إرثُ التربة
الطبيعة والعلوم البيئية >>>> علم البيئة
إذ يمكن لكلّ نوعٍ نباتي أن يُغيِّر من خصائص التربة وشروطها، وقد يستمرّ أثر التغيير بعد اختفاء النوع النباتي، ويعرف ذلك بإرث التربة (Soil legacy). وترتبط مدة استمرار هذه الخصائص الجديدة بطبيعة التغيير الحاصل في التربة، ويُتوقَّع أنّ تُحدث عواقب طويلة الأجل على تنوّع المجتمع النباتي وإنتاجيته (2).
فقد أظهرت بعض الدراسات أن الغنى والتنوع النباتي - الذي يمكن أن يُعزِّز من تحلل المواد العضوية الناجمة عن فضلات الجذور - أو زيادة عنصر النتروجين في التربة، أو التأثير على تحلل الجزء غير المستقر من المادة العضوية، قد يُسبِّب هذه التغيرات في التربة (3).
وإضافةً إلى ذلك؛ فقد أثبتت دراساتٌ أخرى أن إدخال نوع نباتي محدَّد أو عدة أنواع نباتية في وقتٍ أبكر من غيرها قد يؤدي إلى تعديلٍ في تركيب الأنواع النباتية، وقد يستمر ذلك عدة سنوات (2).
ومما يثير الدهشة أن إزالة الأنواع النباتية الغريبة والحشائش الضارة من المجتمعات النباتية لا يكفي لاستعادة حالتها الطبيعية بنجاح في حال غيَّرت هذه الأنواع الغريبة من خصائص التربة، أي تركت إرثاً خلفها (2).
ويشمل إرث التربة الآلياتِ الدفاعية التي تكوِّنها النباتات بأسلوب ممنهَج ضد مُسبِّبات أمراضها؛ إذ أشارت إحدى التجارب إلى أن تهيئة التربة وزراعتها بنباتاتٍ مُصابة بعوامل ممرِضة - كالعفن الفطري مثلاً - أدى إلى تقليل التعرض للمرض وظهور نباتاتٍ مُقاوِمة له نظراً لنموها في التربة نفسها. وفُسِّر ذلك بأن زراعة النباتات المُصابة قد أدى إلى إثراءٍ انتقائي لمحتوى التربة بالعوامل الممرضة التي تحمي النباتات، وبالتالي تكوّن إرثٌ استفادت منه نباتاتُ الجيل التالي التي تنمو في التربة نفسها (4).
ويمكن توضيح دور بعض جراثيم التربة المُتكافِلةً مع جذور النبات كإرثٍ للتربة؛ إذ يُفرزُ النبات مستقبلاتٍ انتقائية ومحفِّزة لجراثيم التربة، فتساعد هذه الجراثيم النبات في امتصاص الماء والعناصر المُغذّية، أو الحماية من أنواع النباتات الأخرى الغريبة، ما قد يُغني التربة بالمجموعات الجرثومية التي تستمر في وظيفتها تلك متكافلةً مع نباتاتِ الجيل القادم (4).
ولا بُدَّ من الإشارة إلى أن مفهوم إرث التربة لا يقتصر على مجتمعات النباتات فحسب؛ إذ من الممكن تعقُّبَه في مجتمعات الطيور أيضاً، ورَبطت نتائج إحدى الدراسات بقوة بين تنوُّع مجتمعات الطيور وتاريخ استخدام الأراضي في منطقة تعرضت لحروب عدة وتعدَّد استخدام أرضها ما أثر على إرثها البيولوجي لسنواتٍ لاحقة، فيما لم تجد ارتباطاً كبيراً بين ما تعرّضت له أراضي هذه المنطقة تاربخياً والإرث البيولوجي الناجم عن ذلك، وتنوّع مجتمعات النباتات والفراشات فيها (5).
وختاماً؛ يمكن استغلال الإرث الذي ينتقل بواسطة التربة بطريقةٍ عملية معقولة زراعياً عن طريق إدخال عدة مجموعاتٍ جرثومية مُحدَّدة بالتوازي مع إدخال الأنماط الوراثية النباتية المحسِّنة لنشاطها، ما يُحافظ على جماعاتها وأنشطتها، ويُحسِّن إنتاج المحاصيل الزراعية مع تقليل استخدام المبيدات والأسمدة الكيمائية (4).
المصادر:
2- Van der Putten WH, Bardgett RD, Bever JD, Bezemer T, Casper BB, Fukami T et al. Plant-soil feedbacks: the past, the present and future challenges. Journal of Ecology [Internet]. 2013 [cited 1 April 2021];101(2):265-276. Available from: هنا
3- Cong W, van Ruijven J, van der Werf W, De Deyn GB, Mommer L, Berendse F et al. Plant species richness leaves a legacy of enhanced root litter-induced decomposition in soil. Soil Biology and Biochemistry [Internet]. 2015 [cited 1 April 2021];80:341-348. Available from: هنا
4- Bakker PAHM, Pieterse CMJ, de Jonge RD, Berendsen RL. The Soil-Borne Legacy. Cell [Internet]. 2018 [cited 1 April 2021];172(6):1178-1180. Available from: هنا
5- Culbert PD, Dorresteijn I, Loos J, Clayton MK, Fischer J, Kuemmerle T. Legacy effects of past land use on current biodiversity in a low-intensity farming landscape in Transylvania (Romania). Landscape Ecology [Internet]. 2016 [cited 1 April 2021];32(2):429-444. Available from: هنا