طريقة ثورية جديدة لتسهيل مرور الأدوية عبر الحاجز الدموي الدماغي
الطب >>>> مقالات طبية
في البداية سنوضح لكم، ما هو الحاجز الدمويّ الدماغيّ؟؟
يتركّب هذا الحاجز من طبقة متراصّة من الخلايا الظهارية (البطانيّة) التي تغلّف الأوعية الدموية في الدّماغ. تمنع هذه الطبقة الجراثيم والفيروسات وغيرها من سمومٍ ومركّباتٍ مؤذية من الوصول إلى الدماغ، بينما تسمح لمركّباتٍ حيويةٍ أخرى كالغلوكوز بالمرور عبر آلياتِ نقلٍ خاصّة. ولكنّ المؤسف في الموضوع أنّ الأغلبية الساحقة من الأدوية لا يُسمح لها بالمرور!
يعدّ فتح هذا الحاجز أمراً في غاية الأهمية، فهو على الأغلب العقبة الأساسية في وجه تطوير الأدوية لعلوم الأعصاب.
هذا ويعتقد Hynynen أنّ الجواب يكمن في فقاعات مجهريّة مليئة بالغاز. اكتُشفت هذه الفقاعات بمحض الصدفة من قبل أطباء أشعّة في ستينيات القرن الماضي، وتتم دراستها حديثاً للمساعدة في علاج الأورام صعبة الوصول.
التجارب السريريّة والبحث:
10 مرضى مصابين بأورام سرطانيّة في الدماغ سيشاركون في هذه التجارب.
في البداية سيُعطى المتطوعون علاجاً كيميائيّاً لا يستطيع عبور الحاجز عادةً. وبعد ذلك سيتلقّون حقناً تحوي فقاعاتٍ مجهريّة (شديدة الصّغر) والتي ستنتشر في الجسم بما فيه أوعية الدم الدماغيّة.
الخطوة التالية ستكون علاجاً يدعى high-intensity focused ultrasound أو العلاج بالأمواج فوق الصوتية المركزّة عالية الشدة، حيث سيرتدي المتطوعون خوذاتٍ تحوي منظوماتٍ من محولات الطاقة الّتي ستوجّه الموجات فوق الصوتيّة إلى دماغهم مسببةً اهتزاز هذه الفقاعات الصغيرة.
وكما هو موضّحٌ في الشكل التالي:
ستتوسع وتنكمش هذه الفقاعات المهتزّة لمئات آلاف المرات في الثانية، مما سيؤدّي لإبعاد الخلايا البطانية (الخلايا الّتي تشكّل الحاجز) قليلاً عن بعضها البعض، ممّا سيسمح للعلاج الكيميائيّ بالتسلل من الدوران الدموي عبر الفراغات بين الخلايا "التي تشكل الحاجز الدموي الدماغي عادة" إلى أيّ خليّة ورميّة مجاورة.
لن تتجاوز مدّة تطبيق الموجات الدقيقتين كحدّ أقصى، خلالها ستتسبب بفتح الحاجز في 9 مواقع محيطة بالورم عند كلّ متطوع. وللتأكد من هذا سيستخدم العلماء مادّةً متألقة (مشعّة) سيراقبونها بتقنية الـfMRI (التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي) ، ثم سيتمّ استئصال الورم ومقارنة تركيز الدواء مع تركيزه في مناطق مازال الحاجز فعّالاً فيها.
كما يقول الباحث المسؤول أنّ الحاجز يبدأ بالإغلاق مباشرة بعد التوقّف عن تطبيق هذه التقنية، ويجب أن يعود لطبيعته بعد حوالي 6 ساعات. ولم تُظهر التجارب على الحيوانات المخبريّة أيّة آثار سلوكيّةٍ أو صحيّة على المدى البعيد.
هذا ويقول: "إننا لا نعرض الدماغ لأيّ كمية زائدة من البكتيريا عن تلك الّتي يتعرّض لها في جراحة الدماغ المفتوح، فهذا العلاج غير مؤلم ولا يتطلّب عملاً جراحياً، ونظريّاً يمكن للمرضى الّذهاب إلى المنزل بعده مباشرةًّ".
فعلى سبيل المثال:
دواء التراستوزوماب (trastuzumab) الذي يُعتبر علاجاً فعالاً لبعض أشكال سرطان الّثدي لا يمكنه عبور الحاجز الدموي الدماغي ليصل إلى الأورام الّتي انتشرت إلى الدماغ واستقرّت فيه، وبالتالي سيُساعد فتح هذا الحاجز كثيراً.
وقد يصبح من الممكن إنتاج أدوية مصنّعة بدقّة لطيف واسع من المستقبلات في الدماغ، وهذا يعني علاجاً ممكناً لحالات كالشيزوفرينيا (الفصام) والاكتئاب، وقد يكون الزهايمر الوجهة التالية!
ولكن العقبة –كما يقول أحد باحثي جامعة أوكسفورد- قد تكون أنّ هذه الأدوية المسرّبة لن تستطيع الانتشار بين خلايا الدماغ بدون مساعدة، ممّا قد يتطلّب فتح الحاجز في مختلف مناطق الدماغ لمرضٍ كالزهايمر حيث تكون الأذيّة منتشرةً جداً!
ويردّ Hynynen على هذا بأنّهم استطاعوا فتح الحاجز في نصف كرة مخيّة كاملة لدى حيوانات المخبر بدون عوارض جانبيّة خطيرة، وفي مرضٍ بطيء التطوّر كالزهايمر سيتسنى لنا الوقت لتطبيق العلاج تدريجياً على كافة الأجزاء المتضرّرة من نسيج الدماغ.
نأمل لهذا البحث كلّ النجاح ونعدكم بأن نوافيكم بآخر تطوراته حالما تُنشر.. شاركونا آراءكم..
المصدر:
هنا