هل يمكن لطائرة أن تُعدِّل شكلها؟ هل سمعت بذلك؟!
الهندسة والآليات >>>> التكنولوجيا
في العقد الأخير كنا قد رأينا طائرات روبوتية تميزت بالسرعة وتعدد المهام والأشكال وقدرتها على إدراك التغيرات المحيطة بها؛ فقد حسَّن باحثون في جامعة زيورخ ومعهد EPFL كفاءة هذه الطائرات وإطلاق إصدار جديد يحمل اسم (Foldable Drone) أو الطائرة القابلة للطي؛ إذ تميَّز هذا الإصدار بوجود محرك دعم في قاعدة كل ذراع من أذرعها الأربع، مما أتاح للمراوح التحرك مستقلة عن بعضها بعضًا؛ إذ إن وجود اختلاف في ارتفاع أذرع الطائرة يضمن ألا تصيب الطائرة نفسها في أثناء التحول إلى شكل آخر.
الجميل في الأمر أن الطائرة غير مقيدة بشكل محدد، كأن تأخذ شكل حرف (X) أو (O)، وإنما نستطيع جعل الأذرع تتمركز حيثما نريد مع الحفاظ على توازن الطائرة، حتى لو كان التكوين غير متناظر نسبيًّا؛ ففي فيديو يُظهر آلية عمل الطائرة نرى إمكانية تأقلم شكل الطائرة مع المحيط وتحويلها من شكل لآخر؛ للمرور عبر العوائق كالدخول عبر نافذة المنزل أو التجول داخل مبنى معرض للانهيار.
فيديو 1:
تأتي الطائرة بمعالج رباعي النواة من فئة Qualcomm Snapdragon، وذاكرة عشوائية 2GB، وأجهزة استشعار للتحكم بالسرعة والتوازن، إضافة إلى وجود كاميرات ومحرك مساعد يسمح للذراع بالحركة والانطواء.
صورة1:
Image: University of Zurich and EPFL
ترجمة الصورة 1:
1- الكمبيوتر الخاص بالطائرة 2- جهاز التحكم بالسرعة 3- جهاز تحكم نانوي 4- محرك يستعمل لتحريك الأذرع
علق البروفيسور في جامعة زيورخ Davide Scaramuzza قائلًا:
"استطعنا استغلال إمكانية تحول حجم الطائر حتى تستطيع أداء مهام أكثر كالمرور عبر الفجوات، أو تفحص الأسطح أو حتى نقل الأشياء، ومع ذلك فإننا نؤمن بأن الطائرة تستطيع تخصيص شكلها بصورة كبيرة؛ لأداء مهام أكثر فعالية كإمكانية الطيران بسرعة عالية، مما يجعلها فعالة في المواقف الطارئة".
أُجريت مقارنة بين الطائرة القابلة للطي (Foldable Drone) والتنين الطائر (crazy flying dragon robot) - الذي يتميز بقدر من الحرية في الحركة تسمح له بلف نفسه حول رقبة الشخص- تعد الطائرة القابلة للطي أقل كلفة وأكثر فعالية فيما يخص مشروع التنين الطائر المنتج من قبل ICRA؛ إذ إن بساطة التصميم تحافظ على كل من الكفاءة وتعدد الاستخدامات سامحة لها بالعمل على نحو مستقل نسبيًّا مع إمكانية الإحساس ومعالجة البيانات، لكن ذلك لا يسمح للطائرة بإعادة تشكيل نفسها تلقائيًّا بما يتناسب والعوائق الموجودة.
أجرت مجلة IEEE Spectrum مقابلةً مع البروفيسور Davide Scaramuzza عن مشروع الطائرة القابلة، وكان من جملة الأسئلة ما يأتي:
لماذا تعدُّ الطائرة القابلة للطي أفضل من نظيراتها الأصغر حجمًا والتي يمكنها ببساطة المرور عبر الفجوات؟
تتميز الطائرات الصغيرة ببعض المساوئ كانخفاض مستوى الاستقرار عند التعرض لضربات خارجية كالرياح، ثم إن وقتها للطيران محدود، وليس باستطاعتها نقل حمولة كبيرة.
لماذا جُعلت الطائرة على هذا القدر من إمكانية إعادة التشكُل؟
هذا القدر من الحرية في إعادة التشكل سمح لنا بجعل التصميم الميكانيكي للطائرة أبسط والتحكم بها أسهل، وفي الوقت نفسه فإن إمكانية تدوير الأذرع الأربع حول الجسم الرئيسي يقلل من الحجم الكلي للمنصة بصورة ملحوظة.
ما عيوب الطائرة القابلة للطي؟
قد يكون العيب الرئيسي هو الحد من استقرار الطائرة والزمن اللازم للطيران، مقارنة بالطائرات ذات الشكل التقليدي “X”؛ فبعض الأشكال تعد أقل استقرارًا من الأخرى، مما يجعل الثمن لخاصية الطي هو التضحية بهاتين الخاصتين، إلا أن المساوئ تأتي تبعًا للشكل المطلوب؛ فعلى سبيل المثال الشكل “O” يجعل الطائرة مضغوطة الحجم - تصبح أبعاد الطائرة أصغر بنسبة 20% عن الشكل التقليدي - الأمر الذي يمكن أن يولد تسارعات زاوية أقل - وهذا يعني متانة أقل في مقاومة الاضطرابات الخارجية - ومن ثم سرعة طيران أقل بنسبة 60% مقارنة بالشكل التقليدي.
في المقابل؛ فإن شكلي “T” و“H” قادران على توليد تسارع زاوٍ عالٍ على أحد محاور الجسم والتضحية بخفة الحركة على باقي المحاور، وهذا يوضح أن الشكل التقليدي “X” هو الأكثر فعالية ومن الأجدر استخدامه طالما لا حاجة لتغيير شكل الطائرة.
صورة 2:
Image: University of Zurich and EPFL
عند اطلاعنا على ورقة البحث الخاصة بالمشروع ذكرت محاولة استغلال خاصية الانطواء لتحسين الطيران بسرعات عالية عن طريق التعديل في التصميم الميكانيكي، كيف سيحدث ذلك؟
في الوقت الراهن نحن نستغل خاصية الانطواء لجعل حجم الطائر أكثر تكيفًا مع مهام المرور عبر الفجوات، ونقل الحمولة ومراقبة الأسطح.
ومع ذلك فنحن نؤمن بأن الطائرة القابلة للطي بإمكانها تخصيص شكلها لأداء مهام أكثر فعالية، فكما ذكر في ورقة البحث؛ إمكانية الطيران بسرعة عالية يمكن إنجازها عن طريق جعل شكل الطائرة متوافقًا وقوانين الديناميكا الهوائية، الأمر الذي يسمح بإنجاز المهام بسرعة أكبر في المواقف التي تتطلب ذلك، ومن ثم تغطية مساحة أكبر في وقت أقل.
بالتأكيد؛ فإن نجاح فكرة الطائرات القابلة للطي ستسمح لنا بإنقاذ مزيد من الأرواح في أثناء الكوارث دون التضحية بأحد، تصوير الأفلام بجمالية أكبر، وجعل إمكانية العمل عن بُعد أمرًا أكثر متعة وفعالية.
ما رأيك عزيزي القارئ، هل ستسعى لاقتناء واحدة من هذه الطائرات؟!