القرطوم؛ وجه جديد في عالم المخدرات
الكيمياء والصيدلة >>>> الإنسان والإدمان
فتعالوا نتعرف في مقالنا هذا إلى عقار القرطوم واستخداماته وتأثيراته.
الشجرة والعقار:
القرطوم Kratom (الاسم العلمي: Mitragyna speciose)؛ هي شجرة مدارية دائمة الخضرة يبلغ ارتفاعها ما بين 4-12 مترًا، ويعود موطنها الأصلي إلى جنوب شرق آسيا والفيليبين وغينيا الجديدة، ولكنَّ زراعتها أصبحت منتشرةً في أماكن أخرى الآن. ففي تايلاند -على سبيل المثال- تُمضغ أوراق القرطوم الطازجة أو المجففة أو يُعدُّ منها شاي، ولكن؛ من النادر أن تُدخَّن تدخينًا.
ويملك القرطوم تأثيرات منبهة ممَّا يُمكِّن من استخدامه في مقاومة التعب في ساعات العمل الطويلة عند تناول جرعة منخفضة منه، ولكن؛ قد يمتلك النبات تأثيراتٍ مسكنة مخدرة في الجرعات العالية.
وتتضمن المواد الكيميائية الرئيسة الموجودة في شجرة القرطوم أكثر من 40 مركب قلويدي ذي خصائص أفيونية تعود تأثيراتُ العقار المرغوبة إليها.
التركيب والتأثيرات الدوائية:
تحتوي التركيبات المتداولة من نبات القرطوم مركباتٍ كيميائية عدة بنسب متفاوتة؛ ممَّا يصعِّب تقدير تأثيراتها الدوائية.
وعلى الرغم من ندرة الدراسات السريرية المتعلقة بتأثيرات نبات القرطوم في البشر، يمكن القول إنَّها متعلقة بالجرعة؛ إذ تُسبب الجرعات المنخفضة تأثيرات محفزة شبيهة بالكوكائين، بينما تُسبب الجرعات العالية تأثيرات مسكنة مخدرة شبيهة بالمورفين.
أما المركبات الرئيسة ذات التأثير النفسي فهي الميتراجينين Mitragynine ومشتقه 7-هيدروكسي ميتراجينين 7-Hydroxymitragynine.
وتظهر التأثيرات المنشِّطة والنشوة بعد تناول بضعة غرامات من الأوراق المجففة بما يقارب عشر دقائق، وتستمر ساعة إلى ساعة ونصف، وقد سجل استعمالُ القرطوم لدى بعض الأفراد زيادةً في القدرة على العمل واليقظة والتواصل الاجتماعي، وفي بعض الأحيان زيادةً في الرغبة الجنسية.
وعند تناول القرطوم بكميات كبيرة، تظهر تأثيرات الجرعات المهدئة التي تعادل 10-25 غ من الأوراق المجففة، وتتجلى في حالة من التعرُّق والدوار والغثيان وعُسر الهضم في البداية، ولكنَّ هذه الحالة سرعان ما تُستَبدل بحالة من الهدوء والنشوة التي تشبه الحلم لتستمر قرابة ست ساعات.
وقد يؤدي استهلاك القرطوم استهلاكًا متكررًا إلى الاعتماد، وتكون أعراض السحب لدى البشر خفيفةً نسبيًّا، وهي تتراجع -عادةً- في أسبوع، ولكنَّ الخطورة تكمن في استهلاك القرطوم بالتزامن مع غيره من العقاقير، والذي يمكن أن يسبب تأثيرات جانبية خطيرة.
وقد سُجِّلت -بالفعل- حالات عدة من التداخلات الدوائية الضارة عند استهلاك شاي القرطوم مع العقاقير الآتية: كاريزوبرودول- مودافينيل- بروبيل هيكزيدين، ونبات الداتورا Datura stromanium، وسُجِّلت حالة وفاة في الولايات المتحدة الأمريكية ناتجة عن استخدام مزيج من القرطوم مع الفينانتيل والديفينهدرامين والكافئين والمورفين، وكان قد جرى تسويقه على أساس كونه خليطًا عشبيًّا.
الانتشار والحالة القانونية:
لم يظهر القرطوم على ساحة المخدرات العالمية إلا مؤخرًا، ما يعني أنَّه لا توجد معلومات كافية فيما يخص انتشار استخدامه خارج موطنه الأصلي في جنوب شرق آسيا (حيث يشيع استهلاكه لكونه نباتًا طبيًّا تقليديًّا).
ولم يدرج النبات ولا أي من مشتقاته القلوية في أيٍّ من جداول اتفاقيات الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات، ومع ذلك، يخضع هذا العقار للمراقبة في الولايات المتحدة الأمريكية وعديد من الدول الأوروبية وأستراليا، وبعض الدول الآسيوية أيضًا.
استخدام القرطوم وسميته في الولايات المتحدة الأمريكية:
كما ذكرنا، فإنَّ استهلاك القرطوم قد انتشر مؤخرًا في الولايات المتحدة الأمريكية؛ كونه متممًا غذائيًّا عشبيًّا يساعد في تسكين الألم وتدبير الإدمان على الأفيون، ولكنَّ هذا الاستخدام ليس آمنًا؛ بل يترافق مع كثير من المخاطر بحسب دراسة جديدة أُجريت في جامعة بينهامتون في نيويورك، فقد أجرى الباحثون مراجعةً للحالات الواردة إلى المركز الوطني للسموم، بالإضافة إلى مراجعةِ سجلات أحد مراكز العلاج المحلية في نيويورك بهدف تحديد السميات والوفيات المترافقة مع استهلاك القرطوم، ودرست 2312 حالة، من بينها 935 حالة من استعمال القرطوم وحده.
وكانت التأثيرات الجانبية الأكثر شيوعًا: الهياج (18.6%)، تسرُّع القلب (16.9%)، النعاس (13.6%)، التقيؤ (11.2%)، والتشويش (8.1%)، وسجلت بعض التأثيرات الخطيرة بدرجة أقل؛ مثل: نوبات (6.1%)، الانسحاب (6.1%)، الهلوسات (4.8%)، التثبيط التنفسي (2.8%)، الغيبوبة (2.3%)، السكتة القلبية أو التنفسية (0.6%).
وأخيرًا، كان القرطوم سببًا أو عاملًا مساعدًا في وفاة أربع من الحالات المسجلة.
وينتشر استهلاك القرطوم على نحو متزايد، ومن الجليِّ أنَّ هذا الاستخدام يترافق مع سميات كبيرة، وتشير النتائج التي توصلت إليها الدراسة إلى أن هذا العقار غير آمن؛ بل يشكل تهديدًا على الصحة العامة نظرًا لانتشاره واستخدامه متممًا نباتيًّا.
المصادر:
هنا
هنا
هنا