المجلات المفترِسة أو المجلات المُخادِعة (Predatory journals)
البحث العلمي والمنهجية العلمية >>>> البحث العلمي
تُعرَف المجلات المفترسة أو المجلات المخادِعة (Predatory journals) بمجلَّات تتبعُ نظامَ الوصول المفتوح ( هنا Open Access) في نشرِ المقالاتِ إلكترونيَّا وفقًا لمعايير أكاديمية منخفضة؛ مثل عدم التزامها بعملية مراجعة الأقران (Peer review) هنا; و هنا و هنا ، أو انعدامها(2) وضعفِ إجراءاتها الأكاديمية في أثناء المراجعة والتحرير؛ مما يُقلِّل من مصداقيَّتها (1).
ظهرَت هذه المجلَّات منذ عدَّة سنوات عندما بدأت بعض المجلَّات بفرض رسومِ نشرٍ على المؤلِّفين -عند تحوُّلها إلى نطام النشر الإلكتروني وتغيير نظام وارداتها- بحجَّة عدمِ عدالة كلفة الاشتراك لقُرَّاءٍ من البلدان المنخفضة والمتوسِّطة الدخل الذين لم يتمكّنوا من دفعِها، واقتصار وصول المقالات البحثيَّة على قُرَّاء البلدان الأكثر دخلًا؛ ما أدَّى إلى تحويل تكاليف النشر من القارئ إلى المؤلِّف.
تجذب المجلات المفترسة المؤلِّفين مُستغلّةً عدم قدرتهم على تحمُّل كلفة النشر العالية المطلوبة في بعض المجلات المحكَّمة والموثوقة، فتتقاضى من المؤلِّفين كلفةً أقلَّ مقابل النشر مقارنةً بالكلفةِ العالية التي تفرضها بعض المجلات المحكَّمة، كذلك تَعِدُ المجلَّات المفترسة المؤلِّفين بنشرٍ سريعٍ (72 ساعة مثلًا) لورقتهم البحثيَّة، فقد يستغرق متوسط الوقت اللازم للنشر في بعضها 2-7 شهرًا، وذلك أقلّ بـ 12 شهرًا من متوسط الوقت الذي يستغرقُه النشرُ في المجلَّات ذات نظام الوصول المفتوح والأكثر حزمًا بعملية مراجعة الأقران (2).
ينعكسُ كلُّ ذلك سلبًا على البحث العلميّ عمومًا وعلى الباحثين خصوصًا؛ فنتيجةً لزيادة إيراد المقالات البحثيّة إلى تلك المجلات سيشهَد الوسطُ العلميُّ الأكاديميُّ تآكلًا لأبحاث عالية الجودة بسبب نشرها في مجلَّاتٍ مشكوكٍ في مصداقيّتها (2). ثم إن الباحث الذي يُراسل هذه المجلَّات -ذات المعايير الأكاديميّة المنخفضة- بغرضِ نشرِ ورقتِه البحثيّة؛ يضع نفسه في مكانٍ لا ربح فيه؛ إذ لن يُعترَف بمنشورِه، وقد يضرُّ بسمعته الأكاديميّة، إضافةً إلى هدرِ ماله (1)(2).
كيف يمكن التعرف إلى المجلات المفترسة؟
في عام 2008؛ لاحظ "Jeffrey Beall" أمين مكتبة الاتصالات العلمي والأستاذ المساعد في جامعة (Colorado Denver) العدد المتزايد لهذه المجلات الاستغلاليّة؛ فصاغ مصطلح "المجلات المفترسة" لوصف قدرتها على جذب المؤلِّفين القليلي الخبرة للوقوع في فخِّ النشر فيها (1)(2)، ثم أنشأ قائمة (Beall) بناءً على 52 معيارًا منهجيًّا يُمكن أن تُساعد على تحديد المجلَّات المفترسة (2)، واعتُمدَت من قبَلِ عديدٍ من المؤلِّفين بوصفها قائمةً موثوقةً لتحديد شرعيّة المجلة ومصداقيتها. ولكن في عام 2017؛ حذفها Beall لأسبابٍ لم تُحدَّد بدقَّة، خصوصًا في ظلِّ تلقِّيه التهديدات؛ ممَّا حذا بعض المبادرات اللاحقة لاعتماد قائمته أساسًا لوضعِ قوائم تُجدَّد باستمرار (1)(2)(3).
يمكنُ الاطلاع على أرشيف قائمة Beall هنا.
ويُمكن للباحث -قبل نشر ورقته البحثيّة- أخذ النقاط الآتية بعين الحُسبان:
عند البحث لاختيار مجلة للنشر؛ يجب التحقُّق من جميع المجلات التي تتبع عملية مراجعة أقرانٍ واضحة، والتحقُّق من عضويتها في اتحاد الناشرين الأكاديميين (Open Access Scholarly Publishers Association)، فغالبًا ما تستعمل المجلاتُ المفترسةُ أسماءَ وهمية لأعضاء هيئة تحريرها أو تُدرِج أسماء أعضاءٍ دون موافقتهم أو علمهم بها (1)(2).
تستعملُ المجلات المفترسة مقاييسَ وهميَّةً كعامل تأثير Impact Factor هنا لمجلة جديدة لم يُسجَّل لها عامل تأثير بعدُ مثلًا، ويمكنُ التحقق من ذلك بمساعدة قواعد البيانات المُعترَف بها عالميًّا؛ مثل: Web of Science هنا ،PubMedCentral ،Scopus، أو البحث في قاعدة بيانات تقارير استشهاد المجلات الرسمية هنا Journal Citation Reports database؛ فعند إدراج اسم المجلة المشكوك فيها ضمنَ أيٍّ مما سبق ذكره؛ لن تجدها (1)(3).
ناشر مجلة المفترسة ليس عضوًا في هيئة مهنية مُعترَف بها تلتزم أفضل ممارسات النشر؛ مثل: لجنة أخلاقيات النشر هنا (Committee on Publication Ethics (COPE، أو اتحاد الناشرين الأكاديميين (OASPA) هنا ، أو غيرها (1).
رئيس تحرير المجلة المفترسة هو رئيس تحريرِ عديدٍ من المجلات الأخرى المختلفة المواضيع، ولا تضع المجلة عناوين الاتصال بالمحرِّرين أو أعضاء هيئة التحرير أو الناشر، أو قد تكون عناوين منقوصة (1).
في معظم الأحيان يبدو موقع المجلة المفترسة الإلكتروني موقعًا غير احترافيٍّ، قد يضمُّ أخطاء لغوية (1).
يمكنُ الاستعانة بالعديد من المبادرات التي ظهرت بعد إغلاق قائمة Beall لتمييز المجلات المفترسة، كالقائمة السوداء لـ Cabell هنا على سبيل المثال (1).
ما مدى انتشار المجلات المفترسة؟
تشيرُ التقديراتُ أنَّه عام 2015 وُجِد قرابة الـ 10000 مجلةٍ مفترسةٍ في جميع أنحاء العالم، حملت أسماء مشابهة للمجلَّات الموثوقة ذات السمعة الجيِّدة، فقد توزَّع 45% من هذه المجلات في آسيا وأفريقيا (27% منها في الهند وحدها)، و25% في أمريكا الشمالية وأوروبا، في حين كان أكثر من ثلاثة أرباع المؤلِّفين من آسيا وأفريقيا (2).
ساهم نظامُ الوصول المفتوح بالمساواة في وصول المعلومات بين مختلف الباحثين في جميع أنحاء العالم، ولكنَّه -وفي ظلِّ انتشار ثقافة النشر الأكاديميّة- حفَّزَ عديدًا من المجلات غير الموثوقة إلى استغلالِه لخداع الباحثين الناشئين بذريعة نشر أبحاثهم بكلفةٍ أقلَّ ووقتٍ أقصر، ولكن على حسابِ مصداقيّتهم وسمعتهم الأكاديمية لاحقًا، لذلك قد يكون ذلك دافعًا كافيًا للمجلات ذات المصداقية بالتخفيض أو التنازل عن كلفة النشر للمؤلِّفين من البلدان المحدودة الدخل؛ وذلك لتحسين فرصهم وتقليل بحثهم عن المجلات الأقل كلفةً؛ وبذلك تقليل اعتمادهم عليها وسيلةً لتقليص عدد المجلات المفترسة ما أمكن، في الوقت ذاته تجدُرُ مقاطعةُ المجلات المفترسة سواء من قبَل القرَّاء أم المؤلِّفين (2).
المصادر: