سحب الأوراق البحثية المنشورة Retraction
البحث العلمي والمنهجية العلمية >>>> البحث العلمي
يُعدّ التراجُع عن نشر الورقة البحثية وسحبها إجراءً يَصعب اتّخاذه على مؤلِّفي الورقة والناشر والباحثين الذين استشهدوا بأوراقٍ بحثية مسحوبة، ولأيّ شخص اعتمد على هذا البحث بوصفهِ أساسًا لعلاجٍ أو بحثٍ ما أو مصدرٍ لاتخاذ القرار (1).
تَختلف أسباب سحب الأوراق البحثية المنشورة، فيقرِّر مؤلِّفو الورقة التراجع عن نشرِها عند إدراك وجود خطأ في استنتاجاتها مثلًا، رغم موثوقية نتائجها.
من ناحية أخرى؛ قد تَسحب هيئة تحرير المجلة المحكمة الورقة البحثية عند ثبوت إجراء البحث أو استخلاص استنتاجاته بطريقة احتيالية، أو اعتماده على بيانات غير صحيحة أو وجود الانتحال أو ادّعاءات التأليف غير الصحيحة أو عمليات الإرسال المتعدّدة للبحث أو سوء السلوك العام المُتعلِّق بقواعد الأخلاق المهنية (1).
على الرغم من الفرق الكبير بين الحالتين السابقتين؛ فإنَّ المجتمع الأكاديمي يميلُ إلى التّسامح مع السحب الذاتي لِمؤلِّفي الورقة ذاتهم ويدعم مصداقيتهم ونزاهتهم.
وقد يبدو المجتمع العلمي أقل تسامحًا إذا سُحبَت الورقة بسبب الاحتيال و / أو لأسباب أخلاقية أو غيرها، تؤثر في سمعة الباحث أو توظيفه وتمويله مستقبلًا (1).
كيفية طلب المؤلفين سحبَ ورقة بحثية منشورة في مجلة محكمة:
تتّبع معظم المجلات إرشادات مُساعِدة في عملية سحب الورقة بعد نشرها، ورغم اختلافها، غير أنّ الخطوات العامة تَشمل ما يأتي:
أولاً: يُبلّغ أحد المؤلفين كل المؤلفين المشاركين بالخطأ أو سبب السحب.
ثانياً: يُبلغ المؤلّفُ هيئةَ تحرير المجلة أو المحرّر، ويشرح سبب طلبه السحب (1).
وفي هذا السياق تَهدُف لجنة أخلاقيات النّشر (Committee on Publication Ethics) (COPE) إلى مساعدة المحررين والناشرين على التقيُّد بأخلاقيات النشر المُتوقَّعَة من خلال إصدارها إرشادات تساعد محرري المجلات المحكَّمة على اتّخاذ قرار سحب ورقة بحثية منشورة فيما يخص أيّ من الحالات الآتية:
1- في حال أن هناك دليلٌ واضحٌ على عدم موثوقية النّتائج، وورود إمّا نتيجةً لخطأ كبير -خطأ في التّقدير أو خطأ في أثناء إجراء الباحث للتّجربة- ، أو تزييف -البيانات- أو تزوير -التلاعب بالصورة- .
2- في حال السرقة الأدبية (الانتحال) Plagiarism.
3- نشر نتائج سابقة في مكانٍ آخر دون إسناد صحيح إلى المصادر السابقة أو توضيح ذلك للمحرر أو الإذن بإعادة النشر أو التفسير (تكرار المنشورات).
4- في حال تضمّنها مواد أو بيانات لم تحصل على تصريح للاستخدام.
5- انتهاك حقوق الطبع والنشر Copyright أو عند وجود مشكلة قانونية خطيرة أخرى (مثل التشهير وانتهاك الخصوصية).
6- عند انتهاك الأبحاث للمعايير الأخلاقية للبحث العلمي.
7- نشر الورقة البحثية اعتمادًا على عملية مراجعة أقران مُخترَقة أو مُتلاعَب بها.
8- فشل مؤلِّفي الأوراق البحثية في الكشف عن تضارب مصالح conflict of interest أساسية أثّرت -من وجهة نظر المحرِّر- سلبًا في تفسير نتائج البحث أو توصيات المراجعين Reviewers والمحرّرين (2).
ويتميز إشعار سحب الورقة البحثية بالسّمات الآتية:
1- يكون مُرفقًا بالورقة البحثية المسحوبة في كل إصداراتها الإلكترونية -ما أمكن ذلك- .
2- يحدد الورقة البحثية المسحوبة بوضوح، إما من خلال تضمين عنوانها ومؤلّفيها في عنوان السحب أو الاستشهاد بالورقة المسحوبة.
3- تحدَّد حالة الورقة البحثية بوضوح بحالة " تراجع retraction" وتُميَّز عن الأوراق الأخرى من التّصحيح أو التّعليق.
4- يُنشر إشعار السحب على الفور لتقليل الضرر، ويمكن أن يصل إليه جميع القُرَّاء مجانًا.
5- يُذكَر اسم الشخص الذي سحب الورقة البحثية وأسباب سحبه.
6- يكتب بأسلوب موضوعي منطقي غير تحريضي (2).
مثال: عند سحب ورقة بحثية منشورة في إحدى المجلات المحكمة لدار النشر Elsevier؛ تُتبع الخطوات الآتية:
1- تُنشَر ملاحظة للإشارة إلى سحب الورقة البحثية بعنوان "سحب: (عنوان الورقة)"، وموقَّعة من المؤلفين و / أو المحرر في عدد من المجلة، مع إدراج رابط الورقة الإلكتروني في النسخة الإلكترونية من المجلة.
2- عند وجود نسخة إلكترونية للورقة البحثية، تظهر إشارة تسبق الورقة وتتضمن ملاحظة السحب.
3- تبقى الورقة أو المقالة الأصلية دون تغيير، باستثناء كونها ممهورة بعلامة مائية على أي نسخة PDF تشير إلى أن الورقة قد "سُحبَت".
4- تُزال أيّ نسخة HTML من الورقة (1).
هل يمكن الاستشهاد بالمقالات المسحوبة؟
نعم يمكن الاستشهاد بالأوراق البحثية المسحوبة شرط الإشارة إلى سحبها. لكن يُفضّل -عمومًا- عدم الاستشهاد بورقة بحثية مسحوبة (1).
وجديرٌ ذكرهُ أنّه لا يُفضّل لِمحرري المجلات المُحكَّمة سحب أوراقهم البحثية - وفقاً ل COPE - في الحالات الآتية:
- عند الاختلاف بين المؤلفين بسبب التّأليف، لكن ليس هناك سبب للشك في صحة النتائج.
- موثوقيّة النتائج الرّئيسة للورقة البحثية وإمكانيّة تصحيح ومعالجة الأخطاء أو النقاط الغامضة.
- في حال أن هناك أدلّة غير كافية للمحرِّر لدعم خَيار السحب، أو في حال انتظاره لتفاصيل ومعلومات إضافية -كالتحقيقات المؤسساتية مثلاً-.
- عند الإبلاغ عن تضارب مصالح -لدى مؤلفي الورقة البحثية- في المجلة بعد النشر، لكنّها لم تكن مؤثّرة في تفسير نتائج البحث أو توصياته أو استنتاجاته -من وجهة نظر المحرر- (2).
ولا بدّ من التنبيه إلى أن تضاعُف عدد الأوراق البحثية المسحوبة خلال السنوات الماضية قد يكون ناجمًا عن زيادة عدد الأوراق البحثية المنشورة سنويًا؛ إذ تضاعَف العدد الإجمالي للأوراق العلميّة المنشورة سنويًا من عام 2003 إلى عام 2016، أو تطوير دُور النشر لسياسات محرريها التي ساهمت في كشف عديد من الحالات التي تستوجب السحب (3).
أدّت الزيادة الكبيرة في عمليات السحب إلى دعوة عديد من المراقبين الناشرين والمحررين إلى بذل جهود أكبر لكشف الخلل في بعض الأوراق البحثية، وساعد الاهتمام أيضًا على تحفيز جهد اثنين من الباحثين ليؤسِّسا مدوّنة Retraction Watch (3,4) في مدينة نيويورك بهدف الحصول على مزيد من المعلومات حول عدد الأوراق العلمية المسحوبة وأسباب سحبها. فقد بدأوا في تجميع قائمة من عمليات السحب، وأُصدِرت هذه القائمة الرسمية لاحقًا بوصفها قاعدة بيانات قابلة للبحث، وتُعدُّ الآن الأكبر من نوعها وأكثرها شمولًا. إذ تتضمن أكثر من 18000 ورقة مسحوبة وملخصات لمؤتمرات يعود تاريخ نشرها إلى السبعينات من القرن العشرين (3).
لكن على الرغم من تزايد العدد المطلق لعمليات السحب السنوية، فإنَّ معدل الزيادة قد تباطأ، إذ تضمّنت اثنين فقط من كل 10000 بحث، مع الإشارة إلى وجود أوراق مسحوبة لم تُسجل في قاعدة Retraction
Watch(3).
المصادر:
1. Paper Retraction: Meaning and Main Reasons | Elsevier Author Services [Internet]. Elsevier Author Services [cited 2022 Jul 29]. Available from: هنا