الذكاء الصنعي والعلاج النفسي
علم النفس >>>> المنوعات وعلم النفس الحديث
ساعد تقدّم الذكاء الصنعي وتطوره الأطباءَ في تشخيص الأمراض ومراقبة العلامات الحيوية للمرضى، وتوسعت آفاق هذا التطور لنرى أنه شمل تقديمَ العلاج النفسي للمرضى بالتفاعل مع العلاج والمراقبة السريرية ليكمل كل منها الآخر(1،3).
❀ أسباب التوجه للذكاء الصنعي في العلاج النفسي: (1،3)
وفقًا للمعهد الوطني للصحة العقلية (NIMH)؛ وجد أنَّ واحدًا من كل خمسة أشخاص من البالغين يعاني اضطراباتٍ صحية نفسية، وهذا يفرض إنفاقَ مبالغَ طائلةٍ من هؤلاء الأشخاص للاهتمام بصحتهم النفسية، وقد شجّعت على تطور هذه التقنية عواملُ عدة؛ منها:
نقص المعالجين وحاجة بعض المرضى إلى المراقبة المستمرة، والوصم المرتبط بالمرض النفسي، إضافةً إلى تشتت انتباه الأطباء أو إغفال بعض العلامات التحذيرية لما يتطلبه هذا العلاج من دقة.
❀ الذكاء الصنعي للصحة النفسية والعلاج المعرفي السلوكي: (1)
أنشأت الطبيبة أليسون دارسي برنامجَ Woebot، وهو تطبيق حاسوبي متكامل على فيسبوك يهدف إلى محاكاة المحادثات التي قد يجريها المريض مع معالجه.
(Woebot) برنامج دردشة يشبه خدمة الرسائل الفورية، فتسأل تكنولوجيا الصحة الرقمية عن مزاجك وأفكارك -مثلًا- وتتعلم عنك وتقدّم حلولَ العلاج السلوكي المعرفي معتمدةً على الأدلة، وتهدف التفاعلات مع (Woebot) إلى محاكاة اجتماع حقيقي وجهًا لوجه، ويُخصّص التفاعل بما يتناسب مع وضع الفرد، كذلك أشارت دارسي إلى أنَّ (Woebot) هو مجردُ روبوت ولا يمكن أن يُستبدل الاتصالُ البشري به؛ إنمَّا هو مكمل له.
❀ ما الذي يجعل الذكاء الصنعي للصحة العقلية جذابًا إلى هذا الحدّ؟ (1)
لاحظت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في تقريرها لعام 2017 عند تقييم استخدام برامج الدردشة الآلية في الرعاية الصحية أنَّ المراجعات الأولية لبرامج الروبوت الخاصة بتطبيقات المراسلة كانت مختلطة، في حين أنها ليست باهظة الثمن وسهلة النشر.
وقد واجهوا بعض القيود كالأخطاء الفنية للبرامج، إضافةً إلى أنَّ الروبوتات ليس لديها عقل خاص بها فهم يتبعون نصًّا محددًّا مسبقًا لذلك لا يستطيعون دائمًا فهم المستخدم ومقصده؛ ولذلك اقترح بعض الخبراء استخدامَ هذه الوسيلة بالاشتراك مع معالج بشري لضمان عدم تفويت أي شيء، وبالمجمل كانت بعض الدراسات الأولية عن فعالية برامج الدردشة الآلية للصحة النفسية واعدة.
أظهرت أول تجربةِ تحكمٍ عشوائية مع (Woebot) أنَّه بعد أسبوعين فقط شهد المشاركون انخفاضًا كبيرًا في الاكتئاب والقلق، كذلك لوحظ مستوًى عالٍ من المشاركة؛ إذ يستخدم الأفراد البوت كل يوم تقريبًا.
كذلك أطلق معهد التقنيات الإبداعية بجامعة جنوب كاليفورنيا معالجًا افتراضيًّا اسمه (Ellie)، صُمِّم إيلي في البداية لمعالجة قدامى المحاربين الذين يعانون الاكتئابَ ومتلازمة الإجهاد اللاحقة للصدمة.
✩ لاحظت ميل سلاتر وزملاؤها من جامعة (UCL) في المملكة المتحدة أننا نتفاعل مع الصور الرمزية كما لو كانوا بشرًا حقيقيين، وذلك عندما أجرَوا تجاربَ مع أُناس كانوا على علم أنهم يتفاعلون مع الروبوتات، لكنَّهم كانوا مرتبطين بها كما لو أنهم حقيقيون.
❀ هل نتجه نحو نظام رعاية الصحة النفسية المعتمِد على الذكاء الصنعي؟ (1)
وفرت تقنيات الذكاء الصنعي المتقدمة نوعًا جديدًا من الرعاية التي تركز على توفير الدعم العاطفيّ الفردي، فمثلًا: يجمع (Ginger.io) التعلُّمَ الآلي والشبكة السريرية من أجل تزويدك بالمستوى المناسب من الدعم العاطفي في الوقت المناسب؛ إذ يشير هذا الروبوت إلى أننا قد نتحرك نحو نظام رعاية صحية مرتكزٍ على الذكاء الصنعي يمكنه تجاوز الحدود والقيود الزمنية والجغرافية وإلى حد ما المالية، بهدف جعل الصحة السلوكية أكثرَ سهولةً وراحة، مع تقليل الوصمة المرتبطة بالحلول التقليدية.
❀ منع العزلة الاجتماعية بين الشباب باستخدام الذكاء الصنعي: (1)
التواصل الاجتماعي مهم جدًّا للشباب الذين يتعاملون مع المرض النفسي، وغالبًا ما تكون العزلة الاجتماعية الشديدة والصعوبات في بناء علاقات وثيقة سِمَة من سمات حياتهم، لذلك يمكن للشبكات الاجتماعية على الإنترنت تعزيز الشعور بالانتماء وتشجيع التواصل الإيجابي.
🌠 ومع استمرار تطور تقنيات الذكاء الصنعي وتقدمها، سيكون من الممكن مساعدة الأطباء النفسيين والمعالجين في إعادة تعريف الأمراض النفسية بموضوعية، وتحديد الأعراض في مرحلة مبكرة لتكون التدخلات أكثر فعالية، وتخصيص العلاجات على أساس أعراض كل فرد.
ومع ذلك، من الضروري توخي الحذر لتجنب الإفراط في تفسير النتائج الأولية، ويلزم المزيد من العمل لسدِّ الفجوة بين الذكاء الصنعي والرعاية السريرية، انطلاقًا من الاستفادة من الأشياء الي تؤديها الآلات جيدًا وهي التي قد تختلف عما يفعله البشر(2،3).
المصادر:
2- Graham S، Depp C، Lee E، Nebeker C، Tu X، Kim H et al. Artificial Intelligence for Mental Health and Mental Illnesses: an Overview. 2020. هنا
3- [Internet]. 2020 [cited 3 August 2020]. Available from: هنا