لماذا يُعدُّ التنجيم كذبًا؟
منوعات علمية >>>> العلم الزائف
حتى إن كنت من الذين يعتقدون بأنَّ مواقع النجوم هي التي تُحدِّدُ مصير حياتك؛ فإنَّ الطرائق المستخدمة مبنية على اعتقادات خاطئة؛ فلدى المنجمين مشكلات كثيرة في المصداقية وأهمها:
الاختيار التعسفي للأبراج: لا يوجد عدد معين وثابت للأبراج السماوية؛ فعدد الأبراج المستخدمة في التنجيم هو اثنا عشر برجًا لكن هذا خاطئ، فقد تجاهل البابليون منذ آلاف السنين حقيقة أنَّ مسار الشمس كان يمر من ثلاثة عشر بُرجًا وليس اثنا عشر برجًا وذلك ليتماشى مع تقويمهم السنوي، والبرج الثالث عشر هو الحواء أو حامل الثعبان "Ophiuchus" الذي ظل بُرجًا منسيًا حتى يومنا هذا، إضافةً إلى أن هنالك العديد من الشعوب والثقافات يستخدمون في نظامهم 24 برجًا (1,3).
تذبذب الأرض: يُسبب ميلان محور الأرض (التذبذب) تغييرًا بسيطًا جدًا في الفضاء، ويظهر ذلك بوضوح في موقع النجم الشمالي منذ آلاف السنين ومستقبلًا تغيَّر وسيتغير النجم الشمالي عدة مرات. يقطن حاليًا النجم بولاريس "Polaris" بالقرب من الشمال لكن نتيجة الحركة البطيئة لمحور دوران الأرض سيكون القطب الشمالي بعد مرورِ عدة سنوات بعيدًا عن بولاريس أيضًا، ويستغرقُ 26000 سنة تقريبًا ليحدث ميلانًا كاملًا (1).
إنَّ تأثير ذبذبة الأرض لا يقتصر على موقع النجوم في القطب الشمالي فقط، وإنَّما يؤثر في مواقع الأبراج أيضًا، أي إنَّ تحديد بُرجك حسب تاريخ ميلادك يعتمد على مواقع الأبراج من الشمس قبل 2000 سنة، لكن تذبذب الأرض غيَّر من مواقعهم، على سبيل المثال يَعبرُ مسارُ الشمس من خط الاستواء في نقطة وجود برج العذراء في فصل الخريف، لكن قبل 2000 سنة كانت نقطة مرور المسار هي برج الميزان؛ إذ إنَّ الأبراج يتغير موقعُها كل 2400 سنة تقريبًا (1).
تأثير الكواكب والنجوم في كوكبنا الأرض: هنا يطرح العلم الحقيقي العديد من الأسئلة؛ ما التأثير الذي تؤديه الكواكب والنجوم لِيؤثر في حياتنا؟ هل هي الجاذبية؟ لكن قوة الجاذبية تختلف باختلاف مربع المسافة بين الجسمين، أم إنَّها قوى كهرومغناطيسية؟ أم قوى جديدة مجهولة لا تتأثر بالمسافة؟ إذًا لم لا يمكن اكتشاف هذه القوة؟
إذًا لا يمكن استيعاب أنَّ وجود الكواكب في السماء بترتيب معين يؤثر في التنبؤ بأحداث كوكب الأرض؛ لأن ذلك منافٍ تمامًا لفهمنا الحديث للنظام الشمسي (3,4).
لماذا لا يُعدُّ التنجيم علمًا؟
التنجيم غير خاضع للقياس وغير قابل له، ومع ذلك يتوقع المنجمون الأحداث العامة التي يمكن تفسيرها ونسبها لأي شخص، على سبيل المثال، يحدد المنجمون صفاتٍ معينة لبرجٍ ما ويطابقون ذلك مع أحد المشاهير أو السياسيين ليثبتوا صحة توقعاتهم، وبذلك يُعممون بأنَّ جميع من صدفت أيام ميلادهم في تلك المدة الزمنية المحددة يتسمون بالصفات نفسها (2).
توقفت الدراسات العلمية في مجال التنجيم -بعد كثير من التجارب الفاشلة- في إثبات صحة أفكارهم الفلكية، وحتى الآن لا توجد مقالات موثقة ساهمت في أيَّ اكتشاف تنجيمي علمي جديد، ولذلك تظهر تنبؤات الأبراج غالبًا في الصُحُفِ، ولا يمكن إدراجها في المواقع الخاضعة للتدقيق العلمي لأنَّ المقالات التي تُنشر لا تُراجِعها فرق التدقيق النقدي (2).
يسعى العلماء الحقيقيون دومًا في البحث عن الأدلة التي تثبت صحة أفكارهم المُقترحة، وعند توصُّلِهم إلى فرضياتٍ بديلة أو مُغايرة لأفكارهم يتخلون عن معتقداتهم الخاطئة، على عكس المُنجِمين الذين لا يختبرون أفكارهم الفلكية بدقة ولا يحاولون إثباتها بالأدلة والحجج المنطقية بل يستمرون في تنبؤ الأحداث وتحديد شخصيات الناس بِناءً على فرضيات قديمة وخاطئة (2).
وهنالِكَ المزيد من الفرضيات والثغرات التي تثبت أنَّ التنجيم ليس إلا علمًا زائفًا؛ لأنَّ إحدى السمات المميزة للعلم هي اختبار الأفكار ومقارنتها مع الأدلة المتوفرة؛ لإجراء التغيرات عليها لتصبح صحيحة، أما التنجيم لا يجري أي تغيير على أفكاره، وبذلك سيظل علمًا زائفًا إلى الأبد (2).
المصادر: