كيف تؤثِّر الانفجارات في استقرار السدود؟
العمارة والتشييد >>>> التشييد
كثيرًا ما نسمع عن انهيار سدٍّ بسبب أخطاءٍ في أثناء مرحلة التنفيذ أو التشغيل أو نتيجة عدم كفاية إجراءات المراقبة والصيانة؛ إلا أنَّ هناك حالاتٍ معدودةٍ تتعلق بإلحاق الضرر المُتعمَّد بهذه المنشآت الضخمة في حالات الحروب والهجمات المسلحة الهادفة لتحقيق أكبر قدرٍ من الخسائر في الأرواح والممتلكات (1).
Image: © IWM (HU 4594)
صورة (1). أحد السدود الألمانية التي استُهدفَت في خلال الحرب العالمية الثانية
وتُعدُّ السدود العالية - الارتفاع العالي - ذات الخزانات المائية الكبيرة أكثر المواقع التي يمكن أن تُستهدَف في أثناء الحروب والهجمات الإرهابية، لا سيما السدود الضخمة الحاوية محطاتٍ كهرمائيةً لتوليد الطاقة الكهربائية التي ستتسبب بكارثةٍ كبيرةٍ فيما لو انهارت نتيجة تفجيرها. يبرز هنا دور المهندسين الإنشائيين وواضعي السياسات المتعلقة بهذه المنشآت في فهم كيفية مقاومة المُنشأَة لأحمال الانفجار والتنبُّؤ بالأضرار المُحتمَلة والتخفيف من حدتها، إذ يتطلب ذلك فهمًا شاملًا وعميقًا لآلية الانفجار (هل سيحصل في الجزء الهوائي من السد أم في الجزء المائي، أو سيخترق كتلة السد بصورةٍ مباشرةٍ ...الخ)، بالإضافة لدراسة مجموعة أمورٍ تتضمن: انتقال الصدمة ضمن السد، الخصائص الميكانيكية لمواد البناء المستخدمة، الحالات المُحتمَلة لفشل عمل السد ودراسة ميكانيزمات الانهيار المختلفة (2).
بالنسبة لـ«السدود الثقلية - Gravity Dams»؛ فقد بيَّنت إحدى الدراسات أنه بدراسة حالات الفشل المختلفة الناتجة عن (الانفجار التلامسي - contact explosion) على وجه السد الثقلي المائي وبأخذ ضغط الماء الهيدروستاتيكي الأمامي بعين النظر؛ فإن منطقة التفجير ستتعرض لضررٍ شديدٍ متمثلٍ في تشكل فجوةٍ انفجاريةٍ تختلف مواصفاتها تبعًا لقيمة ارتفاع الماء أمام السد، وتختلف شدة الضرر تبعًا لموقع التفجير، فلو وقع بالقرب من أسفل السد ستتأثر منطقة قدم السد بصورةٍ كبيرةٍ (3).
Image: Q. Li et al. Engineering Failure Analysis 85 (2018) 62–76
صورة (2)- شكلٌ توضيحيٌّ لـ(الانفجار التلامسي) تحت الماء في السدود الثقلية
أما بالنسبة لـ«السدود الردْميَّة - Embankment Dams»؛ فمن المعروف أنها تنهار نتيجة ظاهرتين أساسيتين، هما:
_(الأنبوبية - Piping): أي حدوث رشْحٍ داخليٍّ كبيرٍ ضمن ردْميَّة السد يؤدي لتشكُّل مساراتٍ تسرُّبيةٍ بشكل أنابيبَ في داخل جسم السد.
Image: https://i.imgur.com/MBn8mAe.jpg
صورة (3)- شكلٌ توضيحيٌّ لظاهرة (الأنبوبية) في السدود الردْميَّة
_اجتياز الماء لسطح الردْميَّة الحر نتيجة تشكُّل فتحة انهيارٍ تبدأ في (قمة السد وتتسع للأسفل - Overtopping)، وتؤدي لحدوث جرْفٍ تدريجيٍّ للردْم، وتُعدُّ هذه الظاهرة السبب الأكثر شيوعًا لانهيارات السدود في العالم (2).
Image: https://i.imgur.com/ADTytOl.jpg
صورة (4)- شكلٌ توضيحيٌّ لظاهرة الـ(Overtopping) في السدود الردْميَّة
أما عن حالات فشل السد الردْميِّ المُحتمَل دراستها في حالة التفجيرات فتتلخص بالآتي:
Image: G. Wang, et al. International Journal of Impact Engineering 139 (2020) 103529
صورة (5)- الحالات المُحتملَة للانفجارات في السدود الردْميَّة
بنمذجةٍ وتحليلٍ للسد الردْميِّ وفقًا لما سبق؛ يمكن القول إن منسوب الماء في بحيرة السد يؤثِّر في أبعاد فتحة الانفجار؛ فكلما كان هذا الارتفاع أكبر زاد ضغط الماء المساميِّ ضمن الردْميَّة الترابية. وكذلك تؤثر كثافة مواد الردْم في أبعاد فتحة الانفجار؛ لا سيما في الجزء الذي تكون فيه التربة مُشبَعةً (تقع تحت خط الإشباع) وتقل الفتحة كلما زادت الكثافة (4).
تزداد وتيرة نشوب الحروب أو حصول الأعمال الإرهابية والتخريبية في الوقت الحالي ما يجعل من الأهمية بمكانٍ دعم المنشآت المائية الضخمة كالسدود ودراسة شتى السيناريوهات المتوقعة لانهيار السد بتأثير الانفجارات التي أشرنا إلى بعضها ضمن هذا المقال، وذلك بهدف تحجيم الأضرار المُحتمَلة على قاعدةٍ علميةٍ هندسيةٍ متينة.
المصادر:
2. Wang G, Lu W, Yang G, Yan P, Chen M, Zhao X, et al. A state-of-the-art review on blast resistance and protection of high dams to blast loads. International Journal of Impact Engineering. 2020 May 1;139:103529. [cited 2021 Jan 22]. Available from: هنا
3. Li Q, Wang G, Lu W, Niu X, Chen M, Yan P. Failure modes and effect analysis of concrete gravity dams subjected to underwater contact explosion considering the hydrostatic pressure. Engineering Failure Analysis. 2018 Mar 1;85:62–76. [cited 2021 Jan 22]. Available from: هنا
4. Afriyie G, Braimah A, Rayhani MT. Effect of explosive cratering on embankment dams. International Journal of Geotechnical Engineering. 2018 Mar 4;12(2):200–8. [cited 2021 Jan 22]. Available from: هنا