ما الأسباب التي تدفعك للمماطلة؟
علم النفس >>>> المنوعات وعلم النفس الحديث
كثيراً ما نلجأ للمماطلة والتسويف للتهرُّب من الأعمال أو تأجيلها، ولكن إلى متى ستستمرُّ هذه العادة؟ وحتّامَ نتوهّم أن تنظيم الوقت شاقٌّ كصراع؟
التسويفُ أو المماطلةُ نتيجةٌ مباشرةٌ لسوء تنظيم الوقت. يخلق الشخص عن طريقهما حمايةً ذاتيةً لنفسه في حال الفشل، فيبقى بمنأى عن الشعور بفقدان قدراته، ويظلُّ يعتقد أنه قادرٌ على تقديم الأفضل، ولكنّ عدم كفاية الوقت هو العذر الأنسب لتبرير هذا الفشل.
يفضّل بعض الأشخاص الشعور الذي ينتابهم بسبب ارتفاع الأدرينالين في الجسم عند إنجاز مَهمّةٍ ما قبل الموعد المحدّد بعشرة دقائق. ولكن في الوقت نفسه ترهق هذه اللذّةُ الجسمَ وتُتعبه. وبعد فترةٍ سيسأم الجسم من تكرار الأمر نفسه. من ناحيةٍ أخرى يؤدي تحصيل الشخص نتائجَ جيّدةً ومُرضيةً على الرغم من استخدام المماطلة إلى اتّباع الأسلوب ذاته في المرّات القادمة. ولكن يبقى النقدُ الذاتيُّ وعدمُ الرضا على هذا الحال مُلازِماً للمماطلين، والعديد منهم يميل لمعاقبة نفسه بدلاً من السعي لتغيير هذه العادة.
وجدت دراسةٌ أن قرابة 70 بالمائة من الطلّاب الجامعيين يلجؤون إلى التسويف في حياتهم الدراسية عن طريق تأجيل دراستهم للحظات الأخيرة. يشعر البعض بالراحة لهذا الأسلوب، ولكن في الوقت نفسه ينتابه القلق من الاعتياد عليه والبقاء على المنوال نفسه حتى بعد تجاوزهم الحياةَ الجامعية، ما يؤثّر في حياتهم المهنية سلبياً.
الحلُّ بيدك! ولكن عليك أولاً أن تحدّد الأسبابَ التي تدفعك للمماطلة، وتعي الأشياءَ التي قد تشعر بها حين تماطل.
في البداية؛ يوجد العديد من المخاوف في عقولنا، وفي حالة الوعي أو اللاوعي تقودنا للمماطلة والتسويف:
- الخوف من الفشل: الخوف من عدم إنجاز المهمة كما يجب وعدم تحقيق نتائج جيدة يدفع الشخص للمماطلة لكسب وقتٍ أكثر لتجنّب هذا الخوف.
- الخوف من النجاح: على عكس الخوف من الفشل، يخاف البعضُ النجاحَ فيستخدمون أسلوب المماطلة لتجنّب الإدمان على عملٍ ما قد يسبّب تغيّراتٍ في شخصيتهم. يراود هؤلاء الأشخاص خوفٌ من أن يصبحوا باردي الشخصية مع الآخرين، أو يفقدوا محبّتهم وودّهم. ومن ناحيةٍ أخرى يتوقّع البعض أنه في حال توقّفوا عن المماطلة ستتحسّن نتائجهم، ما يزيد توقّعات الآخرين تجاه قدراتهم، وهذا يعني زيادة مهامهم وتضاعف الضغط عليهم.
- الخوف من فقدان التحكّم بالذات: يستخدم البعض المماطلة وسيلةً لإثبات شخصيّتهم وإظهار استقلاليتها. أما إنجاز المهمة في الوقت المحدد فإنه يُشعِرُهم بسُلطة الآخرين عليهم وفقدان تلك الاستقلالية.
- الخوف من الوحدة: الشعور الدائم بالحاجة إلى الآخرين في مختلف المواقف التي قد يتعرّض لها الفرد يقوده للمماطلة. فالبعض يستخدم المماطلة للاتّكال على الآخرين لإنجاز مهامه عوضاً عنه. وآخرون يفضّلون قضاء وقتهم مع أقرانهم أو عائلتهم بدلاً من العمل؛ إذ إن معظم المهام فرديةٌ تُبعِد الشخص عن الآخرين.
- الخوف من التعلّق: هناك اعتقادٌ بأن إنجاز المهام في الوقت المناسب يؤدي إلى تعلّق الآخرين بهم. لذلك يسعون لخلق فوضى في حياتهم عن طريق الإهمال والمماطلة لإبعاد الآخرين عنهم.
كيف تعرف إن كنت مماطلاً؟
هل تسمع دوماً صوتاً مُزعِجاً في رأسك؟ أو تتخيّل ما تحاول تجنّبه ماثلاً أمامك؟ أتعاني اضطراباتٍ جسديةً في لحظاتٍ معيّنةٍ كضيق المعدة أو الصداع أو التشنج العضلي؟ ألا تشعر بالعجز عن التركيز والاستمتاع بما تفعله؟ كلُّ هذه الأعراض تشير إلى أنك تماطل، وإن لم تكن حقاً تدرك ذلك!.
ما عليك فعله هو تحدّي الخرافات التي تخلقها بنفسك لتأجيل ما ينبغي لك إنجازه. توقّف عن خلق الأعذار لنفسك وزعم عدم قدرتك على العمل في بيئةٍ فوضوية. كلُّ ما تحتاجه للبدء هو الأشياء اللازمة لهذا العمل. ربما لم تبحث كفاية عمّا يجب عليك فعله بالتحديد؛ فابحثْ أولاً. لا تقُلْ لنفسك إنك تفضّل العمل تحت الضغط لأنك تستطيع تقديم نتائج أفضل. يمكنك تحدّي نفسك وخلق جوٍّ مشابهٍ بتخصيص وقتٍ محدّدٍ لإنجاز العمل بدلاً من تأجيله للحظة الأخيرة. ويمكنك طلب المساعدة من شخصٍ آخر. ومن المهمِّ أيضاً عدم تجاهل الأمور الصغيرة التي تستهلك معظم وقتك كالردِّ على المكالمات وتناول الطعام وغيرها. فعندما تريد أن تحسب الوقت اللازم لمهمّةٍ ما، عليك أخذ هذه التفاصيل بالحسبان.
ختاماً، اخلق بيئةً مناسبةً للعمل والتركيز على أهدافك لإنجاز ما تريد دون اللجوء إلى المماطلة للحصول على نتائج أفضل، ما يتيح لك فرصاً أفضل في المستقبل.
المصادر:
1- هنا
2- هنا
3- هنا