التصرف حيال الصدمات النفسية
علم النفس >>>> المنوعات وعلم النفس الحديث
تحدث الصدمة النفسية نتيجة حدثٍ مؤلمٍ وشديدٍ وغير عادي، ويشعر الشخص بسببه بانعدام الأمان والعجز والعزلة. فأيُّ حدثٍ من هذا النوع قد يُشكّل صدمةً حتى بانعدام وجود آثارٍ جسدية، بل ما تشعر به كافٍ وحده. وليس الحدث بحدِّ ذاته ما يجعلك تشعر بالصدمة، بل الصدمة هي ما تشعر به تجاه هذا الحدث كالخوف وعدم الأمان والعجز.
وقد تكون بسبب:
_ حدث حدث مرة واحدة: مثل: حادث، إصابة ما، هجوم وخاصة عندما تكون هذه الحوادث غير متوقعة أو حدثت في الطفولة.
_ حدث مجهد بشدة ومتكرر الحدوث؛ مثل: العيش في حي مليء بأحداث الجريمة والمخاطر، ومحاربة مرض مميت أو التعرض المستمر للعنف المنزلي أو التنمُّر.
_ حوادث تُكبت محاولات مواجهتها؛ مثل: الانفصال في علاقة مهمة، موت أحد المقربين المفاجئ، حدث مفاجئ وشديد وخاصة إن شعر الشخص فيه بالإهانة.
وفي الطفولة قد تحدث بسبب الصدمة مواقفٌ تجعل الطفل يشعر بعدم الأمان، وقد تستمر أعراضه على المدى الطويل؛ ومنها: العنف المنزلي، الحرمان من أحد الوالدين، الإهمال، مصارعة مرض ما، الإساءة الجنسية ...إلخ
أعراض الصدمة قد تتضمن:
الإنكار، الارتباك، صعوبة التركيز، الغضب، التهيج، تقلب المزاج، القلق والخوف، الشعور بالذنب، الخزي، الانسحاب من الآخرين، الشعور بالحزن أو اليأس، الشعور بانفصال أو خدر، الأرق أو الكوابيس، إعياء.
ما الذي يجب عليك فعله:
1_ اعط نفسك بعض الوقت لتقبل ما حدث ولتحزن كفاية.
2_ اكتشف وفكر في ما حدث، لك الحق في ذلك، ومن المهم مواجهة ما حدث عوضاُ عن الاهتمام بماذا كان يجب أن يحدث.
3_ اطلب العون.
4_ اختلط بمن نجا من موقف مماثل أيضاً.
5_ تحدَّث عما جرى بالتدريج وبالكميات المريحة لديك للآخرين.
6_ اصنع روتيناً خاصَّاً بك وإن كان من الصعب في البداية، واهتم بطعامك ونومك وصحتك ومارس الرياضة.
ما الذي يجب عليك الابتعاد عنه:
1_ لا تحارب مشاعرك فبعد الحدث الصعب الذي مررت به من الطبيعي أن تكون المشاعر قوية؛ فكبتها وإخفاؤها سيصعب المهمة عليك، ولا تشعر بالخجل من مشاعرك.
2_ لا تحاول نسيان أو تجاهل ما حدث أو كبته عن طريق الانخراط في أنشطة أو أعمال كثيرة، بل تعامل معه وتحدَّث عنه.
3_ لا تلجأ الى الكحول أو المخدرات لصرف انتباهك عن الحدث.
4_ لا تتخذ قرارات حاسمة ومصيرية في الفترة التي تلي الحدث فقد تندم عليها فيما بعد، بل استشر من تثق به.
نضج ما بعد الصدمة:
نشرت دراسة وجدت أن اختبار مواقف صادمة وصعبة قد تُعزِّز الصلابة والمرونة عند الشخص، بحيث تجعل اختبار مواقف أخرى صعبة أسهل وأكثر مرونة، ثم إن الشخص يستطيع استنباط الحكمة والقوة والشجاعة من المواقف الصعبة، وأيضاً تحمي الشخص من التركيز على الأحداث السلبية بل الانتباه إلى تقدير الأحداث الإيجابية.
وفي استطلاع نشر في مجلة العلوم النفسية ، من جامعة كولومبيا البريطانية استهدف 15 ألف شخص بالغ ممن عانوا من مواقف صادمة (في الماضي أو الحاضر) وجدوا أن من عانى في الماضي من حوادث صادمة كان أكثر قدرة على تقدير واستخراج اللحظات الجيدة في الحاضر ممن لم يعاني من صدمات.
ومن الضروري معرفة أن هذا الرابط بين الأفكار الجيدة وتقديرها في الحاضر وبين الحوادث الصادمة متاح للجميع وأنه لا يقتصر على شخصيات دون غيرها.
متى يجب علي أن احصل على مساعدة متخصصة:
قد تحتاج الى مساعدة متخصصة عندما تشعر أن ما تمر به صعب جدا لا تستطيع تحمله أو عندما تطول المدة (أكثر من شهر) فيجب أن تلجأ الى مختص خاصة عند حالات مثل:
_ عدم وجود أحد لمشاركة مشاعرك معه.
_ عندما لا يمكنك تحمل مشاعرك وتشعر بالحزن والقلق والإرهاق.
_ عندما تشعر بالهلع.
_ عندما يكون لديك كوابيس ولا تستطيع النوم بشكل مزمن.
_ عندما تبتعد عن الآخرين تدريجيا
_ عندما تسوء علاقتك بمن كنت مقربا له.
_ عندما تلاحظ أن عملك بدأ يسوء ويتراجع
_ عندما تبدا باللجوء للأدوية أو الكحول أو المخدرات.
بعد التجربة الصادمة، غالبا ما تقتحم الشخص ذكريات متطفلة من الحدث تزعجه وهي تحدث بسبب منبهات لديها القدرة على استحضار ذكريات غير مرحب بها. مثلا عندما يسمع الشخص صوت لشيء ما قد يسترجع من دون إرادته ذكرى قديمة مزعجة لموقف سمع فيه نفس الصوت أو صوت مشابه ومع ذلك تتراجع الذكريات المتطفلة مع مرور الوقت بالنسبة لمعظم الناس. وغالبا يكون ذلك عن طريق تدريب الذاكرة على الانتباه الى التفاصيل المفيدة وإهمال التفاصيل الغير مفيدة وهو أمر سيسهل على الشخص التعامل مع ذكريات الحدث الصادم بشكل أكثر مرونة وبالتالي التحكم بالذكريات المتطفلة خلال فترة ما بعد الصدمة.
نتعامل جميعنا مع الصدمات بطرق مختلفة وكلنا نتعرض لمجموعة واسعة من ردود الأفعال، لا يوجد شعور صحيح وشعور خاطئ لكل حدث وإنما هي ردود أفعال طبيعية لحوادث غير طبيعية ومن المهم مواجهتها ومعالجتها.
المصادر:
1- هنا
2- هنا
3- هنا
4- هنا