جغرافيا النقل؛ اختصار المسافات والتغلب على حاجز الزمن

عند اختيارك لموقع سكنك في المدينة لا بُدَّ أنك تحاول البحث عن الموقع الذي قد يؤمِّن لك السرعة والسهولة في الحركة والوصول إلى مكان عملك أو دراستك، أو إلى المناطق التي ترتادها يوميًّا لتأمين حاجياتك.

ولن يتحقق هذا المطلب في مدننا اليوم دون وجود البنية التحتية الملائمة من الطرقات وشبكات النقل وتوفر وسائل النقل الملائمة التي تؤمِّن الربط اللازم بين المناطق المختلفة، وتوفر السرعة في الحركة والتنقُّل.

فالهدف الأساسي للنقل هو التغلُّب على المسافات والعوائق الناتجة عنها وعن الطبوغرافيا والوقت؛ أي يمكن القول أنَّ هدفه تأمين نقل الناس والبضائع والمعلومات بين المناطق المختلفة، لذلك يؤدي النقل دورًا مهمًّا في إنشاء الروابط والصلات بين الأماكن والأنشطة الاقتصادية المختلفة، وبين السكان، ويربطهم مع مختلف المناطق في العالم. وتُعدُّ دراسات النقل من الدراسات المتعدِّدة التخصُّصات الذي قد يشارك فيها المهندسون والاقتصاديون وغيرهم، وذلك تبعًا للجانب المراد دراسته (1).

ولكن ما علاقة الجغرافيا بالنقل؟
تسعى الجغرافيا إلى فهم التوزيع المكاني للعناصر وفهم تفاعلاتها، والنقل أحد هذه العناصر المكانية التي تتأثر بالجغرافيا وتؤثر فيها، وبذلك تُعرَّف جغرافيا النقل بأنها أحد الاختصاصات الفرعية للجغرافيا التي تُعنى بحركة البضائع والأشخاص والمعلومات، وتسعى إلى فهم تنظيمهم المكاني عن طريق علاقات المنشأ والوجهة وطبيعة وغاية هذه الحركات (1).

تختبر جغرافيا النقل الخصائص المكانية وتأثيرات أنظمة النقل على المستوى المحلي والوطني والعالمي، وتشمل دراسة تطوير وموقع وهيكلية شبكات النقل وتحليل استخدامها من قبل البشر والبضائع؛ أي تأثير أنظمة النقل وسياساتها في الاقتصاد والمجتمع والبيئة، وقضايا التنقُّل الفردي وقابلية الوصول والإقصاء الاجتماعي الذي قد يولِّده التوزيع المكاني لهذه الأنظمة (2).

فما الغاية من دراسة أنظمة النقل وخصائصها المكانية؟ وكيف تؤثر أنظمة النقل في مدننا؟  
للعلاقة بين النقل والمدن تاريخٌ طويل؛ إذ شكَّل إنشاء القنوات المائية وتوسيع شبكات الطرق دعمًا وتطويرًا للحالة التجارية للمدن، وسمح لها بالاستيراد والتصدير على نطاق أوسع، وساهم أيضًا في جعل هذه المدن مراكز للصناعة والخدمات، وأصبح تطوير النقل عاملًا مهمًّا ليس لزيادة موارد المدن فحسب بل لإكسابها مواقع أفضل في عمليات التبادل والتصنيع أيضًا (3).

فإلى أي مدى ساهم تطور أنظمة النقل في تغير المدن وتطورها؟ وهل ما زال لهذه الأنظمة تأثير في المدن؟ وما المشكلات التي سببتها؟ وما الحلول التي اتُّخذِت لتقليل آثارها السلبية؟

نحاول الإجابة عن هذه الأسئلة في الفئة الفرعية "جغرافيا النقل" من قسم "الجغرافيا البشرية والعلوم الإقليمية" فتابعونا وانضموا إلى رحلاتنا.

المصادر: