لماذا وُجِدت المنح الدراسية؟
صناعة الباحثين >>>> الجامعات والتعليم العالي
بدأت برامج المنح الدراسية منذ سنينٍ عديدة، فقد أطلقت بعض الدول -في بداية القرن العشرين- برامجَ للدراسة في الخارج بهدف تدريب النخبة الإدارية في مستعمرات ما وراء البحار، وفي فترة الحرب الباردة، استخدمت الدول الديمقراطية المتقدمة برامجَ المنح الدراسية الدولية لمواجهة التأثير الأيديولوجي للكتلة الاشتراكية في دول العالم الثالث. في حين موَّلت الوكالات الحكومية الدولية وبعض الجهات الخاصة برامجَ مِنح دولية لطلاب العالم الثالث بوصفها نوعًا من المساعدة في التنمية.
وبعد تفكُّك الاتحاد السوفييتي وما نتج عنه من تعطُّل لنظام التعليم العالي في الدول التي نتجت عنه؛ بدأت بعض هذه الدول الناشئة بإنشاء برامج لإرسال طلابها إلى الخارج بهدف تعويض النقص في العمالة العالية المهارة (2).
لاحقًا، بدأت بعض الدول في الشرق الأوسط وأمريكا الجنوبية بإنشاء برامج منح دراسية خارجية لطلاب الدراسات العليا، إذ أنفقت الحكومة البرازيلية في عام 2011 على سبيل المثال 1.7 مليار دولار أمريكي لتمويل 100.000 طالبٍ للدراسة خارجًا مدةَ سنة (2).
تفترض نظريات النمو الاقتصادي أنّ الدراسة في الخارج والحصول على شهادة من بلدٍ أجنبي تُعدُّ شكلًا من استيراد الموارد البشرية؛ نظرًا لأنَّ هؤلاء الطلاب العائدين سيساهمون في تكوين معارف جديدة وسيساعدون غيرهم على اكتساب مهارات جديدة بدون تكلفة مباشرة (2).
يمكن تمييز أربعة أنماط من المنح الدراسية:
على الرغم من أنّ معظم البرامج مموَّلة من دول أوروبية؛ فإنَّ هناك منحًا دراسية مموَّلة من دول من كل أنحاء العالم على اختلاف حالتها الاقتصادية والسياسية. غالبًا ما تُقدَّم منح النمطين الأول والثاني للبلدان ذات الاقتصادات النامية والتي لا تتمتع بحرية سياسية، في حين تُعرَض منح النمطين الثالث والرابع في بلدان ذات اقتصادات يحرِّكها الابتكار وتتمتع بحرية سياسية (2).
ويزيد وجود المنح الدراسية احتماليةَ متابعة الطلاب من الدول النامية تعليمهم بعد المرحلة الثانوية، وينتمي نصف الحاصلين على منح للدراسة في الخارج إلى قارة أفريقيا، التحق ثلثهم ببرامج دراسات عليا في خلال 18 شهر من تخرُّجهم. وكان أحد أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة حتى 2020 (زيادة عدد المنح الدراسية للبلدان النامية) وقد استجابت الحكومات وغيرها من المنظمات لتحقيق هذا الهدف، ومن ضمنها حكومة الصين التي قدمت 30.000 منحةٍ دراسية للطلاب الأفارقة حتى عام 2018 (3).
تفترض الحكومات التي تموِّل منحًا دراسيةً أنَّ الفوائد العائدة من الالتحاق بجامعة أجنبية خارج البلد تختلف عن حالة الالتحاق بجامعة وطنية داخلية؛ إذ قد تساعد الدراسة الخارجية في بناء وجهات النظر عن سكان البلد الأصليين، وتعزز انتقال المعرفة، وتطوّر المهارات اللازمة للجهات الموظِّفة من تواصل وانفتاح ومرونة وهو ما ينعكس إيجابًا على بيئة العمل.
في العام 2010، 2% من طلاب المرحلة ما بعد الثانوية (3.5 مليون طالب) من جميع أنحاء العالم درسوا خارج بلادهم. ورغم صغر هذه النسبة، فإنَّ الفوائد المحتمَلة للدراسة في الخارج من التطوُّر الفردي والمجتمعي قد تكون كبيرة وخاصة في البلدان التي تشهد تحولاتٍ اقتصاديةً وسياسية (4).
ترتكز برامج المنح الدراسية إلى نظرية التغيير التي تهدف إلى تحسين المشاركة وتحقيق العدالة في التعليم ما بعد الثانوي، لكن عادةً لا يتوفّر دليل قاطع على تحقيقها لهذا الهدف (3).
شاركْنا؛ هل تعتقد أن المنح الدراسية تشكل بالفعل فرصةً حقيقيةً للنهوض بالبلدان النامية عن طريق المعارف التي يستقدمها طلابُ هذه البلدان؟
المصادر:
2- Perna, L., Orosz, K., Gopaul, B., Jumakulov, Z., Ashirbekov, A. and Kishkentayeva, M., 2014. Promoting Human Capital Development: A Typology of International Scholarship Programs in Higher Education. Educational Researcher, 43(2), pp.63-73. هنا
3- Cosentino C, Fortson J, Liuzzi S, Harris A, Blair R. Can scholarships provide equitable access to high-quality university education? Evidence from the Mastercard Foundation Scholars Program. International Journal of Educational Development. 2019;71:102089. هنا
4- Perna, L., Orosz, K. and Jumakulov, Z., 2015. Understanding the human capital benefits of a government-funded international scholarship program: An exploration of Kazakhstan's Bolashak program. International Journal of Educational Development, 40, pp.85-97. هنا