التكنولوجيا وإدارة السلامة في مواقع البناء
العمارة والتشييد >>>> التشييد
Image: Getty Images
على سبيل المثال، سجَّلت الصين وحدها وفياتٍ بمعدل 2500 شخص سنويًّا في مواقع البناء بين عامي 1997 و2014 (1)، وتُسجِّل الولايات المتحدة سنويًّا قرابة 2200 حالة وفاة و220 ألف إصابةٍ مسبِّبةٍ للإعاقة بحسب بيانات المجلس الوطني للسلامة، وفي أوروبا تشكِّل وفيات مواقع البناء نسبة 30% من الحوادث المميتة في القطاع الصناعي (2).
إحصائيات حوادث مواقع البناء في الصين بين 1997 و 2014
Image: (Guo, Yu and Skitmore, 2017)
وتحدث هذه الحوادث نتيجة عوامل عدة؛ منها عدم كفاية تدريبات السلامة وافتقارها إلى التفاعل والتطبيق العملي، والمراقبة غير السليمة للموقع؛ إذ يستخدم مراقبو السلامة قائمةً مرجعيةً لإدارة سلامة البناء عن طريق تحديد وتسجيل المشكلات التي حدثت، ولكن في غياب الدعم التكنولوجي لا يمكن مراقبة جميع المواقع في آنٍ واحد بهذه الطريقة (1)، ولا تتوقَّف آثار هذه الحوادث عند الخسائر البشرية، بل تتعدَّى ذلك إلى التسبُّب في تأخير المدة الزمنية المطلوبة لتنفيذ أعمال البناء، ممَّا يؤدِّي إلى ارتفاع التكاليف المالية للمشروع (2).
تبذل الأبحاث الحالية جهودًا لإيجاد الحلول لهذه المشكلة، وقد أثبتت التقنيات الحديثة دورًا فعَّالًا في إدارة السلامة عن طريق تحسين تدريبات العمَّال عليها، ومساعدة مشرفي السلامة في إدارة الموقع وتحديد التصرُّفات غير الآمنة (1)، ومن أهم التقنيات المستخدمة:
الواقع الافتراضي (Virtual Reality - VR):
توفِّر تقنيات الواقع الافتراضي فرصةً للبشر للانغماس في أبعاد جديدة للواقع المركَّب رقميًّا والذي يحاكي الحياة الواقعية، وتُستخدَم تقنيات الواقع الافتراضي في عالم البناء أداةً لتدريب العمَّال على إجراءات السلامة والتشغيل الصحيح للمعدات، ويمكن لهذه التطبيقات أيضًا توفير العديد من التدريبات والسيناريوهات لإشعار العمَّال بالتهديد المحتمل (3)، ويساعدهم ذلك في فهم طبيعة العمل على نحوٍ أفضل ممَّا يؤدي إلى ترك بصمةٍ في الذاكرة طويلة المدى للعامل (2).
Image: Knutt 2017
Image: Knutt 2017
نمذجة معلومات البناء (Building Information Modeling - BIM):
يمكن تطبيق نماذج معلومات البناء بوصفها تقنيةً داعمةً لتخطيط وإدارة السلامة في مواقع البناء؛ إذ تتيح هذه النماذج تقييمًا بصريًّا للموقع يمكِّن المهندسين ومشرفي السلامة من تحديد المخاطر، وتمكِّن من إنتاج مقاطع فيديو لغرض التدريب (4)، وتتيح إنشاء نماذج ثلاثية الأبعاد لمعدَّات البناء كالرافعات وآلات الصب للتحقُّق من كفاءتها وتقييم المخاطر الناتجة عن سقوطها، وتزداد أهمية هذا الفحص عندما تكون المساحة حول موقع البناء محدودة إذ ترتفع احتمالات حدوث الاصطدام (5).
نمذجة مدى وصول الرافعة باستخدام BIM
Image: (Khoshnava et al. 2012)
الروبوتات والأتمتة:
يُعدُّ اعتماد الأنظمة الروبوتية اتجاهًا حاليًّا لتسريع وأتمتة مهمَّات البناء لدورها الفعال وقدرتها على حلِّ مشكلات الصحة والسلامة في البناء، تُستخدم التقنيات الروبوتية حاليًّا في تنفيذ المهمَّات الخطرة والشاقة التي تعرِّض عمَّال البناء لخطر الإصابة بأمراض وإصابات الإجهاد المفرط (4).
طُوِّرت في الآونة الأخيرة العديد من التقنيات الروبوتية مثل الهياكل الخارجية (exoskeletons) التي تُرتدى من قبل العمَّال وتساعد في تقليل الإجهادات على أسفل الظهر عند رفع ومناولة الأشياء الثقيلة، عن طريق إرسال الإشارات إلى محرك الروبوت لتدوير التروس عند وجود حركة وتقليل الطاقة المطلوبة في الورك والعمود الفقري (4).
Exoskeletons
Image: U.S. Bionics
Image: Eksobionics
تطبيقات الاستشعار:
تؤدِّي تطبيقات الاستشعار دورًا مهمًّا في إدارة السلامة عن طريق مراقبة حركة العمَّال لمنع الحوادث واصطدام العمال بالمعدات (4)، وقد سلَّطت أبحاثٌ ودراساتٌ مختلفةٌ الضوء على تطبيقاتٍ عدَّة للاستشعار؛ منها نظام تحديد المواقع (GPS) الذي يُستخدم في تتبُّع حركة المعدات في الموقع ومراقبة التشوه في مكونات المبنى، والشبكة اللاسلكية المحلية (WLAN) والموجات فوق الصوتية (Ultrasound)، وإنترنت الأشياء الذي يمكن استخدامه في تطوير نظامٍ للإنذار المبكِّر لمنع الحوادث وتحسين إدارة السلامة خصوصًا عند البناء تحت الأرض (6).
Image: SPS986 with TSC7
تُعَدُّ هذه الجهود نقطة بدايةٍ على طريق توفير شروط السلامة في المواقع لأهميتها البالغة في تحسين العمل وتوفير الوقت والتكلفة، والأهم من ذلك الحفاظ على أرواح العمال وصحَّتهم وتأمين موقع العمل.
المصادر: