القنادس؛ مهندسو النظم البيئية
هل تعلم والإنفوغرافيك >>>> كاريكاتير
اشتهرت القنادس Beaver في الثقافة الشعبية الأمريكية خصوصًا وفي العالم عمومًا، بصفتها ثديّياتٍ صغيرة منهمكة في قضم جذوع الأشجار بأسنانها الكبيرة البارزة؛ لتستعملها في بناء السدود عن طريق المجاري المائية التي تحيا فيها، أو مشغولةً في نقل المواد الطينيّة، أو حاملةً صغارها على ذيولها المسطّحة الشبيهة بالمجاديف، ولكن هناك العديد من الحقائق العلميّة التي قد لا تقدمها الصورة النمطية المألوفة لهذه الكائنات النشيطة.
إذ تُعدُّ القنادس (Castor canadensis) أضخمَ القوارض الموجودة في أمريكا الشماليّة، وتملك -كباقي القوارض الأخرى- قواطعًا أماميّة قويّة كبيرة لا تتوقّف عن النموّ، يُغطّي جسمها فراءٌ بنيٌّ داكن اللون، وتتميّز بعيونٍ صغيرة وذيل كبير مسطّحٍ مجدافيّ الشكل، يُقاربُ وزن الفرد الواحد منها 27 كغ ويصل طوله إلى 1.22 مترًا؛ على الرغم من أن بقايا أسلافها الموجودة في مناطق معينة بأمريكا الشمالية تدل على أنّها كانت أكثر ضخامة.
تحيا القنادس حيث يتوفّر الماء بالقرب من جذوع الأشجار؛ وقد بدأ عددُها بالزيادة نتيجة توفُّر الموائل الملائمة من البحيرات والبرك والمجاري المائيّة والأنهار، وتكيّفت مع العيش في الماء؛ عن طريق امتلاكها أطرافًا خلفيّة غشائيّة كبيرة وذيلًا مُسطّحًا يوجِّه حركتها، وقدرتها على إغلاق فتحاتها الأنفيّة وأذنيها لضمان عدم دخول الماء، وتمكِّنها أجفانها الشفّافة من الرؤية عبرها تحت الماء، وعلى الرغم من عدم قدرتها على التنفُّس تحت الماء؛ لكنها تكيّفت لتخزّن ما يكفيها من الأكسجين للغطس لمسافة نصف ميل، وتُفرز القنادس مادّةً زيتيّةً عازلةً تُسمّى (castoreum) تُبقيها جافّةً تحت الماء.
تُصنّف حيواناتٍ عاشبة ليليّة، فتقضم جذوع الأشجار لتتناول لحاءَها وتهضمه بفضل جراثيم مفكِّكةٍ للسيللوز في جهازها الهضمي، وتستعمِلُ أطرافها الأماميّة لحمل الأغصان وبناء سدودها المائيّة بما تبقّى من اللحاء، ولا تُعدُّ من الحيوانات التي تقضي شتاءَها في سُبات نظرًا إلى تخزين طعامها للشتاء إما بشكل دهونٍ في جسدها أو تخبِّئه في جحورِها.
علاوةً على تأمين الغذاء؛ تستعملُ القنادس الأشجار التي تقطعها في بناء السدود والمأوى، لذلك قد تلجأُ عادةً إلى قطع جذوع الأشجار بقطر (5-15) سم، ويمكنها قطع جذع شجرة الصفصاف ذات القطر 12.7 سم خلال ثلاث دقائق فقط. وتستعملُ هذه السدود لهدفين أساسيّين:
- الاستفادة من البرك المائية الصغيرة المتشكِّلة أمام سدودها في حمايتها وحماية جحورها من هجوم الحيوانات المفترسة.
- يساهمُ عمقُ البرك المائيّة الكافي في منعِ تجمُّد الماء أسفل سطحها شتاءً؛ مما يسمح للقنادس بالانتقال تحت المياه المتجمِّدة شتاءً لجلب الطعام المُخزَّن.
ويسمح بناءُ هذه السدود للقنادس العيشَ في الجداول المائيّة الضحلة بفضلِ رفع مناسيب المياه في الجدول وتنظيم جريانه، فيمكن القول أنّ القندس مهندسٌ للنظام البيئي الذي يعيش فيه؛ نظرًا إلى التأثيرات المباشرة للسدود التي يبنيها على هيدرولوجيّة المكان، وحجم الرواسب في البرك المائية أمام هذه السدود، إضافةً إلى الغطاء النباتي.
المصادر:
هنا
هنا