتحت أيّ مبرّرٍ أخلاقيٍّ عليها أن تحدث، وتستخدم ريم طريقةَ القصة لتجيب عن أسئلةٍ عديدةٍ تلوحُ في بالنا عبرَ حوارات الشخصيّات.
يستحقّ كتاب ريم القراءة والتمعّن في الحوارات والشخصيّات؛ خصوصاً كونه كتاباً يُطرَح من قِبلِ شابّةٍ في مقتبل العمر تحملُ إلى قصصها وجهةَ نظرٍ شبابيّةً معاصرةً في ظلّ التغيّرات الاجتماعيّة التي نشهدها، وقد نشرت ريم كتابَها للقراءةِ المجانيّة عن طريق الإنترنت؛ لذا فهو موجودٌ على شكل ملف PDF في الرابط أدناه :
هنا