كيف يساعد علم الوراثة في إعادة الأسلاف إلى موطنهم- الجزء الثاني
البيولوجيا والتطوّر >>>> علم المورثات والوراثة
لقد استمرَّ (لامبيرت) في دراساته، وتمكَّن فريقه من الحصول على الجينوم المتقدري لبقايا الأسلاف، إضافةً لجينومات النووية (كاملة/جزئية) لعشرة منهم، ولكنَّ الفريق وجد الدنا المتقدري محدودَ القدرة على ربط البقايا بالجماعات المعاصرة.
وبعد بحث مُطول في قاعدة البيانات كُشِف الستار عن 11 مجموعة من البقايا التي لم تُظهِر أيَّة صلة مع أكثر من 100 جينوم متقدري لأستراليين أصليين حاليين، ونُسِب جينومان منهم إلى منطقة جغرافية خاطئة؛ لذا أثبتَ الدنا الجينومي أنَّه مصدر غنيٌّ بالمعلومات عن الأسلاف حين نهدف إلى المطابقة بين البقايا والجماعات المعاصرة.
وقد قارن فريق (لامبيرت) -فيما بعد- 10 جينومات قديمة مع 100 جينوم لأحياء أصليين في أستراليا، ووجدوا رابطًا وثيقًا بين البقايا والسكان الأصليين الذين أتوا من المنطقة الجغرافية ذاتها في الحالات العشر.
وعلى سبيل المثال؛ يُتوقَّع لأحد الأفراد القدامى أن يكون قد عاش منذ (2000) عام بأقل تقدير، وقد نُقِّب عن بقاياه في مدفن قديم في منطقة بحيرات (ويلاندرا) عام 1974. واليوم يوجد الأفراد الأقرب لهذا الفرد في المنطقة، وهم ينتمون لجماعات (الويلاندرا).
وتفاوض (لامبيرت) لاحقًا مع متحف (كوينز لاند) ومجلسه من المستشارين الأصليين لسَلسَلة ما يقارب 300 من البقايا المجهولة المصدر والموجودة في المتحف؛ وذلك ليرى إن كان بإمكانه تحديد مواطنهم الأصلية.
خريطة الماضي
جمع علماء الأجناس البشرية (نورمان تندال) و(جوزيف بيردسل) عيِّنات من الشَّعر وسلسلوها في الفترة الممتدة من عام 1928 وحتى سبعينيات القرن الماضي.
ورسمت فِرق (تيندال وبيردسل) -بناءً على ذلك- شجرة العائلة التي تتضمن أكثر من (50000) شخص بما فيهم من عاشوا قبل الاستيطان البريطاني عام 1860.
وقد تساءل باحثون عن إمكانية اعتماد هذه النتائج لتحديد أماكن إقامة السكان الأستراليين الأصليين الذين عاشوا قبل انتشار الاستيطان الأسترالي عبر البلاد.
وبيَّنت أشجار العائلات المفصَّلة أنَّ بإمكان الفريق تعقُّب عائلات بعض الأفراد بالعودة إلى تلك المناطق، على الرغم من أنَّ عيِّنات الشَّعر كانت قد جُمعَت من عشرينيات القرن العشرين؛ أي في الفترة التي أُجبِر فيها الشعب الأصلي على ترك أراضيه.
ونشر فريق (كوبر) و(توبلر) عام 2017 الخريطةَ الأولى للشعوب الأصلية اعتمادًا على الدنا الخاص بـ111 عيِّنة من الشَّعر تعود إلى ثلاث جماعات أصلية، ويَطرَح التحليل الجيني توقعات مفادها أنَّ الأستراليين الأوائل وصلوا من آسيا منذ (5000) سنة تقريبًا، وهذا موازٍ للدلائل الأثرية والدراسات الجينومية السابقة.
وتفيد الجماعات الأصلية الأسترالية أيضًا أنَّ اتصالها بهذه القارَّة قديم، وقد انقسمت هذه الجماعة المؤسسة في غضون ألفي عام إلى شعوب انتشرت واستقرَّت على وجهٍ غالبٍ في الشرق والغرب.
سَلسَل (كوبر) وفريقه -بعد ذلك- الدنا الجينومي لـ 150 عيِّنة شعر، والتي تساعد الخريطة المعتمدة على الدنا خاصَّتها في مطابقة البقايا المجهولة المصدر للجماعات المعاصرة ممَّا يمكِّنهم من العودة.
وأدَّت هذه الحوادث إلى اتفاقيات تحدِّد فيها الجماعات الأصلية كيفيَّة استخدام معلوماتهم، وعلى سبيل المثال؛ تسمح الجماعات الأصلية التي شاركت في دراسة (لامبيرت) بمشاركة بياناتهم مع باقي الجماعات آملين التحقُّق من النتائج.
وتعوِّل الجماعات الأصلية اليوم على الأبحاث الجينية كثيرًا، وترى عن طريقها أملًا حقيقيًّا للاعتراف بهم وبأصولهم.
"تركنا العلم خارجًا سنوات عديدة، لم يكن لنا دور بالنسبة إليهم سوى أن يسرقوا حكاياتنا وأدواتنا وعظامنا". (1)
المصادر: