الأبعاد الأساسية لنماذج BIM

في بداية ظهور نمذجة معلومات البناء BIM حققت النماذج الثلاثية الأبعاد ضمنه تفوقًا كبيرًا على CAD  الذي قُدِّم على أنه ثنائي البعد؛ لأنَّ غالبية استخداماته كانت تقتصر على إخراج  لوحات ثنائية البعد كالمساقط والواجهات والمقاطع، وسرعان ما تطور الأمر ليتجاوز BIM النماذج الثلاثية الأبعاد بإضافة الزمن بعدًا رابعًا ومِن ثَمَّ التكلفة بعدًا خامسًا على الرغم من اقتراح المعلومات المتعلقة بالمواد وموارد البناء بعدًا خامسًا أيضًا، وهنا ظهر عدم توافق في الأراء فبعد البعد الخامس كانت كلٌّ من الاستدامة ودورة حياة المشروع والأمور المتعلقة بالأمان والطاقة وسجلات البناء وإدارة المرافق مرشحة لتُشكل البعد السادس، ثم إنَّ الاستدامة والسهولة في إدارة الموقع مرشحة للبعد السابع، وقد تضمنت بعض المصادر بعدًا ثامنًا كمنع وقوع الحوادث على سبيل المثال.

إنَّ استخدام كلمة بعد يشير مجازيًّا إلى قدرات معالجة المعلومات؛ إذ تبين أن الأبعاد الأعلى من 4D  تشير إلى المعلومات الواردة في أنموذج 3D الأساسي، ولكنَّها تُعالج إضافيًّا لتعبرَ عن جوانب من سلوك المبنى وأدائه.

ولمَّا كانت تقنية BIM هي تمثيل رمزيٌّ للعناصر المكونة للمبنى من جدران وبلاطات وجسور وغيرها؛ لذا فإن أيَّ بعد يُنسب إلى BIM يجب أن يكون موجودًا في أبعاد رموزه، وليست كل خصائص الرموز مؤهلةً لتكون أبعادًا؛ إذ تُستبعد الخصائص المشتقة أو المحسوبة على أساس خصائص أخرى، فعلى سبيل المثال: البيانات المتعلقة بالمساحة أو الحجم لا يمكن أن تشيرَ لأبعاد حقيقية بعكس الطول والعرض والارتفاع التي تشكل أبعادًا حقيقية، وينطبق هذا على الخصائص غير الهندسية أيضًا؛ مثل خواص المواد فليست كل الخصائص الأولية مؤهلة لتكون أبعادًا؛ إذ يمكن استبعاد الخصائص التي لا تؤدي إلى فقدان هوية الرمز (العنصر)، فالمواد المكونة لجدار تتعلق بمتطلبات أدائه سواء لوظيفة هيكلية أو عزل حراري أو صوتي أو غير ذلك  وعلى الرغم من أهميتها، لكنَّها غير مؤهلة لتشكل بعد فهي خصائص رمز يمكن إضافتها أو إزالتها أوتعديلها دون أن تدمر هويته؛ إذ إنَّنا لا نحتاج إلى معرفة جميع مواد الجدار لإدراك وجوده والتعرف إليه كجدار وبذلك يمكن إضافة هذه التفصيلات في مراحل لاحقة. (1)

إذن ما الأبعاد الأساسية لـ BIM؟

أولًا: 3D BIM

بناءً على الأساس الهندسي لتمثيل أي عنصر في الفضاء بصورة كاملة اعتمادًا على ثلاثة أبعاد هندسية لا يمكن الاختلاف على وجود البعد الثالث. (1) 
وتُعدُّ نماذج البيم الثلاثية الأبعاد أكثر النماذج المألوفة (2)؛ إذ تُنشأ منصة تصميم ثلاثية الأبعاد -باستخدام برنامج Revit مثلًا- تسمح للمهندسين المعماريين والإنشائيين إضافةً إلى التخصصات الهندسية الأخرى بالمشاركة في عملية التصميم منذ المراحل الأولى للمشروع وفي بيئة بيانات مشتركة. (3) 

ثانيًا:  4D BIM 

الزمن هو المرشح الأكثر شيوعًا للبعد الرابع؛ إذ إنَّ المعلومات المتعلقة بالزمن أساسية ويمكن قبولها كبعد، فهو يحدد تاريخ عنصر ما، ويتعلق بتطورات العمل والحالة في أثناء دورة حياة المشروع؛ أي أنه لا يقتصر على القياس بواحدات خارجية كالساعات والأسابيع، إنَّما يرتبط بالتغييرات التي تطرأ على العناصر بشكلها أو مادتها أو علاقتها بالبيئة المحيطة مع تقدم مراحل  العمل. يتجلَّى التطبيق الرئيس للبعد الرابع بربط المنشأ بجدول زمني يتضمن قائمةً من الأحداث والعمليات المتسلسلة والتداخلات فيما بينها بحيث يظهر بواسطته كيفية تطور مراحل المشروع (1)، يسمح هذا النوع من المعلومات المتسلسلة بتقييم المخططات منذ البداية والتأكد من أن العمل يجري وفق تسلسل منطقي وفعال دون حدوث تعارضات تؤخر من سير العمل، ويمنح الجميع رؤية واضحةً للأعمال المخططة في كلِّ مرحلة وكيف سيبدو البناء عند الانتهاء دون مفاجآت(2).

ثالثًا:  5D BIM 

الخيار الأكثر شيوع للبعد الخامس هو التكلفة، لكنَّ التكلفة تشمل مستويات متعددةً، فتكلفة المواد كالرمل أو المكونات كالطوب أو التراكيب الكاملة كالنوافذ تُعدُّ بيانات أولية بسيطة، لكن ماذا عن تجميعها في عنصر من عناصر البناء أو في البناء كاملًا؟(1)
يُقدم الأنموذج الرسومي -عادةً- ثلاثة أنواع  من الكميات: النوع الأول هو الكميات المستندة إلى مكونات الأنموذج الفعلية مع التفاصيل المرئية وهي الأكثر وضوحًا؛ إذ يمكن استكشافها عن طريق الأنموذج، والنوع الثاني هو الكميات المشتقة من مكونات الأنموذج التي لا تكون مرئية دائمًا؛ مثل القوالب حول النوافذ (الكشف)، أمَّا النوع الثالث من الكميات هو الكميات غير المنمذجة بما في ذلك الأعمال المؤقتة ووصلات البناء.. إلخ؛ وبهذا يجب أن يكونَ المسؤول عن حساب التكاليف ماهرًا في تحديد الكميات التي لا تتعلق بمكونات الأنموذج فقط حتى يتمكن من إعداد تقارير أكثر دقة للكلفة(2)، ثم إن تحديد الكلفة الإجمالية لمشروع هي وظيفة معقدة ترتبط بعوامل مختلفة هندسية واقتصادية إضافةً إلى عدد من العوامل الأخرى، فعلى سبيل المثال: قد تختلف تكلفة النافذة ذاتها تبعًا لمكان تواجدها ضمن المبنى نفسه بسبب مشكلات في التركيب أو حاجةٍ لمعدات إضافية لوضعها على ارتفاع  معين ومن ثم فإن التكلفة ترتبط بحزم أو تقسيمات العمل وعلى الرغم من أهميتها لا يمكن عدها بعد في Bim، فهي ليست ضروريةً لتحديد هوية الأشياء، ثم إنها مشتقة من خصائص ومكونات أخرى للمشروع (1).

رابعًا:  6D BIM 

إن مرحلة التشغيل والصيانة هي أطول فترة في دورة حياة المبنى بالكامل وتستمر لعدة سنوات قبل أن يحتاج إلى التجديد أو الإصلاح؛ إذ يعتمد عمر المبنى عمومًا على الصيانة الدورية المنتظمة وفي الوقت المناسب، يؤمن أنموذج 6D BIM سهولة الوصول إلى قواعد بيانات عناصر المبنى التي يمكن عن طريقها الوصول إلى معلومات عن أي منتج مستخدم ونوع المعدات ونماذجها وفترات الخدمة والمواصفات الفنية في أي وقت؛ وبذلك يمكن بهذه الطريقة إدارة المبنى بسهولة، أي تنظيم الأداء السلس للمبنى والتخطيط لأعمال الصيانة والتجديد قبل سنوات (4)، ثم إنَّ وجود هذه التفاصيل في أنموذج المعلومات يساعد على اتخاذ القرارات في أثناء عملية التصميم؛ إذ يمكن للمصممين استكشاف البدائل -الأفضل اقتصاديًّا أو تشغيليًّا- واختيارها (2). 
 من جهة أخرى، يُعد إضافة معلومات تتعلق بأداء المبنى مثل الاستدامة والطاقة والسلامة والمعلومات المتعلقة بالصوت وإدارة المرافق والخصائص الأساسية للعناصر على الرغم من أهميتها لكن لا يمكن تصنيفها أبعادًا في BIM؛ لأنها ليست ضرورية لتحديد هوية العناصر، ثم إنها تحدَّد على أسس هندسية ومادية متعلقة ببيانات موجودة أصلًا في الأنموذج الأصلي الثلاثي الأبعاد، وبهذا يبقى الاستثناء الملحوظ هو بيانات الوقت كتواريخ الخدمة مثلًا التي هي أساسًا تنتمي إلى البعد الرابع.(1)

بناءً على ما سبق، يمكن عدُّ نماذج BIM أن تكون 4D فقط، ويتضمن الأنموذج 4D BIM بالفعل البيانات المطلوبة لحساب "الأبعاد" الأخرى التي تواكب تقدُّم مراحل المشروع.

المراجع:

1. Koutamanis A. Dimensionality in BIM: Why BIM cannot have more than four dimensions?. Automation in Construction. 2020;114:103153. هنا
2. McPartland R, McPartland R, Swaddle P, Hamil D. BIM dimensions - 3D, 4D, 5D, 6D BIM explained [Internet]. NBS. 2020 [cited 15 March 2020]. Available from: هنا;
3. Building Information Modeling - an overview | ScienceDirect Topics [Internet]. Sciencedirect.com. 2020 [cited 16 March 2020]. Available from: هنا
 4. Pučko Z, Štrukelj A, Vincek D, Šuman N. Application of 6D Building Information Model (6D BIM) for Business-storage Building in Slovenia [Internet]. ResearchGate. 2017 [cited 16 October 2017]. Available from: هنا