القراءة والكتاب
هل تعلم والإنفوغرافيك >>>> كاريكاتير
"حبيبتي القراءة.. أحبّك من أعماق قلبي" (تبدو جملةً ساذجة فقط إذا لم تؤدَّ بنبرة هاملت)..
هل كان الكلام عن القراءة؟ لا.. لقد طلبوا منّي مقدمةً رصينةً عن أهمية الكتاب.. (نريد شيئًا مختصرًا فالقرّاء يفضّلون الاختص..).. ولكن؛ مهلًا.. كيف أختصر كل تلك الحيوات التي عشتها وأرزمها ببضعة كلمات؟ القراءة والكتاب شيءٌ واحدٌ (لنتفق قليلًا) فما قيمة الكتاب إن لم يجد من يقرأه؟! (اكتشافٌ قديمٌ جدًّا).. لكن قد أكتب شيئًا مناسبًا لاستعداد بعضكم للسخرية وهو يقضم تفاحةً بيده محاولًا إخراج أنفه من آخر النوافذ.. مثلًا: "لا تتركوا الكلمات وحيدةً هكذا"..
توجّهتُ إلى كتابٍ جميل.. أخرجته عن صمته.. وعادت كلماته تتدفق في روحي.. "تاريخ القراءة" لمانغويل..الذي يوضح تلك العلاقة العاطفية الجميلة والخطيرة بين القارئ والكتاب.. (تعليقٌ مدرسيٌّ محض) ولكن كيف أنقلُه إليكم؟! سوف أنصحكم بعدم قراءته.. هذا أفضل لكم.. لأنّكم بعد إتمامه ستعرفون كم من حياةٍ ضيّعتم مع كل كتابٍ لم تقرؤوه.. (تجربة قاسية لكنّها مفيدةٌ لخسارة الوزن)
في كل مرّة نقرأ كتابًا نتبدئ حياةً جديدةً ضمن الحياة.. ثمّ تتغيّر حياتنا ذاتها مذ بدأت.. نجدُ معانيَ عميقة وجديدة لأشياء قد مرّت.. كأنّما الكتب تعيد تشكيلَ وعينا.. وها نحن نخبّئ فيها قصاصاتٍ لا قيمة لها.. أرقامَ هواتف لأناس لن نكلّمهم.. (تفكّرون بتلك الوردة الذابلة.. لن أذكرها) وقد نسطرُ بعض التعليقات اللحظية التي عندما نراها مجدّدًا تفيض فينا لحظاتٌ قديمة لا معنى لها.. ولكنّنا نمنحها كلَّ المعاني.. لهذا يؤكّد مانغويل: "إنّ الكتاب يقصُّ أيضًا حكايته عن القرّاء".. نعم إنّه يحكي قصته ويحكيكم..
لا غنى عن الإنترنت.. عن عناكب البحث التي تنسج خيوطها كلّ لحظة.. ولكنّها تسرقها من لحظاتكم أحيانًا.. ووحدَه الكتاب.. يبطّئ الزمن ويتحكّم به.. وفي أية لحظةٍ تشاؤون تمسكون لحظة النهاية أو البداية.. (قصة مقنعة عن السفر في الزمن أكثر ممّا تقوله الفيزياء).. وإنّما حياتكم الأصلية "رحلة واحدة" لها خط زمنيٌّ واحد.. هكذا فهمت من الكاتب التركي أورهان باموك..
الكتب حولكم غاضبة.. انزعوا أقفالها تحرّركم من كلّ قيد.. (تبدو خاتمة جيّدة ومختصرة كما طلبوا مني .. أن...)