هل الهواتف المحمولة تشكل خطرًا على الصحة؟
الهندسة والآليات >>>> الاتصالات والشبكات
يُعرف الإشعاع الكهرومغناطيسي وفقًا لطوله الموجي وتردده الذي يعبر عن عدد دورات الموجة التي تمر بنقطة مرجعية في الثانية، تُمثل الترددات الكهرومغناطيسية بواحدة تسمى هرتز (2).
تُحدد طاقة الإشعاع الكهرومغناطيسي من خلال تردده، إذ يكون الإشعاع المؤين عالي التردد وبالتالي يكون ذا طاقة عالية، في حين أن الإشعاع غير المؤين منخفض التردد وبالتالي يكون ذا طاقة منخفضة (2,1).
يتراوح تردد الإشعاع الكهرومغناطيسي للترددات الراديوية من 30 كيلوهرتز إلى 300 جيجا هرتز (2)، وتُستخدم المجالات الكهرومغناطيسية في نطاق الترددات الراديوية لتطبيقات الاتصالات السلكية واللاسلكية بما في ذلك الهواتف المحمولة وأجهزة التلفزيون والإرسال اللاسلكي. يمتص جسم الإنسان الطاقة من الأجهزة التي تبث الإشعاع الكهرومغناطيسي بالترددات الراديوية، وتُقدّر جرعة الطاقة الممتصة باستخدام مقياس يسمى معدل الامتصاص النوعي (SAR)، والذي يُعبّر عنه بالواط لكل كيلوغرام من وزن الجسم (1).
تعمل الهواتف المحمولة في نطاق الترددات الراديوية للطيف الكهرومغناطيسي، من عدة مئات من الميجاهرتز إلى عدة جيجا هرتز، لتمكين المكالمات الهاتفية اللاسلكية ونقل البيانات، بما في ذلك الاتصال عبر الإنترنت، ويختلف نطاق التردد الدقيق المستخدم بين التقنيات (GSM - UMTS - 4G - 5G) وحتى بين البلدان. تسمح حقول التردد الراديوي بنقل كمية كبيرة من البيانات بمعدل سريع جدًا (حتى سرعة الضوء) عبر مسافات كبيرة، إذ تُرسل الإشارات بواسطة شبكة اتصالات تتكون من محطات قاعدية وهوائيات، ويعمل الهاتف المحمول تلقائيًا بتنظيم قوة الإشارة بحيث يكون المجال المنبعث في أدنى مستوى ممكن من الطاقة لتمكين إجراء الاتصال، علمًا أن بيئة الإرسال السيئة تؤثر على نحو كبير، على سبيل المثال: وجود عوائق مثل التلال والمباني والأشجار وما إلى ذلك بين المحطة الأساسية والهاتف المحمول أو أن المحطة الأساسية بعيدة جدًا، سيؤدي إلى انبعاث طاقة على نحو أكبر من الهاتف المحمول لإجراء اتصال، وبالتالي كلما كان الاتصال أفضل انخفض خرج الطاقة (3).
يشعر بعض الناس بالقلق من أن طاقة التردد اللاسلكي الصادرة عن الهواتف المحمولة تسبب السرطان أو غيره من المخاطر الصحية، فهل هذا صحيح؟
تصدر الهواتف المحمولة مستويات منخفضة من طاقة التردد اللاسلكي، وكما ذُكر سابقًا هو نوع من الإشعاع غير المؤين (4).
التأثيرات قصيرة المدى:
لا تظهر البيانات العلمية المتاحة أي دليل قاطع على أي آثار بيولوجية ضارة عن التعرض لطاقة التردد اللاسلكي بخلاف تسخين الأنسجة (4).
ما المقصود بتسخين الأنسجة؟
تسخين الأنسجة هو التفاعل بين طاقة الترددات الراديوية وجسم الإنسان عند الترددات التي تستخدمها الهواتف المحمولة، إذ يمتص الجلد والأنسجة السطحية الأخرى معظم الطاقة، مما يؤدي إلى ارتفاع طفيف في درجة حرارة الدماغ أو أي أعضاء أخرى من الجسم (1).
يستوعب الجسم الزيادة الطفيفة في الحرارة، بطريقة مماثلة لتبديد حرارة الجسم الزائدة عند القيام بنشاط رياضي، وذلك لأن جسم الإنسان لديه قدرة قوية على تنظيم درجة حرارته الداخلية، ومع ذلك، يمكن أن يؤدي التعرض لهذه الترددات وما يصاحب ذلك من ارتفاع في درجة الحرارة إلى آثار صحية خطيرة، مثل ضربة الشمس وتلف الأنسجة (الحروق)، إذا تجاوزت مستوى معينًا (يُشار إليه بالعتبة) اعتمادًا على مدة التعرض (3).
دُرست آثار مجالات الترددات الراديوية على النشاط الكهربائي للدماغ والوظيفة الإدراكية والنوم ومعدل ضربات القلب وضغط الدم لدى المتطوعين. حتى الآن، لا تشير الأبحاث إلى أي دليل ثابت على الآثار الصحية الضارة من التعرض لمجالات الترددات الراديوية بمستويات أقل من تلك التي تسبب تسخين الأنسجة (1).
التأثيرات طويلة المدى:
هنالك العديد من الأبحاث الوبائية التي تدرس المخاطر المحتملة على المدى الطويل من التعرض للترددات الراديوية (1).
فمثلاً يُحلل الأطباء والعلماء والمهندسون التابعون لإدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) الدراسات والمنشورات العلمية بانتظام للحصول على أدلة عن الآثار الصحية الناتجة عن التعرض لطاقة التردد اللاسلكي الصادرة من الهواتف المحمولة، وتُوضح البيانات عدم وجود ارتفاع مُلفت في سرطان الدماغ والجهاز العصبي في الثلاثين عامًا الماضية على الرغم من الزيادة الهائلة في استخدام الهاتف الخلوي خلال هذه الفترة (4).
وخلال العقدين الماضيين أُجري عدد كبير من الدراسات لتقييم ما إذا كانت الهواتف المحمولة تشكل مخاطر صحية مُحتملة، ولم تُثبَت أي آثار صحية ضارة ناجمة عن استخدام الهاتف المحمول حتى الآن (1).
وذكر المعهد الوطني للسرطان: "لا يوجد حاليًا دليل ثابت على أن الإشعاع غير المؤين يزيد من خطر الإصابة بالسرطان لدى البشر" (4).
المصادر: