الدراسات الوبائيّة – دراسات الحشود cohort studies
البحث العلمي والمنهجية العلمية >>>> البحث العلمي
تندرج دراسات الحشود ضمن الدراسات الوبائيّة الرصدية "المبنيّة على الملاحظة فحسب"، وتعد من أهمها؛ ذلك نظرًا إلى كونها تساعد على تحديد مدى تأثير عوامل صحيّة واجتماعيّة وبيئيّة في الصحة العامّة.
يُجري الباحث المختص دراسات الحشود بداية بتقسيم عينة من السكان إلى مجموعتين؛ أفراد المجموعة الأولى معرّضون إلى عامل الخطورة المفترض (والمثبت من قبل أعضاء البحث)؛ كالتدخين على سبيل المثال، في حين أنّ أفراد المجموعة الثانية غير معرّضون إليه، وتدعى هذه المجموعة control "وهي غير المدخنة"، يُقارن بعدها بين المجموعتين بالاعتماد على معدّل وقوع الإصابة "سرطان الرئة مثلاً" بعد تتبعها مدّة زمنية كافية لظهور تأثيرات عامل الخطورة (قد تمتد إلى عدّة سنوات أحيانًا)، وأخيرًا؛ تقييم العلاقة بين عامل الخطورة ووقوع المرض (هل كانت سلبيّة أم إيجابيّة؟!).
تقسم دراسات الحشود بالاعتماد على كيفية إدراج المواضيع المتعلّقة بالدراسة والفترة التي أجريت فيها إلى نمطين أساسيين:
- دراسات استطلاعيّة prospective studies :
تسجل فيها بيانات المشاركين منذ زمن البدء بالدراسة -وبالتوازي مع مرور الوقت- إلى حين زمن انتهائها والحصول على النتائج، وتمتاز بأنها تعطي نتائج دقيقة إلى حدٍ ما، ولكنّها مكلفة ماديًّا وتحتاج إلى وقت كبير.
- دراسات مرجعيّة retrospective studies :
في هذا النمط تُدرس بيانات عيّنة موجودة سابقًا وتعرضت إلى عامل الخطورة المدروس (عدّة سنوات مضت) ثمّ الخروج بنتائج ملموسة، وعلى الرغم من أنّ هذا النمط من الدراسات يوفر الكثير من الوقت والجهد والمال؛ لكنّه أكثر عرضة إلى التحيّز، نظرًا إلى عدم توافر بيانات كافية وموثوقة عن العيّنة.
تتبَع خطوات إعداد دراسة الحشود لتعليمات صارمة من أجل ضمان الحصول على نتائج دقيقة بأقل نسبة خطأ ممكنة، فما هي تلك الخطوات؟
- تحديد العيّنة المعنية بالدراسة:
يجب على جميع المشاركين بالدراسة التواجد ضمن بيئة مشتركة ومتشابهة باستثناء اختلاف نسب تعرضهم إلى عامل الخطورة المدروس.
- تحديد مستويات التعرّض إلى عامل الخطورة ضمن العيّنة:
إحدى العقبات التي قد تعترض دراسات الحشود هي ضمان نأي أفراد مجموعة control عن عامل الخطورة، فبالعودة إلى المثال السابق؛ أفراد الـ control هي غير المدخنة، وفي حال اعتراض ذلك يحدث خلل يؤثر في دقّة النتائج.
وقد تساعد السجلات الطبيّة والاستبانات الموحّدة والفحوص الفيزيائية الخاصّة بالمشاركين على ضبط معرفة مدى التعرّض الحاصل.
- قياس نتائج العيّنة:
يُحصل عليها من مصادر عديدة منها: سجلات طبية وبيانات تسجيل الإصابة بالسرطان والمراقبة الروتينيّة وشهادات تسجيل الوفاة.وتُستخدم المصادر نفسها بالنسبة إلى المجموعتين.
- تقييم النتائج والخطوات المتبعة اللاحقة:
تعد من أكبر التحديات التي تواجه دراسات الحشود، إذ إنّ كلًّا من النقص في بيانات المشاركين، وامتداد الدراسة على فترة كبيرة والكلفة المرتفعة؛ جميعها تؤثر في صلاحيّة نتائج البحث.
ما هي أهميّة إجراء بمثل هذه الدراسات ؟
- الخروج بعدّة نتائج معنيّة بعامل الخطورة المدروس.
- الإضاءة على عوامل خطورة نادرة ومدى ارتباطها بمرض معيّن (كالتي تحدث لأصحاب مهن محددة).
- تحديد الفئة المصابة وخط انتشار المرض.
- قياس معدّل الإصابة ومدى انتشار المرض في منطقة محددة.
ما هي العقبات التي قد تعترض طريق باحثي دراسات الحشود ؟
- صعوبة تحديد العيّنة المشاركة لنقص البيانات الخاصّة بهم وصعوبة جمعها.
- استهلاكها الوقت والمال.
- عرضة للتحيّز بسبب صعوبة متابعة بيانات المشاركين على مدار فترة الدراسة.
- ضعف نتائج البحث عند دراسة الأمراض النادرة.
- حدوث تغيّر في بعض سلوكيات المشاركين لدى معرفتهم بالدراسة، منها ما يؤثر في صحّة النتائج.
ساهمت دراسات الحشود في خدمات عديدة للباحثين في عدّة ميادين لأنها مصدر مهم للمعلومات؛ ذلك عن طريق إيجاد حلقة وصل بين عوامل بيئيّة معيّنة كالمواد الكيميائيّة المنتشرة في الجو أو المياه أو الغذاء ومدى تأثيرها في الصحة.
وتعدُّ دراسة صحة الممرضات nurses health study المجراة من قبل جامعة Harvard من أشهر الأمثلة عن دراسات الحشود التي استمرت ما يقارب الأربعين عام؛ إذ جُمعت بيانات أكثر من 100.000 ممرضة متعلّقة بالحالة الصحّية والنظام الغذائي وأسلوب الحياة، حصلنا عن طريق النتائج على معلومات مهمّة جدًّا تخص تأثير التعرّض إلى عوامل معيّنة في أمراض شائعة وخطيرة كالسرطان والسكري وهشاشة العظام وأمراض القلب وغيرها.
المصادر:
1) هنا
2) هنا
3) هنا
4) هنا
5) هنا