قد يتأثر أداء الحواسيب الكمومية بالأشعة الكونية ويحتاج الحماية منها!
المعلوماتية >>>> الحوسبة الكمومية
الحواسيب الكمومية
تعتمد الحواسيب الكمومية على البتّات الكمومية (qubits) التي تعتمد على مبدأ التراكب (superposition)؛ أي يمكن لـ الكيوبت qubit أن يأخذ القيمتين 0 و1 في آن معًا على عكس البت العادي، ومن ثم جعل الحواسيب الكمومية أسرع وأكثر قدرة على التعامل مع المشكلات المعقّدة مقارنةً بالحواسيب التقليدية (1).
فما الكيوبت Qubit؟
وحدة تخزين الحواسيب الكمومية المقابلة للبت الفيزيائي الموجود في الحواسيب التقليدية، ويمكنها أيضًا تحقيق مبدأ التشابك الكمومي (quantum entanglement) بين البتّات الكمومية؛ الذي أطلق آينشتاين عليه اسم الفعل الشبحي (spooky action)؛ إذ يمكن أن توجد الجزيئات الكموميّة في أماكن مختلفة من الكون وستبقى متصلة بعضها مع بعض.
والكيوبت هو إلكترونات تابعة لذرّات تصدم بحقول كهربائية بزاوية متعامدة بين بعضها، وتكون هذه الإلكترونات مناسبة بمثابة البت الذي يحمل المعلومات (2,3).
كيف تشكلت الأشعة الكونية؟ وما علاقتها بالحوسبة الكمومية؟
يسمّى الإشعاع المنطلق عندما تشكّلت الذرات أول مرة -بعد نحو 380 ألف سنة من ولادة الكون- باسم "الخلفيّة الكونية الميكروية"، ولا يزال هذا الإشعاع يملاُ الكون ويصل إلى كوكبنا من الجهات كلها بالشدّة ذاتها على الرغم من أنّنا لا نراه بالعين المجرّدة؛ إذ إنّ نمو الكون واتساعه أدّى إلى تشوه الإشعاع -بعد أن كان مرئيًّا- ليصبح أمواجًا ميكرويّة (2).
الكيوبت الفائق الناقلية (Qubit Superconducting): هو دوائر كهربائية مصنوعة من مواد فائقة الناقلية والتي تضم إلكترونات معروفة باسم "أزواج كوبر Cooper" التي تتدفق عبر الدارة دون أية مقاومة.
هناك العديد من المصادر التي يمكن أن تزعزع استقرار الكيوبت؛ مثل تقلب المجالات المغناطيسية والكهربائية، والطاقة الحرارية، وحتى التداخل بين الكيوبتات. وقد شكّ العلماء منذ وقت طويل في أن المستويات المنخفضة جدًّا من الإشعاع الكوني قد يكون لها الأثر نفسه المزعزع للاستقرار، ويقول كيم Kim؛ الموظف الفني في مخبر MIT Lincoln Laboratotry: "في السنوات الخمس الماضية كانت جودة الكيوبت الفائق الناقلية ممتازة، لكن علينا أن نأخذ بعين النظر أنّ آثار الانتشار ستكون مهمة بنسبة 10%" (1).
صمم العلماء تجربة لمعايرة تأثير مستويات محددة من الإشعاع في الكيوبتات الفائقة الناقلية -وذلك بتسليط منبع إشعاع يمكّن من التحكم بمستويات الإشعاع الصادرة عنه على الكيوبتات- طيلة مدة تصل إلى عدة أسابيع، ومن ثم تقييم تأثير هذه الإشعاعات نظرًا إلى أن النحاس يمتص النيوترونات على نحو كبير (مثل الإسفنج؛ على حد تعبير فورماجيو الذي يعمل في المختبر)؛ فعند تعريضه لتدفّق عالٍ من النيوترونات ينتج كميات كبيرة من النحاس 64 (cooper-64)، وهو نظير غير مستقر للنحاس له الخصائص المطلوبة في التجربة، ولذلك؛ وضعوا صفيحة من النحاس النقي بالقرب من الكيوبتات في مبرد تشعيع أو تخفيف (dilution refrigerator) لتخفيض درجة الحرارة إلى أقل بمقدار 200 مرة من حرارة الفضاء الخارجي (1).
وبعد ذلك، أزال العلماء المصدر المشعّ وبدؤوا في إثبات أنّ حماية الكيوبت من الإشعاع يزيد من وقت الترابط؛ فبنوا جدارًا (2 طن) من الرصاص حوله بحيث يمكن رفعه وتنزيله بغرض التحكم بالحماية من الإشعاع.
وطيلة عدة أسابيع؛ تناوب الطلاب في المختبر على رفع جدار الرصاص المُبنى حول المبرّد وخفضه كل 10 دقائق، وذلك من أجل قياس سلامة الكيوبتات؛ أي قياس مدى تأثير الإشعاع البيئي فيها مع وجود الجدار أو بدونه.
وبمقارنة النتيجتين؛ تبيّن على نحو واضح التأثيرَ المنسوب إلى الإشعاع البيئي، وثبت أن الجدار قد حسّن أداء الكيوبت (1).
وحسب تصريح العالم فورماجيو (Formaggio)؛ فإنه من الصعب الحد من وصول الأشعة الكونية نهائيًّا لأنها تخترق كلَّ شيء تقريبًا، ولكن؛ كلما اتجهنا إلى الأسفل تحت سطح الأرض سيضعف تأثير هذه الأشعة، فقد يكون وجود المنشآت تحت سطح الأرض عاملًا محسّنًا للكيوبتات، ولكن ربما لا تدعو الحاجة إلى فعل ذلك كما تتطلب تجارب النيوترينو (neutrino).
وقد اختلف العالم أوليفر (Oliver) بالرأي مع فورماجيو، فقد صرّح أنه لتخفيف آثار الإشعاع الكوني فوق سطح الأرض؛ يجب علينا التفكير في تصميم الكيوبت بطريقة تجعلها أكثر صلابة وأقل حساسيّة تجاه أشباه الجسيمات (quasiparticles) الصادرة عن الإشعاعات، أو تصميم ما يشبه المصائد تجعلها تتدفق بعيدًا عن الكيوبتات.
هذه ليست نهاية الأبحاث، وإنما انتقالٌ إلى المرحلة التالية من البحث والحماية والابتكار (1).
المصادر:
2. Perry P. Where Did the First Light in the Universe Come From? Astrophysicists Now Know [Internet]. Big Think. 2020 [cited 4 December 2020]. Available from: هنا
3. O'Connell C. Quantum computing for the qubit curious - Cosmos Magazine [Internet]. Cosmos Magazine. 2020 [cited 4 December 2020]. Available from: هنا