تصنيع دارات إلكترونيَّة بطريقةٍ تفاعليَّة في بيئة ثلاثيَّة الأبعاد وتصميمها
الهندسة والآليات >>>> الالكترونيات
إنَّ التَّصميم بمعناه العام هو استكشاف للبدائل وتحليلها؛ بهدف الحصول على البديل الأكثر مُلائمة، وكذلك الأمر بالنسبة لتصميم الدارات الإلكترونيَّة التي تتضمّن اختيار العناصر الفيزيائيَّة وربطها مع بعضها بعضًا ضمن بُنى مختلفة لتحقّق المواصفات المطلوبة من ناحية الكفاءة الأفضل والتكلفة الأقل (1,2).
التَّصميم الإلكتروني والطِّباعة ثلاثيَّة الأبعاد 3D Printing:
أتاحت التطورات في مجال الطِّباعة ثلاثيَّة الأبعاد للمستخدم العادي أن يصنع المجسمات البلاستيكيَّة ثلاثيَّة الأبعاد 3D بالشكل الذي يرغب فيه؛ مما أوحى لمصنعي هذه الطَّابعات فكرةَ إضافة بعض الوظائف التَّفاعليَّة للأجسام المطبوعة، وذلك باستخدام الحساسات والأضواء والمحركات وغيرها، لكن تكمن الصعوبة في كون بنية الدارات الإلكترونيَّة عادةً ما تكون ثنائية الأبعاد، مثل: الدارات المطبوعة (Printed Circuit Boards (PCBs، ومنه من الصعب دمجها مع الأجسام ثلاثيَّة الأبعاد (3,4).
إضافةً إلى كون برامج التصميم بمساعدة الحاسوب Computer-Aided Design (CAD) وتقنيّات التصنيع لم تأخذ تركيب الدارات ثلاثيّة الأبعاد في الحسبان، ومن هنا جاءت فكرة الدارة السطحية surfCuit، وهو مفهوم جديد طرحته الورقة البحثيَّة الّتي نُشرت عام 2017 في مجلة IEEE Computer Graphics and Applications، وتسمح هذه الطريقة بالتغلّب على عراقيل تصميم وطباعة دارات إلكترونيَّة وظيفيَّة ودمجها مع أجسام ثلاثيَّة الأبعاد، وذلك بوضع داره ثلاثيَّة الأبعاد على سطح الجسم المطبوع، وتلك الطريقة تسمح ببناء دارات إلكترونيَّة معقدة وذات ناقلية عالية (3).
أمثلة تطبيقيّة على SurfCuit:
صمم الفريق سبعة تطبيقات باستخدام SurfCuit لتوضيح فعاليتها، وتجربتها على نماذج مختلفة، لإظهار خصائصها المتعددة من خلال تكاملها مع العديد من حسّاسات (الضوء، واللمس، والصوت) ودارات المتحكمات المتكاملة ومحولات (الضوء، والمشغلات الإلكترومغناطيسية، والصوت، وموجات الراديو) لتتّخذ حيّزًا مكانيًّا صغيرًا، وهذه الأمثلة جميعها مستقلة تعمل دون متحكمات خارجيَّة أو مصدر تغذية خارجي.
من مساوئ هذه التقنية أنّها تتطلب مصممين لبناء دارة كاملة من الصفر باستخدام المخططات، مما يستهلك وقتًا، إضافةً إلى أنَّ هذه التقنية لا تعطي نتائج التعديلات مباشرةً؛ مما لا يسمح للمصممين بالإضافة والتعديل على مخطط الدارة، وكذلك اقتصار الـ SurfCuit على دعم العناصر الإلكترونيَّة عميقة التوضع Dual In-line Package (DIP)، دون العناصر سطحية التوضع Surface-mounted device(SMD) (3).
ولكن؛ عجلة العلم لا تتوقّف أبدًا والعراقيل هي دائمًا نقطة بداية لاختراع جديد، وفرصة للتطوير؛ إذ تابع فريق من العلماء تطوير عملية التَّصميم الإلكتروني، وكان نتاج ذلك بيئة تصميم ثلاثية الابعاد من مختبر الذكاء الصنعي وعلوم الحاسوب (CSAIL)Computer Science and Artificial Intelligence Laboratory في معهد ماساتشوستس للعلوم والتكنولوجيا(MIT) Massachusetts Institute of Technology، التي تسمح للمستخدمين من تغيير شكل الحساس الإلكتروني في فضاء متناسق، لتأمين اندماج أفضل للحساس مع الجسم ثلاثي الأبعاد، وتُدعى هذه البيئة حساس التشكيل أو التحويل MorphSensor (4).
أمثلة تطبيقيَّة عن morphSensor:
اختبر الفريق نظامَ morphsensor عبر وضع نموذج لكمامة n95 مع حساس رطوبة، وخاتم مُدمج بحساس حرارة، ونظارات لمراقبة التعرض للضوء الأزرق، بهدف حماية صحة العين(4).
تطبيق morphSensor على كمامة n95:
إذا أردنا وضع حساس رطوبة عادي داخل الكمامة، سيؤدي ذلك إلى زيادة عرقلة مرور الهواء ويجعل التنفس أمرًا صعبًا، فكانت الكمامة الذكية التي صممها العلماء بإضافة ليد (LED)، وحساس رطوبة ينبه مستخدم الكمامة بضرورة تبديلها عند الضرورة منعًا للتلوث، وتمت المحافظة على تدفق الهواء عبر وضع حساس الرطوبة في مجرى الهواء، وتحريك بقية عناصر الدارة من مقاومات ومكثفات بعيدًا، واخُتصرت باستخدام هذه التقنية معظم الوصلات التي تعوق مرور الهواء(4).
اختبار morphsensor على السماعات اللاسلكية(Earpods) وعلى خاتم الطقس:
طبّق العلماء فكرة استعمال morphsensor لتتبع نوعية ساعات النوم بإضافة حساس تسارع Accelerometer لسماعات الرأس اللاسلكية، ولا يستهلك تصميم هكذا دارة وتركيبها من الوقت سوى 45 دقيقة، ويمكن أيضًا صنع خاتم الطقس الذي يزودنا بنصائح عن المناخ، وماذا يجب أن نرتدي، بحيث يلائم شكل حساس الحرارة الشكل الهندسي للخاتم(4).
ويعمل فريق مخترعي Morphsensor على تنفيذ وظائف أعقد على الدارات المطبوعة مستقبلًا، كألواح الدارات المطبوعة متعددة الطبقات، وأدوات تصميم إضافية داعمة (4).
ختاماً؛ نشاهد اليوم تطور علوم التّفاعل بين الحاسوب والإنسان، الّتي تُعنى بدراسة تأثير التكنولوجيا في عمل الإنسان ونشاطاته المختلفة، ويومًا بعد يوم سنشهد اختراعات جديدة تشبه التي ذكرناها في المقال؛ ليتمكن المصمم من صنع دارته كاملةً من منزله (4,5).
المصادر:
هنا
2. Gard M. Electronic Design. Developing and Managing Embedded Systems and Products. 2015;:399-467.
هنا
3. Nubuyuki Umetani and Ryan Schmidt. SurfCuit: Sur-face-Mounted Circuits on 3D Prints. In IEEE Com-puter Graphics and Applications, vol. 37, no. 3, 52-60, May-June 2017.
هنا
4. Zhu J, Zhu Y, Cui J, Cheng L, Snowden J, Chounlakone M et al. MorphSensor. Proceedings of the 33rd Annual ACM Symposium on User Interface Software and Technology. 2020;.
هنا
5. Dix A. Human-Computer Interaction. Encyclopedia of Database Systems. 2009;:1327-1331.
هنا