روبوت يستوحي تصميمه من حشرة!
الهندسة والآليات >>>> الروبوتات
ليست حياة الحشرة بذلك السوء؛ فإذا تغاضينا عن دورة حياتها القصيرة، وعن خطر أن تُؤكل من إحدى الزواحف أو تُقتل من أحد البشر؛ فإنَّ قدرتها على الطيران، ومهارتها في المشي على السقوف، ألهمت عديدًا من المختصِّين في مجال الروبوتات، للعمل على تطوير روبوت يمتلك جزءًا من قدرة الحشرات. 1- هنا
ولكن، للظفر بقوى الطبيعة؛ يلجأ علماء الروبوتكس إلى وسائل غير بيولوجية، فنجد -مثلًا- أنَّ آخر هذه الروبوتات المشابهة للحشرات لم يستعن بمواد لاصقة في أقدامه، أو تقليد شكل قدم الوزغ "أبو بريص" كما فعل صُنَّاع الروبوتات في السابق، لكنَّه حلَّ مشكلة المشي رأسًا على عقب عن طريق الكهرباء.
ويُعدُّ هذا الروبوت تطويرًا على روبوت سابق بُني ليستلهم خواصَ الحشرات في الطبيعة أيضًا، وعُرف باسم "روبوت هارفرد الجوَّال المصغَّر" أو (HAMR) باختصار.
و(HAMR) هو روبوت متناهي الصغر ذو أربع قوائم صغيرة، يزن 1,5 غرام فقط ويبلغ طوله 4.5 سنتيمتر، ويمكنه أن يهرول مشيًا على الأرض بحيث تتحرَّك قوائمه بالتزامن بعضها مع بعض.
ولكن عند الحاجة إلى المشي رأسًا على عقب؛ فإنَّ مِشية الهرولة هذه لن تجدي نفعًا؛ ما دفع الباحثين في (معهد ويس- Wyss Institute) في هارفرد إلى العمل على مشية مبتكرة بحيث يبقون ثلاث قوائم على تماس مع السطح، في حين ترتفع قائمة واحدة فقط عن السطح في كلِّ خطوة؛ ممَّا يضمن الثبات والاستقرار في أثناء المشي.
وتوجد -في نهاية كلِّ قائمة- طبقةٌ رقيقة من النحاس متَّصلة بسلك يُزوِّدها بشحنة كهربائية موجبة، ويعمد الباحثون قبل التجربة إلى شحن السطحَ المراد المشي عليه بشحنة سالبة، فتتفاعل الشحنتان -الموجبة والسالبة- مولِّدتَين قوة جاذبة تُلصِق الروبوت الصغير بالسطح، متيحةً له البقاء متعلّقًا حتى لو كان هذا السطح هو السقف.
ولكي يتمكَّن الروبوت من المشي؛ يقطع الباحثون الكهرباء عن واحدة من القوائم الأربع، في حين تبقى الثلاث الأخرى مشحونة وثابتة، ثمِّ يحدث الأمر نفسه مع القدم الثانية.. وهكذا بالتناوب؛ ما يولِّد حركة مستقرة لكنَّها بطيئة إذا ما قورنت بمشية الهرولة التي يمشيها الروبوت على الأرض.
ولكن؛ لماذا قد نحتاج روبوتًا على شكل حشرة يمشي رأسًا على عقب فوق رؤوسنا؟!
كان المشروع الرئيسي -الذي بدأ هذا البحث عنه- هو معاينة محرِّكات الطائرات، ويُعدُّ المحرِّك بيئةً ممتازة في هذا السياق إذ إنَّ سطحه المعدني يمكن أن يخدم بوصفه سطحًا ذا شحنة سالبة؛ على عكس بعض السطوح الأخرى العازلة التي لن يستطيع الروبوت المشي عليها بالمقلوب.
ويقول مات إيسترادا (Matt Estrada)؛ وقد درس الروبوتات المماثلة للحشرات في جامعة ستانفورد:
"إنَّ القدرة على المشي على عدَّة سطوح مختلفة تزيد من فائدة الروبوت (HAMR) على نحو كبير.
وعلى الرغم من أنَّ حجمه الصغير يمكِّنه من الدخول إلى مساحات ضيِّقة جدًّا؛ إلَّا أنَّ هذا يحمل في طيَّاته مشكلة أيضًا، فمعظم العوائق ستبدو كبيرة جدًّا بالمقارنة".
ويشير القائمون على المشروع إلى أنَّ الخطوة القادمة هي تمكين الروبوت (HAMR) من المشي بالمقلوب بدون وجود سلك يمدُّه بالطاقة؛ ممَّا يعني إضافة البطاريات إلى الروبوت؛ الأمر الذي يضيف أعباء على التصميم.
والآن، يمكنك أن تتخيَّل مستقبلًا تحلِِّق فيه على متن طائرة قد فُحصت محرِّكاتها من قبل روبوت -مستوحى من حشرة- يتجوَّل على السطوح باستخدام قوائم مشحونة بالكهرباء؛ هل ستشعر بطمأنينة أكبر؟ أم أنَّ التفكير في ذلك يجعلك خائفًا من الركوب في تلك الطائرة؟ شاركونا آراءكم..
المصادر :