شمسٌ جديدةٌ ستشرق في القريب العاجل!
الهندسة والآليات >>>> الطاقة
تحاولُ الصين دائمًا إثباتَ موقعها بوصفها بلدًا رائدًا في التكنولوجيا في القرن الحادي والعشرين، وذلك بالاستفادة من قدرات الذكاء الصناعي وتحسينها تارةً وبالرؤية والتخطيط للمستقبل القريب لطريق الفضاء تارةً أخرى. وتتضمن إحدى الخطط الطموحة في هذا المضمار تطويرَ حجرة الاندماج النووي المغناطيسي التي تولّد حرارةً أكثرَ من الشمس؛ إذ طَوَّر فريق من العلماء هذه الحجرة الشبيهة بحلوى الدونات ضمن معهد بلازما فيزيكس؛ الذي يعدُّ جزءًا من الأكاديمية الصينية للعلوم. 1- هنا
Image: Chinese Academy of Sciences
وقد أعلن العلماء أنَّ البلازما المُسخَّنة في حجرة الاندماج المغناطيسي المُسمَّاة Experimental Advanced Superconducting Tokmak (EAST قادرةٌ على إنتاج طاقة غير محدودة، ويأتي هذا المشروع بعد شهر فقط من إعلان شركةِ تكنولوجيا محلية -مقرُّها تشنغدو- عن خططها لإطلاقِ قمر ثانٍ إلى الفضاء بحلول عام 2020، ما يُعَدُّ علامةً أخرى على زخم الصين المتزايد في قطاع الطاقة.
تحقيق الإنجاز:
على الرَّغم من أنَّ الحكومة الصينية كانت قد أعطت المشروع الضوءَ الأخضر منذ عام 1998؛ فإنَّ معظم التفاصيل الملموسة بدأت بالظهور في عام 2012، إذ أحرز الفريق تقدُّمًا مُطَّردًا من حيث قدرات المفاعل على استغلال الطاقة. إذ إنَّ النسخة القديمة من هذا الجهاز المشابه للشمس التي كُشِف عنها قبل عامين كانَ يبلغ قطرها 5 أمتار، وكانت البلازما تُسخَّن داخل الحجرة إلى درجة حرارة أكبر بثلاث مرات من حرارة الشمس، والتي يمكنها الحفاظ على الحرارة مدة 102 ثانية.
Image: Chinese Academy of Sciences
أمَّا الآن؛ في هذا النموذج الأكثر كفاءةً -الذي فاق توقعات العلماء أنفسهم- ارتفعَ الرهان أكثر، فالمفاعل الجديد المُطوَّر من فريق (EAST) يبلغ طوله 11 مترًا، وقادر على تسخين البلازما حتى ست مرات من حرارة الشمس (نحو 100 مليون درجة مئوية)؛ فبِعرض 8 أمتار ووزن 360 طنًا؛ ليس من الصعب تخيُّل السبب وراء فخر الأكاديمية الصينية للعلوم بتقدم المشروع الناجح.
فتح آفاق بحث جديدة:
يمثّل هذا التطور حالةً يكون فيها الجميع فائزًا؛ العلم وأهداف الطاقة للحكومة الصينية. إذ يقول ماثيو هول؛ مساعد البروفيسور في الجامعة الوطنية الأسترالية: "إنَّها بالتأكيد خطوة كبيرة بالنسبة إلى برنامج الاندماج النووي الصيني وتقدُّمٌ مهم للعالم كله، وتتمثل الفائدة في القدرة على الإنتاج المستمر للطاقة على نطاق واسع مع عدم وجود انبعاثات للغازات الدفيئة ولا نفايات مشعة طويلة العمر".
وليست المصادقة على العمل من قبل هيئة المفاعل التجريبي النووي الحراري الدولي ITER (المؤسسة الضخمة المتعددة الجنسيات التي تهدف إلى إنتاج أكبر جهاز اندماج نووي مغناطيسي في العالم) إلَّا تأكيدًا لتأثير هذا المشروع الهائل.
وفضلًا عن ذلك؛ ترسل رسالة مهمة مفادها أنَّ أهداف الطاقة العالمية ستكون عملية تساهمية وتعاونية. وبلا شكٍّ؛ فهنالك قائمة طويلة من مشكلات الميزانية والجدوى التي يجب معالجتها لجعل المشروع حقيقة واقعة، لكن يجب أن نُثني على الصين لاعتناقها منظورًا ينطوي على حلول جريئة ومبدعة في ظل متطلبات الطاقة المتزايدة. وفي هذه الأوقات الغامضة؛ إنّه لمن المهمّ أنْ نستمرَّ بوضع إستراتيجيات تستبق التحديات المستقبلية.
إذًا؛ هل تظنون أيُّها الأصدقاء الرائعون أنَّ هذه الشمس سترى النور؟ وهل تتخيلون أنَّ لهذا المشروع العملاق آثارًا جانبية هنا أو هناك؟
المصادر :