نظام Carolus Linnaeus في التسمية العلمية الثنائية
البحث العلمي والمنهجية العلمية >>>> البحث العلمي
على سبيل المثال؛ جرتِ الإشارة إلى الوردة البرِّية الشائعة بثلاثة أسماء من قبل علماء النبات هي:
Rosa sylvestris inodora seu canina, Rosa sylvestris alba cum rubore, folio glabro.
Image: https://www.visionlearning.com/images/figure-images/70-a.jpg
وازدادت الحاجة لاحقاً إلى نظام تسمية عمليٍّ بسبب العدد الضخم من النباتات والحيوانات التي أُعيدت إلى أوروبا من آسيا وإفريقيا والأمريكتين. وبعد تجربة العديد من البدائل؛ جاء عالم النبات السويديّ Karl von Linné أو Carolus Linnaeus مُقترحاً الحلّ.
عُرِف Linnaeus بحبِّه العميق للطبيعة وشغفه بالنباتات واهتمامه بأسمائها في عمرٍ مبكِّر، فقضى جزءاً كبيراً من وقته في جمع ودراسة النباتات أثناء دراسته للطب، وكان له الدور الأساسيّ في إرسال تسعة عشر طالباً من طلَّابه في رحلات استكشافٍ للطبيعة.
لُقِّب في عصره "أبو التصنيف" واقترح نظاماً متناسقاً لتصنيف الكائنات الحيّة عام 1735 ونشره في كتابه متعدّد الأجزاء Systema Natura؛ الذي عدَّله مع كل عيِّنة جديدة من العيِّنات النباتية والحيوانية المرسَلة إليه من كل أنحاء العالم، وكانت الخطوة التصنيفيّة المهمَّة التي نُشرت في الإصدار العاشر منه عام 1758؛ نقله الحيتان من مجموعة الأسماك إلى مجموعة الثدييات.
اعتمد تصنيف Linnaeus في البداية على عدد أعضاء التكاثر (الأسدية والمدقَّة) وترتيبها فقط؛ ما أثار جدلاً في عصره رغم سهولة تعلُّمه واستخدامه، ونتج عن ذلك العديد من التجمُّعات التي بدت غير طبيعية، فاتَّبعت أنظمة التصنيف لاحقاً طريقة John Ray في استخدام الأدلَّة المورفولوجية (الشكلية) من جميع أجزاء الكائن الحي في جميع مراحل تطوُّره.
لكنَّ Linnaeus بسَّط التسمية كثيراً عن طريق تعيين اسم لاتيني لكل نوعٍ؛ مؤلَّفٍ من مقطعَين، يُمثِّل المقطع الأول من الاسم العلمي اسمَ الجنس genus (جمعُه genera)، ويُكتب دائماً بأحرفٍ كبيرة في بدايته، بينما يُمثِّل المقطع الثاني لقب النوع، لذلك دُعي هذا النظام بنظام التسمية الثنائية (binomial nomenclature)، واستُمِدَّت الأسماء من اللغة اللاتينية العالمية، ويُشار إلى أنه بعد ذكر الاسم العلمي للنوع كاملاً للمرة الأولى؛ يُختزل اسم الجنس بذكر الحرف الأول منه بحرفٍ كبير وتوضع بعده نقطة ثم يذكر اسم النوع كاملاً، ويكتب الاسم العلمي عادة بأحرف مائلة.
يمنح نظام Linnaeus كل نوعٍ هويةً مميَّزة ويُلبِّي الحاجة التصنيف.
فقد صُنِّفت الكائنات الحية إلى مملكتين kingdoms نباتية أو حيوانية، ثم قُسِّمت كلٌّ منها إلى فئاتٍ أصغر سُمِّيت الصفوف classes، والتي جُزِّئت بدورها إلى أقسام أصغر تُدعى أجناس genera.
ويعدُّ تجميع الأجناس في مرتبة تصنيفية أعلى اعتماداً على أوجه التشابه الموجودة جزءاً من ابتكارات Linnaeus، فجُمعت الأجناس في الرتب، والرتب في الصفوف، والصفوف في الممالك، وهكذا ضمَّت المملكة الحيوانية صف الفقاريَّات الذي ضمَّ رتبة الرئيسيَّات، واحتوت رتبة الرئيسيَّات جنسَ Homo الذي يضمُّ النوع sapiens (الإنسان)، فأُطلق على البشر مثلاً اسم Homo sapiens الذي يعني (الإنسان العاقل)، وأضاف علماء الأحياء إليها لاحقاً صفوفاً إضافية للتعبير عن مستويات إضافية من التشابه.
وكذلك وُضِع الكائن الحي في مجموعةٍ فرعية مع غيره من الكائنات الحية على أساس الصفات الفيزيائية المُشتركة، إلى أن أصبح تاريخها التطوُّري جزءاً مهمَّاً من تصنيفها بعد النهضة التي أحدثها العالِم Charles Darwin في كتابه "أصل الأنواع" عام 1859. أمّا اليوم؛ يعتمدُ علماء التصنيف أساساً على تقنيَّات متطوِّرة كتسلسل الـ DNA.
يضمُّ كل جنسٍ أنواعاً تشتركُ في سَلَفٍ واحد، فعلى سبيلِ المثال؛ صُنّف نوعان من الكلاب البريّة هما: الذئاب (Canis lupus) وذئاب الشمال الأمريكيّ (Canis latrans) ضمن الجنس نفسه Canis نظراً لوجود سَلَفٍ مشترَك لهما، وعلى الرغم من انتماء الثعالب الحمراء (Vulpes vulpes) إلى مجموعة الكلاب البريَّة أيضاً، لكنَّها فُصِلت عن النوعين السابقين ووُضعت ضمن جنسٍ آخر Vulpes، وذلك لعدم وجودِ قرابة لهذا النوع معهما.
يتألف نظام التصنيف حالياً من ثماني مراتب تصنيفية مُرتَّبة من الأعلى إلى الأدنى، وهي:
النطاق domain
المملكة kingdom
الشعبة phylum
الصف class
الرتبة order
الفصيلة family
الجنس genus
النوع species
مثلاً: ينتمي نبات البطاطا إلى المملكة النباتية Plantae، صف ثنائيّات الفلقة Magnoliopsida، رتبة الباذنجانيّات Solanales، الفصيلة الباذنجانيّة Solanaceae ، جنس Solanum، نوع Solanum tuberosum.
ويمكن الاطلاع على قائمة بالأسماء العلمية والأسماء الشائعة لبعض النباتات من هنا هنا
ومن اللَّافت حدوث تغييرٍ مستمرٍّ في المراتب التصنيفيّة الدنيا في نظام Linnaeus لتصنيفِ بعض الأنواع نتيجة بحث علماء التطوّر الدائم واكتشافهم لعلاقاتِ قرابةٍ تجمع بين أنواعٍ اعتقدوا سابقاً أنها غير مُتقاربة.
وتميلُ المستوياتُ الأعلى أيضاً من هذا النظام التصنيفيّ إلى المراجعة، فرغم اكتشاف الأدلَّة الجزيئيّة لقرابة الطيور مع التماسيح وتطوُّرهما من سَلَفٍ مشترَك من الديناصورات (Archosaurs) وفقاً لنظامٍ تصنيفيٍّ آخر، ولكن أُعيد وضع التماسيح في صفِّ الزواحف Reptilia تبعاً لنظام Linnaeus.
يعدُّ نظام Linnaeus النظام القياسي لتسمية الكائنات الحية وتصنيفها، ولا يزال مُستخدماً على نطاقٍ واسع حتَّى اليوم (رغم العديد من التعديلات)، وأثَّرت أفكاره في التصنيف على أجيالٍ من علماء الأحياء أثناء حياته وبعدها، حتى أولئك الذين لا يتفقون معه، و دُرِست كتاباته من قبل كل جيل من علماء الطبيعة، بمن فيهم Erasmus Darwin وCharles Darwin.
بعد وفاة ابنه؛ بيعَت مكتبته القديمة والمخطوطات ومجموعات التاريخ الطبيعي إلى مؤرِّخ الطبيعة الإنجليزي James Edward Smith الذي أسَّس جمعية Linnean في لندن للحفاظ عليهم.
ولا يزال البحث مستمرَّاً عن "نظام طبيعي" للتصنيف، لكن ما يحاول العلماء اكتشافه واستخدامه كأساس للتصنيف الآن هو العلاقات التطورية.
المصادر:
1- هنا
2- هنا
3- هنا
4- هنا
5- هنا
6- هنا
7- هنا