علاج قديم في تاريخ الجائحات الفيروسية يعود في زمن فيروس كورونا المستجد (COVID-19)
الطب >>>> فيروس كورونا COVID-19
أحدثت جائحة الفيروس التّاجي (SARS-CoV-2) إحساسًا بالذعر على مستوى العالم، وبدأت الأبحاث والدراسات تتسابق في معظم الدول للتوصُّل إلى لقاحٍ وأدويةٍ ناجحة، ولكن حتى الآن لم تُثبت فعاليّة أيّ علاجٍ محدّدٍ لعدوى (SARS- CoV-2)(1).
وعلى الرغم من ذلك؛ عاد اقتراح نقل البلازما في ضوء علاجاتٍ مستقبليّةٍ لداء (COVID-19) كما سابقه من الجائحات الفيروسية؛ فلنتابع أكثر في مقالنا الآتي.
ووفقًا لمنظمة الصحة العالميّة؛ ركَّز 13 تدبيرًا لـ (COVID-19) على نحوٍ أساسي على الوقاية من العدوى -لمعرفة المزيد عن هذا الموضوع يمكنكم الاطلاع على عملنا السابق:
(هنا )- واكتشاف الحالات ومراقبتها والرّعاية الداعمة لها. وعلى الرغم من ذلك لا يُوصَى بأيّ علاجٍ محدّدٍ يمكن اعتماده دون مراقبةٍ طبيّةٍ وإشراف كادرٍ طبّيٍّ مُضادٍ لـ (SARS- CoV-2) بسبب عدم وجود أدلّةٍ على نجاح دواءٍ معيّنٍ على نحوٍ كامل (2).
وقد أفادت السُّلطات الصّينيّة عن نجاح علاج المرضى المصابين بالبلازما المُتَبرَّع بها من النّاجين من المرض، اعتمادًا على الأجسام المضادة الواقية التي شكَّلها النّاجون، ولا يُعدُّ نقلُ البلازما وتنقيةُ الدم علاجاتٍ جديدة(1).
إذ كانت استجابةُ المضيف للعدوى على شكل تفاعلٍ معقّدٍ لعاصفة السيتوكين متضمنةً حوادث خثريّة، والتهابيّة، وخللًا في البطانة الوعائيّة. إنّ هذه الاستجابة شائعةٌ في العديد من الأحداث التحريضيّة؛ إذ إنّ السيتوكينات هي جزيئاتٌ ذات إشاراتٍ كيميائيّةٍ تُفرزها خلايا الجهاز المناعي لتنظيم النّشاط وردِّ الفعل المناعي، وهو ردُّ فعلٍ طبيعيٍّ عندما يتعرَّض الجسم لهجوم أجسامٍ غريبةٍ مثل الفيروسات وغيرها، لكن في حالة (عاصفة السيتوكين)؛ يُسجَّل نشاطٌ مُفرطٌ للنّظام المناعي؛ إذ تُسبّب الخلايا المناعيّة اعتداءً شرسًا على الرّئتين (تتراكم السّوائل الالتهابيّة ضمن الحويصلات الرّئويّة) وتؤثّر كثيرًا في المبادلات الغازيّة والعمليّة التّنفسيّة بأكملها. وهكذا كان هدف العلاج سنواتٍ في هذه الحالة هو تبديل البلازما العلاجي، وسُجِّلت لهذا البروتوكول العلاجي فوائد متعدّدةٌ عن طريق إزالة السيتوكينات الالتهابيّة من بلازما المريض وتثبيت الأغشية البطانيّة الوعائيّة وإعادة ضبط حالة التّخثُّر المفرط (1).
واستُعمِلت بلازما الذين تماثلوا للشّفاء أو الغلوبيولين المناعي لتحسين معدل النجاة (survival rate) للمرضى المصابين بفيروس سارس والذين استمرَّت حالتهم في التّدهور على الرغم من العلاج النّبضي (بطريقةٍ متقطّعةٍ وبجرعاتٍ محدّدة) بالميثيل بريدنيزولون -وهو مضادٌ ستيروئيديّ قشريّ- لكبح الفعاليّة الالتهابيّة المفرطة الحاصلة في العديد من الاستجابات المناعيّة ومنها الإصابات الفيروسيّة الشّديدة.
وعلاوةً على تحسّن معدل النجاة؛ فقد احتاج المرضى السّابقون إلى مدّة إقامةٍ أقصر في المستشفى وانخفض معدل الوفيّات لديهم مقارنةً بأولئك الذين لم يُعالَجوا بالبلازما (2).
وبالعودة في التاريخ نذكُر أنَّه في خلال جائحة الإنفلونزا الإسبانية عام 1918م؛ واجه الأطبّاء مرضًا مميتًا ولم يكن هنالك علاجاتٌ محدّدة، لكن بمعرفتهم أنّ الأشخاص الذين تعافوا كانوا محصّنين ضدّ العدوى، حاول بعض الأطبّاء علاج مرضاهم بمصل الدم من مرضى الإنفلونزا المتعافين، ونجحت مع حالاتٍ كثيرة (3). واستُعمِل نقل البلازما تجريبيًّا لعلاج أعدادٍ صغيرةٍ من النّاس في خلال تفشِّي السّارس في عامَي (2002 و2003)؛ إذ نشير هنا إلى متلازمة ضائقة الجهاز التّنفّسي الحادّة، والنّاتجة عن فيروسٍ تاجيٍّ مرتبط ارتباطًا وثيقًا بفيروس (3) (COVID-19).
وفي عام (2014)؛ استُعمِلت البلازما التي جُمِعت من المرضى الذين تعافوا من فيروس إيبولا وكذلك الأمر في عام (2015)؛ إذ اعتُمِد بروتوكول تبديل البلازما لعلاج المتلازمة التّنفسيّة عند المصابين بفيروس الكورونا حينها. إضافة إلى ذلك كان الحَمل الفيروسي بعد العلاج بالبلازما أقلّ بكثيرٍ في الأيام (3 و5 و7) بعد القبول في وحدة العناية المركَّزة (2).
ومن أحد التفسيرات المحتملة لفعاليّة العلاج ببلازما النّقاهة هو أنّ الأجسام المضادّة قد تمنع حدوث (viraemia - تفيرُس الدم).
وتصل ذروة (viraemia) في الأسبوع الأوّل من الإصابة في معظم الأمراض الفيروسيّة. فعادةً ما يُحدِث المريض استجابةً مناعيّةً أوليّةً في خلال الأيام (10-14)، يتبعها التّخلّص من الفيروس. لذلك من الناحية النظريّة -ليكون بروتوكول البلازما أكثر فعاليّة في السيطرة على المرض- يجب استعماله بوقتٍ مبكّرٍ من حدوث المرض. وننتبه لأنّ بعض العلاجات قد تؤثر في العلاقة بين البلازما المنقولة من المُتعافين ومستوى الجسم المضاد، متضمنة الأدوية المضادّة للفيروسات والستيروئيدات والغلوبيولين المناعي الوريدي (2).
وباختصار؛ الخطّة هي أن يُطلب من المرضى الذين يتماثلون للشفاء من (COVID-19) التبرّع بعيّنةٍ من الدم، وهي التي ستُعزل البلازما منها. وبعد فحص السّموم والفيروسات، ستُنقل البلازما إلى الأشخاص المصابين أو المعرّضين لخطر الإصابة بـ (COVID-(3). وأيضًا تشير الأدلّة إلى أنّ بلازما النّقاهة من المرضى الذين تعافوا من العدوى الفيروسيّة يمكن استعمالها علاجًا دون حدوث اختلاطاتٍ خطيرة. لذلك قد يكون من المفيد اختبار سلامة نقل البلازما النّقاهة وفعاليتها في المرضى المصابين بـ (SARS - CoV - 2.(2)
فالمفهوم بسيط؛ ولكن التّنفيذ أكثر تعقيدًا؛ إذ لا يزال العلماء بحاجةٍ إلى تحديد مقدار الجسم المضادّ في دم مرضى (COVID-19) على النحو الفعال(3).