ما الذي يجعل الأجرام الفضائيّة تدور؟
الفيزياء والفلك >>>> علم الفلك
ولتفسير سبب هذا الدوران لا بُدَّ لنا من أن نرجع إلى بداية نشأة الكون أو ما يُعرَف بـاسم "الانفجار العظيم" الذي جعل كُرة ملتهبةً بدائيّة من الطاقة تنتشر بسرعة كبيرة جدًّا مُشكِّلةً فضاءً واسعًا، وقد بَرَد لاحقًا مُشكِّلًا المادة الكونية كلها التي نعرفها اليوم.
ومن حسن حظنا أن هذه الكرة لم تكن مثالية، لذا لم تنتشر على نحو متساوٍ في الاتجاهات كلها، فأصبحت بعض المناطق في الفضاء أكثر كثافة من غيرها وبعضها تمدّد وانتشر مسافاتٍ أكبر من الأخرى.
بعد ذلك، بدأت أكثر المناطق كثافة في الكون بالانهيار تحت تأثير جاذبيتها، وتشكيل كتلٍ عملاقة من المادة التي أصبحت فيما بعد هياكل فلكية ضخمة تحتفظ بجزء من الدوران الأصلي للكون الوليد يُسمّى "الزخم الزاويّ" أو "angular momentum"؛ وهو مقدار فيزيائيّ يصف دوران الأجسام.
ويُعَدُّ الزخم مهمًّا لكونه كميّة محفوظة، فيؤدي الزخم الزاوي لأي جسم حركة دورانيّة فيظلّ ثابتًا ما لم يؤثر شيء ما فيه؛ مثال ذلك "Great Attractor"؛ وهو جدار ضخم من العناقيد المجريّة التي تمتد مئات الملايين من السنوات الضوئية، على بعد قرابة نصف مليار سنة ضوئية عنا.
من ثم تنقسم كتل المادّة العملاقة إلى أجزاء أصغر تبدأ هي الأخرى بالانهيار على نفسها على نحو مستقل، لتنتج مجرات أصغر ومجموعات شمسيّة وكواكب تحمل كل منها جزءًا من الزخم الزاويّ الأصلي للكون.
ومثال ذلك: تدور في نظامنا الشمسي كل من الكواكب وشمسنا في الاتجاه نفسه؛ لأنها تكونت من سحابة الغاز والغبار البدائية نفسها وهذا ما ينطبق على جميع الأجسام الكونية.
أما لدى الثقوب السوداء؛ فإننا نعلم أنها ناتجة عن تطور نجم كان يدور أصلًا وله زخمه الزاوي فعندما يفقد وقوده النووي وتتوقف تفاعلات الاندماج ينهار على نفسه مُشكِّلًا "السوبرنوفا" ومن ثم الثقب الأسود، الذي كلما اقتربنا من مركزه سنجد الأجسام تدور بتسارع تصاعدي، إلى أن تنحسر في حيز لا يمكن للمادة أن تهرب أبدًا في نقطة اللاعودة عند أفق الحدث مُشوِّهةً بذلك الزمان والمكان كما تقدم أينشتاين بنظريته المشهورة.
المصادر:
هنا
هنا
هنا/