نتريد الغاليوم السيليكون المستقبلي
الهندسة والآليات >>>> الالكترونيات
تُعدُّ الزيادة المتصاعدة لاستهلاك الطاقة في العالم من التحديات الرئيسة التي تواجهنا في يومنا هذا، والتي من المتوقَّع أن تتزايدَ بنسبة 40% في أنثاء العشرين سنة المقبلة (قبل حلول 2040). ويحتل استهلاك الكهرباء الحصة الأكبر؛ إذ يصل إلى 60% من مجموع الطاقة المستهلَكة، وهنا تأتي أهمية الإلكترونيات الصناعية في ذلك؛ فهي التكنولوجيا المخصصة لتنظيم الطاقة المستهلكة وإدارتها.[4]
لأكثر من خمسة عقود، كان السيلكون (Si) نصف الناقل المسيطر في صناعة أجهزة الإلكترونيات الصناعية، ولكن ظهرت الحاجة -مؤخرًا- إلى تكنولوجيا نصف ناقل جديدة للتغلُّب على الحدود القصوى لإمكانيات أجهزة السيلكون نتيجة الطلب المستمر على تيارات وجهود أعلى وكفاءة أفضل في استخدام الطاقة؛ وذلك بهدف تخفيض الاستهلاك العالمي للطاقة.[4]
نتريد الغاليوم Gallium Nitride
من المتوقع أن تكونَ مادة نتريد الغاليوم (GaN) نصف الناقل المستقبليّ للإلكترونيّات الصناعية. وبالعودة إلى تاريخ هذا المركب؛ نجد أنَّ مادة الغاليوم اكتُشفت عام 1875 وأُضيفت إلى الجدول الدوريّ للعناصر حينذاك، أمَّا مركب نتريد الغاليوم هو نصف ناقل، اشتُهر في ستينات القرن العشرين وهو متساوي إلكترونيًّا مع عنصر الجرمانيوم Germanium نصف الناقل، لكنَّه يختلف بتركيبه وفجوة الطاقة. [5]
لهذا المركَّب قابلية نقل للإلكترونات بفعاليةٍ أكبر بـ 1000 مرة من السيلكون؛ إذ يتفوق على السيلكون من حيث السرعة وتحمُّل الطاقة ودرجات الحرارة، ومن المتوقع أن يُستبدلَ السيلكون مستقبلًا ليحلَّ محله نتريد الغاليوم. [1] [3]
ولم تكن مادة نتريد الغاليوم سابقًا بهذه الإمكانيات؛ إذ كان المركب غير موثوقٍ إلى حدٍّ كبيرٍ وغيرَ فعال، فنسبة الكهرباء المُحوَّلة إلى ضوءٍ ضئيلةٌ جدًّا لا تتجاوز 0.005%، إضافةً إلى أنَّ الترانزستورات المصنوعة منه تُمرّر التيار باستمرار دون توقُّف؛ ممَّا قد يُسبب قصر الدارة، وبتطوُّر طرائق التصنيع حصلت العلامة الفارقة فتحسَّنت الوثوقية، وظهرت خاصيته الباعثة للضوء الأزرق.[5]
تطبيقات نتريد الغاليوم
أعلنت شركة CEI (شركة كامبردج للالكترونيات) عام 2015 عن خطٍ من الإلكترونيات الصناعية والترانزستورات التي تستخدم نتريد الغاليوم؛ إذ تَعِدُ هذه الشركة بتخفيض الطاقة المستعمَلة في مراكز البيانات والسيارات الكهربائية وأجهزة الاستهلاك الإلكترونية بنسبة تتراوح من 10 إلى 20 بالمئة في أنحاء العالم؛ وذلك بحلول عام 2025، ونتيجة لذلك ستستهلك مراكز البيانات (مثل شركات فيسبوك وجوجل وأمازون وغيرها) كثافة طاقية أقل، وتصبح السيارات الكهربائية أرخص، وشواحن أجهزة الحاسوب المحمولة بربع الحجم الحالي وحتى أصغر من ذلك فيمكن أن تتسعَ ضمن جهاز الحاسوب ذاته!. [1]
ويعمل الخبير في الهندسة الكهربائية والحاسبات في جامعة ولاية أريزونا (ASU) يوجي زاو (Yuji Zhao) على الاستفادة من هذه المادة لتطوير أوَّل معالجٍ والذي يُعدُّ ثورةً مستقبليةً في مهمات اكتشاف الفضاء؛ إذ يعمل هذا المعالج في درجات حرارةٍ أعلى من 500 درجة سيلسيوس، وتسمح هذه التكنولوجيا المستقبلية باكتشاف عوالم الحرارة المرتفعة في نظامنا الشمسي؛ مثل كوكب الزهرة وعطارد، وقد تحتاج عملية تطوير هذا النوع من المعالجات إلى كثيرٍ من الوقت والجهد ، ولكن يأمل الباحثون أن تظهرَ النتائج المرجوة في غضون 10 سنوات (قبل حلول 2030). [3] [2]
تواجه تكنولوجيا نتريد الغاليوم في يومنا هذا عقبةً أساسية لانتشارها؛ ألا وهي تكلفة تصنيعها. وعلى الرغم من ذلك؛ فقد ظهرت هذه التكنولوجيا في قارئات البلوراي، والتحليل الكهربائي للمياه، ويمكن استخدامها مستقبلًا لصناعة الشواحن بأحجام صغيرة، وإنتاج إشعاعاتٍ تصل إلى ترددات بالتيراهيرتز للتصوير الطبي، وأجهزة المسح الكامل للجسم وحتى التجسس، إضافةً إلى إمكانية استخدامها في الليدات LED لزيادة كفائتها بنسبة تتراوح بين الـ 70% و80%. [5]
يَعِد مركَّب النتريد غاليوم أن يكوَن التكنولوجيا المسيطرة في العقد القادم؛ إذ تمنح هذه المادة للأنظمة الإلكترونية فعاليةً أكبر، وحجمًا أصغر بكثير ووزنًا أخف، فهل يُستبدل السيلكون بنتريد الغاليوم؟! [1]
المصادر:
1- هنا
2- هنا
3- هنا
4- هنا
5- هنا