الحيوانات والتركيب الضوئي
البيولوجيا والتطوّر >>>> منوعات بيولوجية
رُصدت البلاستيدات الخضراء في خلايا حيوانيةٍ أولَ مرةٍ عامَ 1965 في بطنياتِ الأرجل (gastropods) التي تُعرف باسم القواقع والرخويات، وهي تنتمي إلى اللافقاريات داخل شعبة (Mollusca)، وتتكون هذه الفئة من الحلزونات والبزاقات التي تستوطن المياه المالحة، والمياه العذبة والتربة (Elysia atroviridis) البحري (2). وقد تمتد فترة فعالية هذه البلاستيدات حتى 10 أشهر (3)؛ ومنذ ذلك الحين توالت الأبحاث الهادفة إلى الاستقصاء عن مزيدٍ من هذه الحيوانات التي تضم خلاياها البلاستيدات على نحوٍ وظيفي؛ أي أنّها تثبّتُ غاز ثنائي أكسيد الكربون وتحرّر نواتجَ التركيب الضوئي، في ظاهرةٍ تدعى "رأب الكليبتوبلاستي" (kleptoplasty) وتعني عزلَ البلاستيدات الوظيفية واحتجازَها.
والأمثلة على هذه الظاهرة متعددة؛ فقد بينت دراسةٌ أُجريت على ثلاثةٍ من الرخويات البطنيات الأقدام البحرية (Tridachia crispata، وTridachiella diomedea، وPlacobranchus ianthobapsu) امتلاكَها بلاستيداتٍ خضراءَ حرةٍ نشطةٍ في خلايا رتج الجهاز الهضمي، وتحصل هذه الرخويات على هذه البلاستيدات من الطحالب السيفونية (siphonaceous algae) التي تتغذى عليها، مما يشكل ما يشبه التعايش الداخلي (endosymbiosis) (2، 3).
وحتى وقتٍ ليس ببعيد؛ (نشر المقال عام 2019) عُدَّتِ الرخويات البحرية الكائناتِ الوحيدةَ القادرة على احتجاز البلاستيدات الخضراء واستخدامِها (بدلاً من احتجاز كامل الخلية الحاوية البلاستيدات) لأداء عملية التركيب الضوئي؛ لكن كما بينت مجموعةٌ من الباحثين، فإنّ الديدان الخيطية (Baicalellia solaris) و (Pogaina paranygulgus) قادرةٌ على احتجازِ البلاستيدات الخضراء من الدياتومات (diatoms)؛ والدياتومات هي طحالب وحيدة الخلية وتعد الكائناتِ الحية الوحيدة التي تمتلك جدراناً خلويةً تتكون من السيليكا. وبيّن الفحص المخبري فعالية هذه البلاستيدات الخضراء في حالة الجوع. (3)
وفي حين تحتجز الكائنات المذكورة آنفاً البلاستيدات فقط؛ فإن أغلب الحيوانات الأخرى القادرة على التركيب الضوئي تحتجز خلايا الطحالب على نحوٍ كاملٍ في شكلٍ من أشكال العلاقة التكافلية (symbiotic relationship)، والأمثلة على ذلك عديدة؛ منها الرخويات مثل (nudibranchs)، وبعض الإسفنجيات، وشعاب المرجان، والهيدرا والديدان وغيرها (4). ويزداد الوضع إثارةً للاهتمام بمعرفة أن هناك كائناتٍ أكبرَ وأكثرَ تعقيداً تؤدي عملية التركيب الضوئي أيضاً؛ فمثلاً حشرة المنة البازلائية (Acyrthosiphon pisum) تستخدم الكاروتينات الموجودة لديها لتؤدي وظيفةً أخرى إلى جانب وظيفتها المضادة للأكسدة، وهي إنتاج الطاقة في عمليةٍ مشابهةٍ للتركيب الضوئي. (5)
و لعلّ أكثرَ هذه الكائنات إثارةً للدهشة في هذا المجال هو السلمندر المرقّط (Ambystoma maculatum)؛ فهو يُعد المثالَ الوحيد لكائنٍ فقاريٍّ ذي رابطةٍ تكافليةٍ مشابهة، وتبدأ هذه العلاقة من المرحلة الجنينية، إذ يعد الجنين في البيضة مهماً لحياة طحالب (Oophila amblystomatis) الخضراء إضافةً إلى أنّ الطحالبَ مهمةٌ للجنين الذي يستفيد من تراكيز الأوكسجين الزائدة، وتبقى هذه العلاقة مستمرةً وتنتقل من جيلٍ إلى آخر. (6)
ليكون السؤال ختاماً؛ هل هذه بدايةٌ لتطورٍ جديدٍ يقود إلى حيواناتّ ذاتية التغذية كما حدث سابقاً عن طريق ظاهرة التعايش الداخلي التي قادت إلى ظهور خلايا تحتوي على ميتوكوندريا وبلاستيداتٍ خضراء أم أنها مجرد صدفة؟!
المصادر:
2. TRENCH R, GREENE R, BYSTROM B. Chloroplasts as functional organelles in animal tissues. journal of cell biology. 1969;42(2):404-417. هنا
3. Van Steenkiste N, Stephenson I, Herranz M, Husnik F, Keeling P, Leander B. A new case of kleptoplasty in animals: Marine flatworms steal functional plastids from diatoms. Science Advances. 2019;5(7). هنا
4. Rumpho M, Pelletreau K, Moustafa A, Bhattacharya D. The making of a photosynthetic animal. Journal of Experimental Biology. 2011;214(2):303–311. هنا
5. Valmalette J, Dombrovsky A, Brat P, Mertz C, Capovilla M, Robichon A. Light- induced electron transfer and ATP synthesis in a carotene synthesizing insect. Scientific Reports. 2012;2(579). هنا
6. Kerney R, Kim E, Hangarter R, Heiss A, Bishop C, Hall B. Intracellular invasion of green algae in a salamander host. PNAS. 2011;108(16):6497–6502. هنا