ماذا لو نقلنا مورثة من خلايا الدماغ البشري إلى القردة؟ (الجزء الثاني)
البيولوجيا والتطوّر >>>> علم الأعصاب
الجانب الأخلاقي:
وصف عديدٌ من العلماء الغربيين التجارب التي تحدثنا عنها في الجزء الأول للمقالة بالمتهورة. ومع اكتساب الصين ميّزة تكنولوجية في هذا المجال، يثير تعديل هذه القرود أسئلة عن حقوق الحيوان؛ إذ إنه في عام 2010م كتب Sikela (سيكيلا) وثلاثة من زملائه ورقة بعنوان "أخلاقيات استخدام الرئيسيات غير البشرية المُعدَّلة وراثيًّا لدراسة ما يجعلنا بشرًا"، وقد خلصوا فيها إلى أنه لا ينبغي أبدًا إضافة جينات الدماغ البشري إلى القرود -مثل الشمبانزي- لأنها تشبهنا كثيرًا.
وردًّا على هذه التساؤلات؛ يقول Su (سو) إنه يوافق على أن القردة قريبة جدًّا من البشر فلا يجب تغيير أدمغتها، ولا شك في اتصال القردة والبشر بسلف مشترك، ولكنّ ذلك كان منذ 25 مليون سنة، وفي نظر Su (سو) فإن هذا يخفف من المخاوف الأخلاقية، ويضيف: "على الرغم من أن جينومهم قريب من مادتنا الوراثية؛ ولكن هناك عشرات الملايين من الاختلافات"، وهو لا يعتقد أن القردة ستصبح أكثر من مجرد قرود؛ إذ يقول: "من المستحيل حدوث ذلك عن طريق إدخال بعض الجينات البشرية فقط".
Image: workingoutloud.com
و متابعةً للنقد، تقول Jacqueline Glover (جاكلين جلوفر)؛ عالمة أخلاقيات البيولوجيا في جامعة كولورادو والتي كانت أحد المؤلفين: "كأنك تذهب إلى كوكب القردة"، وتضيف: "إنّ إعطاء صفات إنسانية لهذه القرود يعني التسبب بالضرر لهم، أين سيعيشون؟ وماذا سيفعلون؟، لا تُنشئ كائنًا لا يمكن أن يكون له حياة ذات معنى في أي مجال".
ولكن على الرغم من ذلك؛ خلص المؤلفون أخيرًا إلى أنه قد يكون من المقبول إجراء مثل هذه التغييرات على القردة.
Image: Jacqueline Glove
مصدر الصورة: ucdenver.edu
وفيما يخص استخدام هذه القرود في الأبحاث؛ يقول James Sikela (جيمس سيكيلا) عالم الوراثة الذي يجري دراسات للمقارنة بين الرئيسيات في جامعة كولورادو: "إن استخدام القرود المعدَّلة وراثيًّا في دراسة المورثات البشرية المرتبطة بتطور الدماغ طريقٌ محفوف بالمخاطر"، ويضيف أنه يشعر بالقلق لأن التجربة تظهر تجاهلًا للحيوانات وستؤدي قريبًا إلى تعديلات أكثر تطرفًا، واصفًا الدراسة بأنها "قضية تحوي عديدًا من الزلات، ويمكننا توقع تكرارها مع متابعة هذا النوع من الأبحاث". علمًا أنّ استخدام القرود في أوروبا والولايات المتحدة يُعدّ صعبًا، في حين سارعت الصين إلى تطبيق أحدث التقنيات العالية للحمض النووي على الحيوانات؛ فقد كانت أول من أوجد قردة عُدِّلَت باستخدام أداة تعديل المورثات (CRISPR)، وفي شهر كانون الثاني/ يناير الماضي أعلن معهد صيني أنه استنسخ خمسة قرود مصابة باضطراب عقلي شديد.
وتعليقًا على الحدث يقول Sikela (سيكيلا): "من المثير للقلق أن يتوسع مجال البحث بهذا الأسلوب".
وعلى الرغم من أهمية الاكتشاف؛ يعتقد عديدٌ من العلماء أن التجربة الصينية لم تُسفِر عن كثير من المعلومات الجديدة، وأحد هؤلاء العلماء هو Martin Styner (مارتن شتاينر)؛ عالم الحاسوب في جامعة نورث كارولينا ومختص في التصوير بالرنين المغناطيسي، فهو يقول إنّه لا يتطلع إلى مزيد من الأبحاث عن تطور القرود المعدَّلة وراثيًّا، ويضيف: "لا أعتقد أنّ هذا اتجاه جيد، لقد أنشأنا هذا الحيوان الذي يختلف عما يُفترَض أن يكون عليه، وعندما نجري التجارب يجب علينا أن نفهم جيدًا ما نحاول تعلمه لمساعدة المجتمع، الأمر هنا مختلف".
إحدى المشكلات أيضًا هي أن القردة المعدَّلة وراثيًّا غالية الثمن في إنشائها ورعايتها. ومع وجود خمسة قرود معدَّلة وراثيًّا فقط، من الصعب الوصول إلى استنتاجات ثابتة عمّا إذا كانت تختلف حقًّا عن القرود العادية من حيث حجم الدماغ أو مهارات الذاكرة، ويُضيف Styner (شتاينر): "إنهم يحاولون فهم تطور الدماغ ولا أعتقد أنهم سيتوصلون إلى ذلك"، وتعقيبًا على ذلك وافق Su (سو) على أن عدد الحيوانات القليل كان حاجزًا، لكنَّه يقول إنه يملك الحل؛ إذ يصنع مزيدًا من القرود ويختبر مورثات تطور دماغ جديدة.
واستكمالًا لأبحاثه؛ يراقب Su (سو) حاليًّا المورثة (SRGAP2C) التي ظهرت منذ قرابة مليوني عام عندما تخلَّى الـ Australopithecus (أسترالوبيثيكوس) أو القرود الجنوبية (فصيلة من الرئيسيات) عن أعشاب السافانا الإفريقية، وقد أُطلِق على هذه المورثة اسم "مورثة التحوُّل الإنساني" و "الرابط الوراثي المفقود" لدورها المُحتَمل في الظهور المفاجئ للذكاء البشري، ويقول Su (سو) إنّه كان يضيفها إلى القرود، لكن من السابق لأوانه تحديد ماهيّة النتائج.
Image: Australopithecus
مصدر الصورة: study.com
مصدر المقال: هنا