عباءة التخفي السوداء؛ هل تصبح حقيقة؟
الهندسة والآليات >>>> التكنولوجيا
أنابيب الكربون النانوية (Carbon Nanotubes CNTs)
خفيفةُ الوزن أرقُّ من شعر الإنسان ولكن أقوى من الفولاذ، تمتلك خواص كهربائية وحراريةً وميكانيكيةً مذهلة، تتمتع بمتانة عاليةٍ واستقرارٍ كبير؛ ممَّا يجعلُها مناسبة للاستخدام في مجالات عديدة، نتحدث هنا عن أنابيب الكربون النانوية (CNTs) وهي هياكل أسطوانية دقيقة مصنوعة من الكربون، وعادةً ما تُصنع بشكلَين رئيسيَّين:
- أنابيب نانوية كربونية أحادية الجدار: يميل قطرُها إلى أن يكونَ أقل من 1 نانومتر.
- أنابيب نانوية كربونية متعددة الحواجز: تتكون هذه الأنابيب من عدة أنابيب نانوية مترابطة مع بعضها بعضًا، ويمكنُ أن تصلَ أطوال أقطارها إلى أكثر من 100 نانومتر.
تطوير المادة الأكثر سوادًا بالصُدفة
أعلن باحثو معهد ماساتشوستس التكنولوجي في بيانٍ صحفي بأنه لم يكن لديهم نيةً لابتكار أي مادةٍ سوداء جديدة، بل كانوا يجرون بعضَ التجارب لتعزيز الخواص الكهربائية والحرارية لمواد موصَّلة كهربائيًّا؛ مثل الألمنيوم عن طريق تنمية أنابيب الكربون النانوية عليها، ولم يُولُّوا أيَّ اهتمام للخصائص البصرية للمادة، وفي أثناء محاولتهم لتطوير CNT على الألمنيوم؛ ظهرت طبقةٌ من الأكسيد تغطي الألمنيوم عند تعرضه للهواء، وعملت هذه الطبقة كعازل منع للكهرباء والحرارة بدلاً من توصيلها، وبإزالة طبقة الأكسيد باستخدام الملح وصودا الخبز ومواد أخرى؛ تمكَّن الباحثون من إنتاج أنابيب الكربون النانوية على الألمنيوم في درجات حرارةٍ أقل ممَّا كانوا يفعلون بقرابة 100 درجة مئوية، ورأوا أن مزيجَ CNTs على الألمنيوم قد عزَّز -عمومًا- الخواص الحرارية والكهربائية للمادة وهي النتيجة التي توقعوها، ولكن ما فاجئهم حقًا هو لون المادة التي بدت شديدةَ السواد!
أُنتِجت المادةُ السوداء على صفائحَ رقيقة من الألمنيوم (بعد إزالة طبقة الأكسيد)، ونجحت في التقاط أكثر من 99.99% من أيِّ ضوءٍ وارد لسطحها بزوايا مختلفة؛ وهذا ما جعلها أكثر المواد سوادًا على الإطلاق؛ إذ ذكر أحدُ العلماء المشاركين في البحث: "إنَّني لاحظت كيف كان لون العينة أسودًا قبل نمو أنابيب الكربون النانوية عليها، وكيف أصبحت بعد النمو أكثر قتامةً؛ لذلك اعتقدتُ بضرورة قياس الانعكاسِ البصري للعينة".
وعند قياس كمية الضوء التي تعكسُها هذه المادة السوداء؛ اكتشف الباحثون بأنَّها تعكس الضوء القادمَ من كافة الزوايا أقل بعشر مرات من المواد السوداء الأخرى؛ من ضمنها مادة Vantablack (لمعرفة المزيد عن هذه المادة)
هنا
وقد عُرِضت المادة المطورةُ حديثًا في المعرض الفني The Redemption of Vanity المُقام في نيويورك مشروعًا من تصميم كل من براين واردل Brian Wardle (بروفسيور في علوم الطيران والفضاء في MIT) وديموت ستريب Diemut Strebe (فنانة مقيمة في المعهد)؛ إذ غُطيت قطعة ألماس صفراء طبيعية بوزن 16.78 قيراط بهذه المادة وكانت النتيجة مدهشةً؛ إذ أصبح الألماس غير مرئي ومسطحٍ وبدا مجرد فراغٍ أسود!
Image: Diemut Strebe
الباحثون غير متأكدين تمامًا من الآلية التي تساهم في عتمة المادة، لكنَّهم يعتقدون أنَّ غاباتٍ من أنابيب الكربون النانوية يُمكنها أن تحبسَ وتحوِّلَ معظم الضوء الواردِ إلى حرارة، وعكس القليل جدًّا من الضوء للخارج؛ ممَّا يُعطي CNTs ظلًا أسودًا على نحوٍ خاص.
ستُستخدم هذه المادة في كثير من المجالات، فهذه الأنواع من مواد CNT مفيدة على نحوٍ لا يُصدَّق في مختلف الصناعات، إضافةً إلى أهميتها في مجالات الفضاء؛ موضحًا ذلك واردل بقوله: "إنَّها تُقلل من السطوع غير المرغوب به في الكاميرات، وتساعد التلسكوبات الفضائية على اكتشاف كواكب خارجية تدور حول كواكب أخرى".
المصادر:
1- هنا
2- هنا