الحلقة الثامنة- فيزياء الجسيمات
الفيزياء والفلك >>>> النظريات الأساسية في الفيزياء
يمكن أن نصف الجسيمات وفق النموذج المعياري بأنها تنقسم لقسمين: -الجسيمات المادية أو "الفيرميونات": وتصف الجسيمات المشكلة للمادة والمادة المضادة وتتألف ايضا من قسمين : الكواركات ولها ستة أنواع والليبتونات حيث يعد الالكترون اشهر الليبتونات. أما بقية الجسيمات فهي مؤلفة من تركيب لهذه الجسيمات وفقا لقواعد معينة فمثلا يتألف البروتون من ثلاثة كواركات. -جسيمات القوى أو البوزونات : وهي الجسيمات التي "تمثل" حقول القوى الأساسية، الكهرطيسية والقوة النووية الشديدة والقوة النووية الضعيفة أما القوة الأخيرة وهي قوة الجاذبية فغير متضمنة في النموذج المعياري للجسيمات ويعد ايجاد نظرية واحدة تشمل القوى الاربعة من أهم المساعي في عالم الفيزياء النظرية. ويمكن فهم جسيمات القوى باننا لو افترضنا ان الألكترونين المتنافرين بين بعضهما بسبب القوة الكهرطيسية يشبهان لاعبي تنس والكرات المتبادلة بينهما هي جسيم القوة الكهرطيسية "الفوتون" فكما ترتبط حركة اللاعبين بحركة الكرة بينهما ترتبط حركة الألكترونات بحركة الفوتونات بينهما. كما يحوي النموذج جسيما اضافيا مسؤول عن اعطاء الكتلة للجسيمات الباقية يدعى "جسيم هيغز" أو " بوزون هيغز" الذي تم الاعلان في 4 تموز 2012 عن رصد جسيم تتشابه صفاته مع بعض صفات جسيم هيغز المفترض وذلك في مصادم الهادرونات الكبير في سيرن- سويسرا. يمكن ضمن النموذج المعياري وصف القوة الكهرطيسية والقوة النووية الضعيفة بشكل موحد مما يشكل خطوة نحو وصف القوى الأساسية الأربعة بصيغة موحدة برغم المشاكل المعقدة التي تنتج عند محاولة ضم تأثيرات الجاذبية للنظرية. وبرغم النجاح الكبير للنموذج المعياري في حسابات تفاعلات الجسيمات مع بعضها وايجاد الجسيمات الناتجة باحتمالات تتفق مع التجربة حتى الان واكتشاف الجسيمات التي يتنبأ بها النموذج مثل الكوارك القعري Bottom Quark عام 1977 والكوارك القمّي Top Quark عام 1995 ونترينو التّاو عام 2000 فإن النموذج المعياري يستلزم وجود 19 ثابتا يجب حسابها بالتجربة (ناهيك عن الثوابت الاضافية من أجل التفسيرات الكافية لكلتة جسيمات النترينو) ولا يستطيع النموذج تفسير قيمها مما يشكل احد الأسئلة الكبرى أيضا في الفيزياء. ولذلك توجد عدة فرضيات ونظريات يتنبأ كل منها بوجود جسيمات بخواص معينة يجري الان البحث عنها في بعض التجارب كمصادم الهادرونات الكبير في سيرن حيث يجري صدم الجسيمات بسرعة عالية وقياس الجسيمات الناتجة (كما في النموذج في الصورة) للبحث عن دلائل عن فيزياء مابعد النموذج المعياري. ومن تلك الفرضيات ما يدعى التناظر الفائق بين الجسيمات. كما فرضت عدة نظريات لدمج وصف الجاذبية مع بقية القوى الأساسية كنظرية الأوتار والجاذبية الكمومية الحلقية وسنتحدث في مقالاتنا القادمة عن هذه النظريات. إذا أنهيت قراءة الحلقة فانت تقف عند الشاطئ الفاصل بين النظريات الفيزيائية المستندة لأرضية صلبة من التجارب وبين محيط النظريات الفيزيائية المجهولة بدليل أنه قد مر معنا سؤالين ضمن المقال تعد من أهم الأسئلة الحالية في الفيزياء. هل يملك أحدكم تصورا لما يقبع داخل هذا المحيط؟ شاركونا افكاركم وتعليقاتكم حقوق الصورة :CMS مراجع اضافية: - الثلاث دقائق الأولى من عمر الكون – ستيفن واينبرغ - Particle Physics - A Very Short Introduction, Oxford University Press مرجع متقدم: -Introduction to Elementary Particles 2nd Edition – David Griffiths
تهتم فيزياء الجسيمات كما يتضح من اسمها بوصف عالم الجسيمات المتعددة والقوى فيما بينها معتمدة على عدة نماذج ونظريات أساسية كالنظرية الكهرطيسية الكمومية أو ما يعرف بالالكتروديناميك الكمومي والتي تصف بشكل رئيسي تفاعل الضوء والمادة، والكروموديناميك الكمومي الذي يصف القوى النووية الشديدة المتبادلة ما بين جسيمات أساسية تدعى الكواركات. وفي حين أن معظم الرسوم والأشكال تظهر لنا هذه الجسيمات كانها كرات بلياردو صغيرة تتصادم فيما بينها لكن الحقيقة اعقد من ذلك قليلا فكل جسيم من هذه الجسيمات توافق حقلا منتشرا في الفضاء ويمتلك خواصا كخواص الجسيمات التقليدية وخواصا كخواص الأمواج والحقول وتعد هذه الطبيعة المزدوجة للجسيمات موضوع جدل دائر حتى الآن في عالم الفيزياء. وتسمى النظريات المستخدمة لوصف هذه الجسيمات (كالالكتروديناميك الكمومي أو الكروموديناميك الكمومي ) نظريات حقل كمومية لأن الجسيمات كما قلنا تعبر عن حقول وليس جسيمات تقليدية. وقد توالى اكتشاف الجسيمات منذ ثلاثينيات القرن الماضي حيث لم يكن يعرف حينها إلا الالكترون والبروتون والنترون ولكن اكتشاف الجسيمات المتنوعة توالى واصبح عددها كبيرا جدا لدرجة أن الفيزيائيين شبهو تنوع الجسيمات العشوائي وكانه "حديقة حيوانات". وقد تم تنظيم وترتيب هذا التنوع ودراسة التفاعلات ما بين الجسيمات المختلفة ضمن عدة نظريات جاء في نهايتها النموذج المعياري الذي وضعه بشكل أساسي كل من شيلدون غلاشو وستيفن واينبرغ ومحمد عبد السلام ونتيجة لتطايق تنبؤاته مع التجربة حاز الثلاثة على جائزة نوبل في الفيزياء عام 1979.