لماذا نشعر بالتحسن عندما نشكو همومنا للأصدقاء؟ أو عندما نتحدث عن مشاعرنا أو نكتبها؟
علم النفس >>>> المنوعات وعلم النفس الحديث
إن من المفيد أن تعلم -لتستطيع فهم نتائج هذه التجارب- ما يدور في دماغك حين تشاهد وجهاً غاضباً أو خائفاً. إن ما يحدث حقا هو ازدياد نشاط منطقة في الدماغ تدعى "اللوزة"، ويعمل ذلك كمنبه للأنظمة الحيوية لتقوم بحماية الجسم في وقت الخطر. تظهر اللوزة استجابة عنيفة حتى بمجرد مشاهدة هكذا صور لفترة قصيرة جداً.
خضع المشاركون في تلك التجارب لتصوير الدماغ الوظيفي بالرنين المغناطيسي، وكانت نتائج الصور عند تسمية مشاعر التعابير الوجهية هي انخفاض في نشاط منطقة اللوزة، لكنه ترافق بظهور نشاط زائد في المنطقة البطانية الجانبية للقشر الجبهي الأيمن، فيما لم يشاهَد أي انخفاض في نشاط منطقة اللوزة أثناء التمييز بين وجوه الذكور والإناث.
ما تقترحه الدراسة هو أن التفكير بكلمات تعبر عن الشعور هو جزء من وظيفة البطانة الجانبية للقشر الجبهي الأيمن، وتشير إلى أن تسمية المشاعر يكبح استجابة مركز التنبيه في منطقة اللوزة وبالتالي يمنع تحفيز المشاعر السلبية.
عادة ما نعتقد أن معالجة اللغة هو أمر يديره الجزء الأيسر في الدماغ، إلا أن الأثر الناشىء أثناء التجربة لم يشاهَد إلا في تلك المنطقة من جزء الدماغ الأيمن، وإنه من النادر مشاهدة عملية دماغية ذات مستوى متطور "كتسمية المشاعر" تحدث في منطقة واحدة فقط. تتطور هذه المنطقة من الدماغ في معظمها خلال سنوات المراهقة، بذلك يُفترض أن التفاعل مع العائلة والأصدقاء في هذه المرحلة يقوي من استجابتها، إلا أن ذلك لم يُوثّق بعد.
هل تتغير استجابة الدماغ عند مشاهدة وجه خائف بمجرد التفكير أو قول "هذا وجه خائف"؟ في الحقيقة الجواب هو: أجل. لا يدرك الناس غالباً لمَ يكون التعبير عن المشاعر مساعداً، لكنهم يفعلونه عن غير عمد لتخطي المشاعر السلبية. "استجمع قواك لتتعافى" هي فكرة سائدة يقال أنها تفيد عند الشعور بالإحباط، لكن العالم لا يعمل بهذه الطريقة؛ فكونك تعلم أنك تحاول استجماع قواك لن يفيدك عادة، وذلك لأن إنكار ما بداخلك أمر صعب. وبالتالي، فإن طريقة تسمية المشاعر لا تعاني من هذه المشكلة لأنها -ببساطة- لن تجبرك على أن تفكّر: "أريد الشعور بتحسن".
من جهة أخرى توجد رابطة هامة بين تسمية المشاعر وواحدة من الأساليب البوذية القديمة تدعى "التأمل الواعي"، وهي تقنية يعطي فيها المرء كامل اهتمامه لمشاعره وأحاسيسه وأفكاره دون إطلاق الأحكام وردود الفعل، أي ببساطة هي أن يدع المرء أفكاره تتحرر. من إحدى الطرق لممارسة التأمل الواعي هي تسمية المشاعر، كأن تقول: "أشعر بالغضب الآن" أو "أنا متوتر" أو "هذا مبهج" أو أياً كان شعورك. من الجدير بالذكر أن دراسات سابقة كانت قدر أشارت إلى أن التأمل الواعي مفيد في التخفيف من العديد من الآلام المزمنة، والأمراض الجلدية، والحالات الصحية المرتبطة بالتوتر. وقد وجدت هذه الدراسة الحديثة أن المنطقة البطانية الجانبية للقشر الجبهي الأيمن تكون أكثر نشاطا كلما كنت أكثر "وعياً ويقظة"؛ وفي الوقت ذاته تكون منطقة اللوزة في نشاطها الأدنى.
المصدر: هنا