مراجعة الأقران- Peer Review، الجزء الثاني
البحث العلمي والمنهجية العلمية >>>> البحث العلمي
عندما يتلقى المحررُ ثمَّ المراجعُ مخطوطةً علمية سوف يحددان أوّلًا مناسبةَ الموضوع التامّة لمحتوى المجلة، ثم ينظران في كونِ سؤال البحث مهمًا وأصيلًا.
تتبع كثيرٌ من الأوراق العلمية المقدمة للمراجعة -عادةً- بنية محددة تبدأ بالعنوان (title) فالملخص (abstract)، فالمقدمة (introduction)، فالمنهجية أو الطرائق التجريبية المُتَّبعة (methodology)، فالنتائج (results)، فالمناقشة (discussion)، فالاستنتاجات (conclusions)، فالمراجع (references) (4).
العنوان (Title):
يجب أن يكون العنوان وصفيًّا ويتضمن المفهوم قيد التحقق والأنظمة المستخدمة في الدراسة، ويُقيّم المُراجِعُ ما إذا كان العنوان وصفيًا بدرجة كافية وموجزًا وواضحًا؛ إذ أشارت دراسة أجرتها (National Association of Realtors: NAR) ونشرتها Oxford University Press في عام 2006 إلى أنَّ عنوان المخطوطة يؤدي دورًا مهمًّا في تحديد اهتمام القارئ؛ فقد أعرب 72٪ من المشاركين عن أنهم قادرون عادةً على الحكم على كون المقال ضمن نطاق اهتماماتهم من خلال العنوان واسم المؤلف فحسب، في حين ادَّعى 13 ٪ منهم قدرتهم على معرفة ذلك دومًا (4).
الملخص (Abstract):
هو ملخص الورقة الذي يتضمن موجزًا عن خلفية الدراسة أو الغرض منها والأساليب المُتبعة فيها والنتائج المميزة والاستنتاجات التخصصية المرتبطة بها. ويقيّم المُراجع ما إذا كان الملخص غنيًّا بالمعلومات الكافية ومحتواهُ متوافقًا مع بقية أجزاء الورقة. وقد أشارت دراسة NAR إلى أنَّ 40٪ من المُشاركين يمكنهم تحديد أهمية المقالة بالنسبة إليهم بناءً على الملخص وحده 60-80٪ من المرات، في حين يمكن لـ 32٪ منهم الحكم على المقال بناءً على الملخص وحده 80-100٪ من المرات؛ وهذا دليل على إمكانية اعتماد الملخص في تقييم قيمة الورقة البحثية (4).
المقدمة (Introduction):
يجب أن تقدّم السؤال البحثي في سياق ما هو معروف مُسبقًا عن الموضوع، بغرض تحديد سبب كون السؤال ضمن اهتمامات المجتمع العلمي، وتحديد الثغرة المعرفية التي تهدف الدراسة إلى سدّها، وتحدد المقدمة الغرضَ من الدراسة ونطاقها أيضًا، وتصف باختصار الطرائق العامة للبحث، وتعرض الفرضيات والتوقعات. لذا؛ يحدد المُراجع ما إذا كانت المقدمة توفر معلومات أساسية كافية عن موضوع البحث، وتعرض سؤال البحث وافتراضَه بوضوح (4).
المنهجية (Methods):
يصفُ الطرائقَ التجريبية ويشرح سبب إجراء كل تجربة، ويحتوي الأساليب الإحصائية المتبعة والاتساق مع الأخلاقيات العلمية والقوانين، ويتضمَّن أيضًا المعدات والكواشف المستعملة في البحث، ويجب أن يكون قسم المنهجية مفصلًا بدرجة كافية حتى يمكن اتباعه في تكرار التجربة ويُستخدَم في كتابته الزمن الماضي وصيغة المبني للمعلوم. ويقيّم المراجع ما إذا كانت الطرائق المُستعملة للإجابة عن سؤال البحث مناسبةً، وما إذا كانت مكتوبة بتفاصيل كافية؛ في حال الافتقار إلى بعض المعلومات، فمن مهمة المراجع تحديد التفاصيل الواجب إضافتها (4).
النتائج (Results):
تُشرَحُ نتائجُ التجربة ومميزات البيانات دون حكم أو تحيز أو تفسير، ويمكن أن يتضمن هذا القسم الاختبارات الإحصائية المُجراة على البيانات والأشكال والجداول إضافة إلى النص، ويضمن المراجع وصف النتائج بتفاصيل كافية وتحديد مصداقيتها، ويتأكد من أنَّ النص يتَّسق مع المعلومات المقدمة في الجداول والأشكال المضمنة وأنَّ جميعها مهمة وذات صلة تعرض البيانات بدقة، ويتأكد أيضًا من أن الشروحات المُرفقة مع الجداول والأشكال ملائمةٌ من ناحية السياق والطول (4).
المناقشة (Discussion):
هنا تُحلَّل البيانات وتُفسَّر النتائج وتُربَط مع الدراسات السابقة؛ إذ تقدم المُناقشة شرحًا لمعنى النتائج وأهميتها من ناحية سؤال البحث وفرضيته، وتوضح ما إذا كانت الفرضية مدعومة أو مُفنَّدة، وتوفر تفسيراتٍ محتملة لنتائج غير عادية ومقترحات مُستقبلية للبحث أيضًا. ويجب عادة أن تنتهي المناقشة بقسم استنتاجات يلخص النتائج الرئيسة للبحث. ويحدد المراجع ما إذا كانت المناقشة واضحة ومركزة، وما إذا كانت الاستنتاجات تفسيرًا مناسبًا للنتائج، ويضمن أيضًا أن تتناول المناقشة قيود الدراسة أو أي شذوذ في النتائج، إضافة إلى علاقة الدراسة بالبحث السابق والنتائج النظرية والتطبيقات العملية للدراسة (4).
المراجع (References):
تعرض الورقة المراجع المُستعمَلة، وتسرد جميع مصادر المعلومات المُشار إليها في نص الورقة. ووفقًا لطريقة الاقتباس المستخدمة تُسرَد المراجع (يُمكنك تعرُف طرائق سرد المراجع في المقال الآتي: هنا)، ويضمن المُراجِع استعمال المَراجع استعمالًا مناسبًا والاستشهاد بها على نحو دقيق وتنسيقها تنسيقًا صحيحًا وعدم نسيان أي منها. وتطلبُ بعضُ المجلات وضعَ أقسام محددة أخرى بترتيب معين؛ مثل: قسم توافر البيانات و الـ conflict of interests وغير ذلك.
نهايةً؛ يُحدد المُراجِع كون الورقة مكتوبةً بوضوح وكون المحتوى يبدو منطقيًّا، وبعد قراءة شاملة وكاملة للمخطوطة؛ يقرر صحة إيفائها بمعايير المجلة للنشر.
نصائح لمراجعة أكثر فعالية:
نورد لك فيما يأتي عشر نصائح تُساعدك على أن تكون مراجعًا فعّالًا لأقرانك من الباحثين، وذلك وفقًا لما أشار إليه الخبير براين لوسي (Brian Lucey):
1- كُن محترفًا:
إن مراجعة الأقران مسؤولية مشتركة بين العلماء الزُملاء، ويُتوقَّع من العلماء -كونهم جزءًا من المجتمع الأكاديمي- أن يشاركوا في مراجعة الأقران، فإذا رغب أحدهم في أن تُراجَعَ أعماله عليه الالتزام بمراجعة أعمال أقرانه وبذل الجهد في ذلك أيضًا (4).
2- كُن لطيفًا:
إذا كانت الورقة ذات جودة مُنخفضة فاقترح رفضها، لكن؛ لا تترك تعليقات لاذعةً ومُشهِّرة؛ فما من فائدة من القسوة (4).
3- اقرأ الدعوة:
عند إرسال بريد إلكتروني إلى باحث طلبًا لإجراء مراجعة؛ توفر أغلب المجلات رابطًا للقبول أو الرفض، فلا ترد برسالة على البريد الإلكتروني، بل اتبع الرابط المُرفَق (4).
4- كُن مُساعدًا:
زوِّدِ المؤلفين بمُقترحاتٍ للتغلب على أوجه القصور في مقالتهم؛ إذ يجب أن توجهَ المراجعةُ المؤلفَ إلى ما هو جيد وما يحتاج إلى مزيد من العمل والتحسين من وجهة نظر المُراجع (4).
5- كُن علميًا:
يؤدي المُراجع دورَ النظير العلمي لا محررًا للتدقيق اللغوي أو اتخاذ القرارات؛ فلا تملأ المراجعة بتعليقاتٍ عن شؤون التحرير والطباعة. بدلاً من ذلك؛ ركز على إضافة قيمة علمية إلى المقالة والتعليق على مصداقية البحث والاستنتاجات المستخلصة، وإذا تضمنت الورقة كثيرًا من الأخطاء المطبعية فاطلب عملية القراءة التوكيدية (proofreading) بمثابة جزءٍ من توصياتك (4).
6- كن مُلزمًا بالجدول الزمني:
التزِمْ بالجدول الزمني المُحدَّد عند إجراء المراجعة، إذ يتعقب المحررون مَن يراجع وماذا ومتى يراجع، وسيعرفون بتأخر أحدٍ ما عن إتمام المراجعة. ومن المهم أن تُنهي المراجعة في الوقت المناسب احترامًا للمجلة والمؤلف من جهة، وكي لا تكوّن سمعة عنك بأنك تتأخر عن المواعيد النهائية لمراجعة الأعمال (4).
7- كُن واقعيًّا:
يجب أن يكون المراجع واقعيًّا بشأن العمل الذي يعمل عليه ودوره فيه والتغييرات التي قد يقترحها، فربما يُعلّي المُراجع سقف طموحاته في التغييرات التي يقترحها على المُؤلف لتكون غير مُناسبة (4).
8- كُن مُتعاطفًا:
تأكد من أن المراجعة علمية ومفيدة ولطيفة، وكن مُرهفًا ومحترمًا في اختيار كلماتك ونبرتك (4).
9- كُن مُنفتحًا:
تذكر أنه يمكن لكلٍ من المتخصصين والعامةِ إبداءُ رؤية قيّمة إذا ما طُلبت منهم المُراجعة، وسيبحث المحررون عن المراجعين المتخصصين والعامة لأي ورقة بغرض الحصول على وجهات نظر مختلفة، فإذا طُلب من شخص ما المراجعة فقد يكون له دورٌ فعال ومفيد ليؤديه وفقًا لرؤية المُحرر، حتى لو لم تكن الورقة في مجال خبرته تمامًا (4).
10- كُن منظمًا:
تتطلب المراجعة هيكليةً وتدفقًا منطقيين؛ إذ على المُراجع التدقيقُ في العمل قبل الانتقال إلى تحرّي الوضوح والأخطاء الهيكلية والنحوية والإملائية. ويوفر معظم الناشرين مناهجَ قصيرةً على موقعهم الإلكتروني تُفيد في تنظيم عملية المراجعة. ابدأ بعرضٍ عام للتحسينات المقترحة، ثم قدم ملاحظات على بِنية الورقة وجودة مصادر البيانات وطرائق البحث المستعملة فيها والتدفق المنطقي للمُحاججات وصلاحية الاستنتاجات المعروضة، ثم قدم ملاحظاتك فيما يخص الترتيب والمُفردات والصياغات مع مُقترحات تُفيدُ في التحسين (4).
المصادر: